وضعت السلطات العمومية في مدينة طنجة حدا لمسلسل البناء العشوائي الذي عرفته أحياء هامشية في مقاطعة بني مكادة، بعدما تدخلت لوقف أعمال البناء العشوائي في الأراضي الجماعية والمقابر والطرقات العامة، وعمدت إلى هدم عدد من الأساسات والبنايات التي شُيِّدت في وقت قياسي. وذكرت مصادر مطلعة أن موجة الترامي على الأملاك العامة انطلقت إثر انتشار خبر كاذب مفاده أن الولاية سمحت لكل من يجد أرضا فارغة بالبناء فيها وأن الرخص لم تعد «ضرورية» من أجل مباشرة عمليات البناء، ما دفع الكثيرين إلى احتلال أراض مخصصة للطرق العمومية والمقابر والمدارس والمساجد، وشرع بعضهم في تشييد منازل فيها.. وأضافت المصادر ذاتها أن «الأصل في القرار، الذي اتخذته الولاية بالتشاور مع الوكالة الحضرية لطنجة، يقضي بتوسيع المدار الحضري وباعتماد مسطرة مبسطة لاستخلاص رخص البناء في القطع الأرضية الخاصة، التي يرغب أصحابها في البناء. غير أنها فوجئت بالاستيلاء على العقارات الجماعية والبناء في مجاري مائية وفي أراض متنازَع عليها، فاضطرت للتدخل بشكل «غير عنيف» لوقف هذه الأعمال غير القانونية. من جانبه، وصف محمد الحمامي، رئيس بني مكادة، ما يحصل داخل تراب المقاطعة ب»السيبة» واتهم منتخبين جماعيين، من الأغلبية والمعارضة على السواء، بتحريض المواطنين على البناء خارج إطار القانون، في أحياء (العوامة والزويتينة وبوحوت وظهر القنفوذ والودراسي). وأضاف الحمامي، ن «هناك سماسرة ينصبون على الناس ويبيعونهم أراضي الجموع التي احتلوها بالسيوف مقابل مبلغ 100 درهم للمتر المربع وأن العدد الأكبر من هؤلاء قادمون من مدن بعيدة ولا علاقة لهم بمدينة طنجة أو بمقاطعة بني مكادة».. ونفى الحمامي أن يكون قد أعطى أي ترخيص لأحد من أجل البناء العشوائي، مؤكدا أن الرخص أصبحت تعطى لمن يتبع الإجراءات القانونية في ظرف لا يتعدى 24 ساعة، بفضل المسطرة الاستثنائية التي اعتمدتها اللجنة التي شكلها الوالي لهذا الغرض. وطالب الحمامي السلطات بالتدخل بشكل فوري وعاجل من أجل وضع حد لهذا «الاكتساح غير المسبوق» والذي طال أراضي تقع في طريق سكة الحديد المخصصة لمرور القطار فائق السرعة (TGV). من جهة ثانية، نظم عدد من المواطنين وقفة احتجاجية ضد ما قالوا إنه «حرمان لهم من الحصول على مسكن»، بعدما منعتهم قوات الشرطة والقوات المساعدة، التي تواجدت منذ ساعة مبكرة من صباح الخميس، يتقدمها والي أمن طنجة عبد الرحيم أوهاشي، (منعتهم) من الاستمرار في احتلال أراض تابعة للدولة. وأفاد شهود عيان أن نشطاء من حركة 20 فبراير في طنجة تصدروا الاحتجاجات وهتفوا بشعارات ضد القوات العمومية من قبيل «الله، الله على دُولة، المفاهيم فيها حُولة». وليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيها مدينة طنجة حالات احتلال جماعي لأراضي الدولة، فقد عرفت محطات تاريخية سابقة إنشاء عدد من الأحياء العشوائية من خلال احتلال أراضي الجموع ومباشرة البناء فيها، ومن أشهر تلك الحالات حي بني ورياغل، المعروف شعبيا ب»حومة صدام»، والذي تم تشييده خلال حرب الخليج الثانية، إبان الاجتياح العراقي للكويت في مطلع تسعينيات القرن الماضي، وسميت باسم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. ومن بين تلك الأحياء، أيضا، حومة بنصالح، التي أخذت اسم أحد السياسيين السابقين في مدينة طنجة، والذي حرّض المواطنين خلال حملته الانتخابية في منتصف التسعينيات على احتلال مساحة أرضية تابعة للدولة والبناء فيها ومواجهة أي تدخل للسلطات العمومية بشعار «عاش الملك»، وهو ما أدى إلى ظهور هذا الحي الصفيحي. ويعد ملف التعمير واحدا من المشاكل العويصة التي تعرفها مدينة طنجة، والتي لم يستطع المسؤولون المتعاقبون عليها إيجاد حل جذري لها إلى حد الآن وتعرف، بين الفينة والأخرى، تفجر فضائح وخروقات قانونية.