جمعية صُنّاع الأمل بالعرائش تنظم ندوة بعنوان "الشباب والمشاركة المحلية: الإسهام في قضايا التنمية"    بحضور أخنوش.. ماكرون يدشن المعرض الدولي للفلاحة بباريس    بحضور أخنوش.. الرئيس الفرنسي يدشن المعرض الدولي للفلاحة بباريس الذي يحتفي بالمغرب كضيف شرف    سيناريوهات ما بعد هزيمة العرب وأمريكا في أوكرانيا    الكوكب المراكشي يبحث عن تعزيز موقعه في الصدارة عبر بوابة خريبكة ورجاء بني ملال يتربص به    إحباط محاولة تهريب مفرقعات وشهب نارية بميناء طنجة المتوسط    حريق مهول بسوق بني مكادة يتسبب في خسائر مادية جسيمة    مراكش: فتح بحث قضائي في حق عميد شرطة متورط في قضية ابتزاز ورشوة    بين العربية والأمازيغية: سعيدة شرف تقدم 'الواد الواد' بحلة جديدة    السحب تحبط تعامد أشعة الشمس على وجه رمسيس الثاني    استشفاء "بابا الفاتيكان" يثير القلق    باشا الرشيدية يرفض تمكين "البيجيدي" من قاعة عمومية تفاديا لتسخير أدوات الدولة "لأغراض انتخابوية"    استثمار "بوينغ" يتسع في المغرب    "العدل والإحسان" تدعو لوقفة بفاس احتجاجا على استمرار تشميع بيت أحد أعضاءها منذ 6 سنوات    "قضاة المغرب" يستنكرون تهكم وهبي ويرفضون خرق واجب التحفظ    إسرائيل تتسلم رهينتين من حماس    متابعة الرابور "حليوة" في حالة سراح    الصحراء المغربية.. منتدى "الفوبريل" بالهندوراس يؤكد دعمه لحل سلمي ونهائي يحترم سيادة المغرب ووحدته الترابية    تحقيق في رومانيا بعد اعتداء عنيف على طالب مغربي وصديقته    توقعات أحوال الطقس لليوم السبت    إطلاق "كازا تراث"… منصة مخصصة لاكتشاف تراث المدينة    المداخيل الضريبية ترتفع بنسبة 24,6 % عند متم يناير 2025    فيديو عن وصول الملك محمد السادس إلى مدينة المضيق    مشروع قرار أمريكي بشأن أوكرانيا يثير الجدل في الأمم المتحدة    كيوسك السبت | المغرب الأول إفريقيا وال 16 عالميا في أساسيات مزاولة الأعمال    الصين تطلق أول نموذج كبير للذكاء الاصطناعي مخصص للأمراض النادرة    المغرب يطلق أول رحلة جوية خالية من الكربون نحو أوروبا بوقود طيران مستدام    قرعة دوري أبطال أوروبا.. ديربي مدريدي وقمتان ناريتان    النصيري يدخل التاريخ مع فنربخشة التركي    إدارة الرجاء توجه رسالة إلى جمهورها قبل مباراة الكلاسيكو    بلاغ هام من الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء    القوة الناعمة.. المغرب يحافظ على مكانته العالمية ويكرس تفوقه على الدول المغاربية    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    دراسة: هذه أفضل 4 أطعمة لأمعائك ودماغك    هل نبدأ في فقدان شبابنا بعد الخامسة والثلاثين؟    رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    تقدم في التحقيقات: اكتشاف المخرج الرئيسي لنفق التهريب بين المغرب وسبتة    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    لجنة تتفقد المناخ المدرسي ببني ملال    فوز صعب ل"الماص" على المحمدية    المنتخب النسوي يفوز وديا على غانا    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    ارتفاع المداخيل الضريبية بنسبة 24,6 في المائة عند متم يناير 2025    من العاصمة .. الإعلام ومسؤوليته في مواجهة الإرهاب    محكمة بالدار البيضاء تتابع الرابور "حليوة" في حالة سراح    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس.. تكريم استثنائي لرائد إقليمي في الفلاحة الذكية والمستدامة    روايات نجيب محفوظ.. تشريح شرائح اجتماعيّة من قاع المدينة    حوار مع "شات جيبيتي" .. هل تكون قرطبة الأرجنتينية هي الأصل؟    سفيان بوفال وقع على لقاء رائع ضد اياكس امستردام    طه المنصوري رئيس العصبة الوطنية للكرة المتنوعة والإسباني غوميز يطلقان من مالقا أول نسخة لكأس أبطال المغرب وإسبانيا في الكرة الشاطئية    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب.. أمة لا تقرا!
