من المؤكد أن مسألة تشجيع وتعويد الطفل على القراءة تعد من الأمور المعقدة في حياة الأسر والمجتمعات. ويرتبط هذا التعقيد بطبيعة العلاقة التواصلية بين الكبار والصغار. وعندما نتكلم على التواصل نعني بذلك توفير شروط بعث الرسائل التربوية إلى الأطفال وتفهمها من خلال آليتي النقاش والحوار بين أولياء الأمور وفلذة أكبادهم. فالآباء والأمهات مطالبون بالتركيز على فهم أمزجة ورغبات وحاجات أبنائهم، والرفع من مستوى هذا الفهم والتفهم إلى درجة تخول لهم إمكانيات وهوامش فعل واسعة من أجل تحقيق الانضباط الذاتي للطفل، انضباط يحول الكتاب إلى صديق دائم له في سن مبكرة، ويفتح له عينيه على الدنيا من خلال تقوية صلة روحية بينه وبين الكتاب، وبالتالي تحقيق الغاية التربوية السامية التي تجعل من تغذية العقول السبيل الوحيد الذي يمكن الفرد في المجتمع من أن يحيا الحياة كما ينبغي أن يحياها استقامة وفاعلية وعطاء. من أجل تحقيق الأهداف السالفة الذكر، هناك عدة أساليب وآليات ووسائل لتشجيع الطفل على القراءة، وتقوية العلاقات العاطفية والتواصلية بين أفراد الأسرة. ومن ضمن أهمها نذكر ما يلي : - يجب أن يلاحظ الطفل باستمرار أن أمه وأباه يعطيان اهتماما كبيرا للقراءة ولمن يقرأ. - ضرورة جعل اختيار الكتب من حق الذي سيقرؤها (الطفل). وفي هذا الصدد، أكدت التجارب أن فرض نوعية من الكتب من طرف الآباء على الأطفال لا يؤدي إلا إلى نتائج مخيبة للآمال. إن توفير شرط الفهم والانجذاب في القراءة عند الطفل أساسي جدا. - دعوة الأسر داخل المجتمع إلى جعل الكتاب الهدية المفضلة للأطفال في كل المناسبات والحفلات (القران، الأعراس، مباركة سكنى، مباركة توظيف، عيد الميلاد، الأعياد الدينية،....). - تبدأ عملية تعويد الطفل على القراءة بمطالبته بقلب صفحات الكتاب أو القصة التي يقرأها أبوه أو أمه جهرا، وإشراكه بالتدريج في التعقيب والتفسير. لقد تأكد من خلال التجارب أن لهذه الآلية تأثيرا كبيرا على الطفل حيث تمكنه من تغذية عقله، وتنمي مهاراته الإدراكية، وتنمي التفكير الايجابي لديه. وفي نفس السياق، يؤكد الأخصائيون أن القراءة الجهرية تحفز الّأطفال بقوة على الدراسة، وترسخ فيهم حب التعلم، وحين تتخللها دردشة مشوقة وتوضيحات فإن فائدتها تصبح أعظم. وبعد تكرار هذه الممارسة لعدة مرات، وبعد تأكد أولياء الأمور من تعود الطفل على القراءة إلى درجة تصبح سلوكا يوميا، يجب بدء عملية تدريبه على القراءة الصامتة حتى يستقل بالاستمتاع بنشاط القراءة. - للحيلولة دون الوقوع في حالة تغليب الميول الفطري إلى الرتابة والارتياح إلى تكرار الأشياء عند الطفل، وجب على الوالدين (الأب والأم) أن يقرؤوا له على نحو يومي ولو لمدة عشر دقائق. وقد تأكد علميا أن هذا الأسلوب يؤدي إلى توثيق الصلة بين الطفل والكتاب ومن يقرأ له. من الأفضل في هذا الصدد أن يبذل الآباء والأمهات المجهودات المطلوبة من أجل تمكين فلذات أكبادهم يوميا من أخذ حقهم من المرح واللعب، وأن يقرؤوا شيئا جميلا يحبونه، ومن الأفضل أن تكون هذه القراءة تمارس في جلسة عائلية تكون جذابة وممتعة. ويمكن أن تستمر عملية القراءة للطفل إلى حدود الحادية عشرة من عمره. - لا ينصح بممارسة الإكراه في حمل الطفل على التثقف لأن ذلك لا ينفعه بتاتا، بل ينفره من أهله ومن الكتاب معا. أهم وسيلة هي جعل الأطفال ينجذبون للقراءة بدون ضغط ولا إكراه ولا تهديد ولا وعيد. الأهم في هذه النقطة بالذات هو أن يفهم الطفل أن فعل القراءة هو فرع من حب الإنسان للمعرفة وانجذابه للكتاب. وهذا لا يمكن تحقيقه أسريا إلا من خلال التشجيع الذكي والحكيم والمشوق وإظهار الابتهاج بما يفعله الطفل، والاحتفال به، والاستماع إليه وهو يقرأ بدون أن نقاطعه من أجل تصحيح الأخطاء (تصحيح الأخطاء يجب أن يتم بذكاء وبطريقة فنية في أوقات مناسبة). - لا يجب أن يطلب الكبار من الصغار القيام ببعض الخدمات وهم منهمكون في القراءة أو كتابة واجب. - تشجيع الأطفال على القراءة قبل النوم وذلك بوضع الكتب والقصص الشائقة والخفيفة في جوار أسرتهم حتى يتعود كل واحد منهم تناول الكتاب والقراءة فيه إلى أن ينتابه النوم. · من الأحسن شراء سلاسل الكتب ذات المواضيع والأحداث المرتبطة عوضا عن الكتب المنفردة حتى نرفع من حدة التشويق في القراءة من أول صفحة من الكتاب الأول في السلسلة إلى آخر صفحة في الكتاب الأخير منها. - تعويد الأطفال على الذهاب إلى المكتبات التجارية والعامة ومعارض الكتب، واختيار الكتاب الجيد شكلا ورسوما وألوانا. وهنا أكد أهل الاختصاص أن اختيار الكتب يتم على أساس العناصر الأساسية التالية: الغلاف، المقدمة، الخاتمة، المحتوى والفهرس. في الغلاف نقرأ العنوان، واسم المؤلف، واسم الناشر، وتاريخ النشر. ومن المفيد بعد ذلك قراءة المقدمة وشيء من محتوى الكتاب، وشيء من عناوينه الداخلية حتى نكون نظرة على مستوى معالجة المؤلف للقضايا التي يتحدث عنها. ولتأهيل الأطفال على اختيار الجودة، وجب تدريبهم على اختيار الكتب بأنفسهم من خلال شرح هذه الأمور. وعليه، ينصح، في مراحل التكوين في مجال الاختيار تحت إكراه ضمان الجودة، بإشراك الطفل في عملية الشراء من خلال دفعه بالتدريج إلى البرهنة على مدى تقدمه في احترام محددات الجودة والتي لا يمكن أن تتحقق إلا من خلاله دفعه باستمرار إلى تصفح الكتب ولو لمدة خمس دقائق بالنسبة لكل كتاب أو قصة أو حكاية (حسب السن). فما ينجذب إليه يمكن أن يكون من بين الكتب الجيدة، ويمكن أن لا يكون، أما إذا لم ينجذب بتاتا فلن تكون هناك فائدة من شرائه ولو كان الكتاب في نظرنا جيدا (تربية الذوق وتقييم الجودة عملية تربوية تكتسب بالتراكم). ومن ضمن الآليات السالفة الذكر، يعد الحكي في السن المبكرة من الوسائل الجيدة التي اخترعها الوعي البشري للتواصل مع الطفل وتوجيهه وتعريفه على نفسه والعالم من حوله. اعتماد الحكي في التربية على القراءة يعد وسيلة للتقليل من سيطرة التلفاز والألعاب الالكترونية والإنترنيت على وعي الطفل وواقعه. بالحكي يتمتع الطفل ويتسلى ويملأ وقته، وتتقوى الروابط بين جميع أفراد أسرته، ويتقوى الجانب العقلي والانفعالي لديه، وتثرى خبراته، وتترسخ القيم والمبادئ الإنسانية في نفسه. ومن أجل إضفاء خاصية الشمولية في اكتساب المعارف عبر الحكي، وجب تنويع الحكايات لتشمل التعرف على البيئة (حكايات تمكن الطفل من الاطمئنان وتقوية مستوى خبرته بالبيئة المحيطة به : الألوان، تتابع الليل والنهار، سقوط المطر، ظهور قوس قزح، دور الشمس والماء والهواء في حياة النبات والإنسان والحيوان، الحشرات، الظلام، الأصوات، الأشكال الغريبة وغير المألوفة،....)، وبناء القيم والمبادئ (حكايات تهدف إلى غرس جميع القيم والأخلاق السامية في نفسية الطفل بدون اللجوء إلى الوعظ المباشر واللوم والتوبيخ : الأمانة، الصدق، الوفاء، الرحمة، التسامح، العفو، الجدية، الاستقامة، التوكل على الله،....)، وتنمية الوعي والمنطق السليم (التربية على العقلانية)، وتنمية الحس الاجتماعي (تنمية المعاني التي تساعد الأطفال على تفهم الآخرين والتعاطف والتعاون معهم). ونظرا لأهمية الحكي في العملية التربوية على القراءة، ركز المختصون كثيرا على أهمية الحكاية ما قبل النوم. إنها الوسيلة الناجعة لتجنب الجدل مع الأطفال حتى يذهبوا إلى أسرتهم للخلود إلى النوم (جدل مزعج ومؤذي للجميع)، وتحقيق هدف تسليتهم وإسعادهم وتوجيههم والارتقاء بهم. بالحكي قبل النوم، تتوفر شروط تهدئة الخواطر بعد يوم من تفاعل تربوي مستمر للوالدين مع الأطفال (مقاومة الأوامر (أوامر لا تطاع)، القيام بتصرفات تثير الغضب،....). بالحكي قبل النوم، يفتح كذلك المجال لتندية المشاعر، وتحقيق الاندماج والتفاعل بين أفراد الأسرة جميعا. إن حكاية ما قبل النوم تجعل الطفل يشعر بالحنان والأمان والمساندة، وهذا يقوي المناعة لديه، وينظم الهرمونات داخل جسمه، فينمو بصورة طبيعية وجيدة. ولتحقيق الأهداف التربوية المتوخاة من الحكي، لا بد من استحضار بعض الضوابط والخاصيات التي يجب أن تتوفر في الحكاية، والتي نذكر منها: - يجب أن تكون الحكاية مناسبة لسن الطفل: على سبيل المثال، بالنسبة لطفل عمره ثلاث سنوات، لا يجب أن تتجاوز عملية الحكي ثلاث دقائق، وأن لا يتجاوز عدد الأشخاص الذين تدور حولهم الحكاية شخصان. بالنسبة لطفل عمره خمس سنوات، لا يجب أن تتجاوز عملية الحكي خمسة دقائق، وأن لا يتجاوز عدد الأشخاص الذين تدور حولهم الحكاية ثلاث أو أربعة. بالنسبة لطفل عمره إحدى عشرة سنة ، قد تصل عملية الحكي إلى خمسة عشرة دقيقة، ويمكن أن يكون عدد الأشخاص الذين تدور حولهم الحكاية ستة أو سبعة. وكلما كان سن الطفل أكبر، كلما أمكن لأولياء الأمور أن يختاروا له حكايات أطول وأعقد في حبكتها الفنية. وكلما صغر كان من الأفضل أن تكون كلمات الكتب أو القصص كبيرة وواضحة (حروف بارزة) مع ضرورة ترك مساحات فارغة بين مقاطع الصفحة الواحدة كمحطات استراحة للطفل. أيضا، كلما صغر سن الطفل، كان من المهم جعل كلمات الصفحة قليلة وجعل معظم مساحاتها مملوءة بالصور الجميلة والملونة. المهم من توفير هذه الشروط هو أن يقرأ الصغار برغبة وحب وإلا فلن يتحقق المقصود. - الحكاية يجب أن تكون بسيطة: أي لا تعقيد فيها ولا عمق ولا توسع في الاستطراد أو زيادة في الحشو، والإكثار من الجمل المعترضة، والأحداث العارضة. · مواضيع الحكايات يجب أن تكون ذات رسائل تربوية: ينصح المختصون في هذا الشأن بوحدة الموضوع ومحدودية الرسائل في الحكاية الواحدة. ومن المواضيع ذات الرسائل التربوية المؤثرة نذكر الصدق، والشجاعة، والقوة، والتواضع، والمروءة، وعواقب إيذاء الآخرين، والأم العطوف، والابنة الوفية، والأخت المشفقة، والجار وحسن الحوار، ورئيس الدولة العادل، والمدرس المجد، والتلميذ المجتهد، والتاجر الجشع، والثعلب الماكر، والأرنب الأكول،....إلخ. ومن خلال هذه المواضيع، يتمكن الطفل من استقبال العديد من الرسائل الضرورية لتكوين شخصيته وذاته. ومن ضمن الرسائل المهمة نذكر على سبيل المثال: التعرف على الطبيعة وملاحظة جمال الخلق ومعنى جمال الخالق، وحث الأهل والمعلمين على تجنب تخويف الأطفال وترويعهم بتفسير سطحي للدين، وتعليم الطفل قيمة حب العمل والتفاني فيه، وتعلم الطفل الصبر في العمل والإصرار والتغلب على صعوبات الواجبات المدرسية، وتعلم قيم المشاركة والتعاون مع الآخرين والبعد عن الانعزال والوحدة، وتعلم قيم التسامح ونبذ العنف، واعتماد الحوار والنقاش من أجل حل مشكلات الحياة،....إلخ. - الحكاية يجب أن تكون مؤثرة ومشوقة ومحركة للخيال والتخيل: أي يجب ختمها بنهاية سعيدة لبطلها أو أبطالها ينتصر فيها الحق على الباطل، والخير على الشر، ويعطف فيها القوي على الضعيف، ويتراجع فيها الظالم على ظلمه والمستبد على استبداده، ويتوب فيها المخطئ،.... بالخواتم الجميلة والإنسانية ينام الطفل هادئا ومريحا ويشعر بالسعادة والأمان. كما ينصح أن تكون الخواتم مفاجئة للأطفال بغموضها وإثارتها للتساؤلات والتأويلات الذهنية عندهم، وتحرك ذهنهم وتدفعهم إلى التخيل والتفكر والتساؤل والتأمل وحب الاستطلاع والفضول للمعرفة والتعلم. · عدم التركيز على شخصية بصفة واحدة ويسدل الستار على باقي الصفات: الحكاية الموضوعية هي التي تعبر على الواقعية في إبراز صفات شخصياتها. الحكايات التي يجب اختيارها يجب أن تلمح وتصرح وتبرز بجلاء بأن لدى بني الإنسان جميعا ألوانا من الخير والشر والصواب والخطأ، وأن ليس هناك أشخاصا هم كتلة صافية من الخير والنقاء والفضيلة، وأن ليس هناك أشخاصا هم كتلة من الشر والرذيلة، بل يجب إبراز أن هناك من بني البشر الذي يغلب عليه جانب الخير كما يغلب على البعض الآخر جانب من الشر. - لا يجب أن تكون الرسائل المنبعثة من الحكاية ترمي إلى ترسيخ التواكل والتطويع على الطاعة العمياء والخضوع وعدم التمييز بين الحقوق والواجبات. · قراءة الحكايات للأطفال قبل مرحلة تعلمهم للقراءة والكتابة باللهجة اليومية: من أجل تقوية التواصل مع الطفل يجب على الكبار قراءة الحكايات لأنفسهم باللغة الفصحى قبل حكيها له بلهجة الحياة اليومية. ويمكن حكي القصة الواحدة أكثر من مرة، ويمكن للراوي أن يضيف وأن يختزل، وأن يحور أيضا حسب خيال الطفل وحسب قدراته. بهذا تصبح العلاقة إيجابية بين الحكاية برسومها، والطفل والراوي. - من غير المحبب تفسير الحكاية للطفل في دروس تلقينية، بل يستحب مساعدة الطفل لكي يصل بنفسه إلى أهداف العمل. فلا يجب مساءلة الأطفال عن ما استفادوه من الحكاية وكأن الأمر يتعلق بجلسة أداء اختبار شفوي أمام معلم صارم. لكل قصة أو حكاية هدف أو أهداف لا تروى للطفل بشكل مباشر تلقيني وإملائي، بل هي تتخفى وراء الأحداث والألوان والأشكال لكي تغور في وجدان الطفل، تعود إليه، وتراوده في طفولته، بل في مراحل عمره كلها حيث تكون وراء تعلمه الكثير من الحقائق وتثير لديه فضيلة التأمل وإعمال الفكر والملاحظة، وتفتح عينيه على مواطن الجمال في الطبيعة عن طريق رسوم بأعلى القيم الفنية. - يحب الاحتفاظ بالحكايات والقصص في مكتبة الطفل حتى يصل إلى سن القراءة، حينئذ يستطيع قراءة نصوصها باللغة الفصحى، وتكتمل الاستفادة. خاتمة: لقد أكدت التجارب أن ما نقرؤه للأطفال وما يقرؤونه بأنفسهم من كتب وقصص وحكايات منتقاة بعناية لا يقل أهمية عن المجهودات التربوية التوجيهية المبذولة من طرف أولياء الأمور. أكثر من ذلك، تكوين ألفة قوية بين الطفل والكتاب هو أهم بكثير من المعلومات التي نلقنه إياها. بالطبع، إن الحديث عن مسؤولية الأسرة في موضوع تربية الأطفال على القراءة لا يعفى المدرسة من مسؤوليتها اتجاه تردي الأوضاع التربوية والتعليمية. ففي بلادنا، كنموذج، تبين أن تبادل الاتهامات ما بين أرباب الأسر والفاعلين بالمدرسة العمومية الوطنية لا منفعة منه. فالأسرة هي المسؤول الأول عن تحبيب القراءة إلى الطفل (ما قبل سن السادسة)، كما على المدرسة والمؤسسات الوصية على قطاع التربية والتعليم، بطاقميهما التربوي والإشرافي والتدبيري، أن يستثمرا كل الوسائل المتاحة من أجل تقوية الروابط بين الأسرة والمدرسة (عبر المجالس المؤسساتية لهذه الأخيرة)، كأساس لتقليص الهوة بين الطفل والكتاب. وأكدت التجارب في هذا المجال أن نجاح المؤسسات التربوية وفضاءات التنشئة المختلفة داخل الدولة والمجتمع في أداء وظيفتها التربوية والتعليمية يبقى مرهونا إلى حد بعيد بمدى توفر الإرادة السياسية للارتقاء بالمنظومة التربوية والتعليمية إلى المستويات المطلوبة، ارتقاء تتقلص من خلاله الهوة الكبيرة ما بين الطفل والكتاب، ويساهم بالملموس والفاعلية المطلوبة في محو الأمية التربوية، ونشر الثقافة التربوية السليمة. لقد حان الوقت، بالنسبة لبلادنا، للاستثمار جديا في تحقيق المدرسة الوطنية المواطنة النموذجية ذات القدرة على تفجير الميول الفطري للأطفال إلى القراءة. وبعبارة أخرى، لقد حان الوقت لتغيير أسلوب التعليم في المدارس وإخضاعه لمنطق تربوي وتعليمي يتجاوز أسلوب الحفظ والتلقين والخطابة أثناء العملية التعليمية والتربوية. إنه السبيل الوحيد لتجاوز ما نعيشه من مواقف عند الأطفال والشباب اتجاه العرض التعليمي، مواقف رافضة معبرة عن الشعور بالضغط على النفس والملل والسأم والعداوة للكتب الدراسية والمواد المقررة (تكريس الشعور وكأن القراءة عقوبة). المطلوب اليوم هو تحويل المدرسة إلى فضاء للتثقيف والتثقف والإنتاج وإعادة الإنتاج وتحقيق السواء النفسي والصلاح والصحة النفسية من خلال اعتماد أساليب تربوية وتعليمية جديدة تنبني على الحوار والتطبيق والبحث وتعزيز الجانب العملي، وترسيخ الاجتهاد والتعب في تحصيل المعلومة، والمشاركة في عملية اكتسابها بكل استقلالية والشعور بلذة اكتشافها.