نشر في أسيف يوم 20 - 11 - 2007

عرف الإنسان القراءة والكتابة منذ آلاف السنين، وعن طريقهما استطاع الإنسان نقل كل معارفه من جيل إلى آخر. وعبر كل هذه السنين الغابرة، وخلال كل التغيرات والتقلبات التي ظهرت في تاريخ وجغرافيا الأمم، ظلت كتابات الإنسان الأولى المقروءة كل ما بقي من تفكيره الحي! ولولاها لما بقي من الإنسان الأول سوى آثاره الهندسية ومصنوعاته اليدوية من بناء وتماثيل وحلي و..الخ.ولم تكن القراءة والكتابة لتعبر عن حياة أمة وتاريخها فقط، وإلا لكان تدوين ذلك منوطا بأهل الثقافة دون العامة، بل كانت دليلا على تطورها الفكري والثقافي الجماعي والفردي، فمنذ بزوغ أنوار الهداية المحمدية تحت شعار "اقرأ"
والذي خاطب وجدان كل مسلم، تغيّر مفهوم القراءة لكل الإنسانية، فقد عنت القراءة التفقه في الدين والحياة، والتبصر بالطبيعة وبما وراء الطبيعة، وبالبحث والتمحيص وإعمال الفكر والعقل بشكل دائم، فالمؤمن كيّس فطن.وإن كانت نظرة الناس للكتاب والقراءة والمكتبات، قد تغيرت في وقتنا الراهن تحت ضغط ظروف الحياة الصعبة، وارتفاع أسعار الكتب والمطبوعات الأخرى، وأيضا نتيجة لإغراء مباهج الحياة وسلعها الاستهلاكية، وتحت ضغط الفضائيات والإعلام الذي يقتحم حياتنا، إلا أن متنفسا صغيرا يلوح في الأفق يبشر بعودة روح القراءة لحياتنا بفعل الدعاة والمثقفين والعلماء وأصحاب الشأن.في الفترة التي يتجه فيها العالم كله نحو التكنولوجيا وآخر مستجدات العصر الإلكترونية، أخذت مكتبات الوطن العربي أيضا تتجه نحو الحداثة، لا رغبة محضة بالحداثة وإنما حفظا لمصدر رزق أصحابها من الانقطاع، فلم تعد تبيع الكتاب كما يجدر من تسميتها فعله، بل أضافت إليه الأقراص المدمجة "السي دي"، والأشرطة التسجيلية بجميع أشكالها، والدفاتر، والأقلام، والهدايا، ولعب الأطفال، فصاحب المكتبة بحسه التجاري إن لم يفعل ذلك لأغلقت مكتبته أبوابها من أول يوم أو لبقي يقضي أيامه بقراءة كتبه المعروضة على الرفوف قبل أن يلتهمها الغبار!.يقول خالد عبد الحميد صاحب إحدى دور النشر الخاصة بالأطفال: "منذ سنوات كنا نبيع كتب الأطفال، على اختلاف أنواعها سواء كانت قصصا أم كتبا تعليمية، وفي الآونة الأخيرة بدأ الإقبال يشتد على اسطوانات الحاسوب الآلي، حيث تحتوي كل اسطوانة على عدد من البرامج التعليمية، ويُقبل الأهل على شراء الاسطوانات التي تساعد الطفل على تعلم اللغة، أكثر من أي اسطوانات أخرى". أما عزام اللاتي وهو صاحب مكتبة، فقد تخلى عن بيع الكتب لصالح اسطوانات الحاسب الآلي وبرامجه، تمشيا مع تكنولوجيا العصر وتلبية لمتطلباته، يشرح عزام ذلك بقوله: "الأمر مواكبة لعصر التكنولوجيا، فلم يعد يخلو منزل اليوم من الحاسوب الآلي، وأصبحت البرامج التعليمية والدينية والتاريخية، وكذلك الألعاب التي ترفه عن الناس تطبع وتسجل على اسطوانات "سي دي" سهلة الحمل والتخزين، فلم يعد يلتفت الناس اليوم إلى الكتب الثقيلة والتي تتطلب منهم جهدا، كما أصبح الناس اليوم يسعون جاهدين ليتماشوا مع تكنولوجيا العصر ومتطلباته، ويتباهون به، أما من جهة الطفل فقد أصبح "السي دي" كسرا للروتين المتمثل في الكتاب التقليدي الذي يستقي الطفل منه معلوماته كما أنه يمثل له متعة المطالعة المباشرة والاستفادة من خلال البرامج التعليمية التي يعرضها "السي دي"، والمعلومة التي يحصل عليها الطفل من خلال المشاهدة والاستماع وهو ما لا يوجد في الكتاب الذي يعتمد على قراءة المعلومة عبر كلمات مكتوبة وحسب!".بالرغم من تحوّل العديد من المكتبات إلى الشكل التجاري الحديث لها، إلا أن بعضها ظل محافظا على رونقه القديم، احتراما للكتاب وللثقافة بشكلها التقليدي، وتقديرا منها لزبائنها من المثقفين، وإن باتوا قلة، إلا أنهم رواد محببون، يسعى أصحاب المكتبات لزيادتهم، لا بغرض زيادة مبيعاتهم فحسب بل إيمانا منهم بدورهم المهم في نشر الثقافة والمعرفة، كأشخاص محبون للكتب وتصفحها. ولذلك يقف أحمد يوسف، صاحب إحدى دور النشر موقف المدافع عن الكتاب، والمصر على أنه لا يمكن أن يختفي مهما تقدمت وتطورت وسائل التكنولوجيا ويقول: "لدي جميع أنواع الكتب، التعليمية والتثقيفية كذلك الكتب الدينية، والقصص المسلية، وكتب خاصة للأطفال، تنقل للطفل المعلومة بشكل جميل ومبسط وبأسلوب مشوق، وتبدأ بصور ملونة جميلة تجذب الطفل وتدعوه إلى تأملها".وعن نوعية الكتب التي تختارها الأسرة للأطفال يقول أحمد: "يتوقف الأمر على نوع الكتاب الذي تختاره الأسرة، ومستوى ثقافتها، ومدى اهتمامها بالقراءة، وحرصها على زرع هذه الميزة في الطفل، فهناك أسر تترك للطفل حرية اختيار ما يشاء من الكتب وهناك أسر تنصح الطفل بأن يفتح كل كتاب، ومن ثم يختار ما يعجبه أكثر، وهناك نوع آخر من الأسر لا تسمح للطفل إلا باقتناء ما يختاره له، ويتوقف هذا الاختيار على رؤيتهم الخاصة لقدرات الطفل الاستيعابية، وعلى ما يعتقدون أنه يفيده وعلى ما يريدون للطفل أن يتعلمه من أشياء حتى أن هناك أسر تختار القاموس المترجم للطفل، وإن لم يكن سيستفيد منه الآن إلا أنهم يفضلون أن يكون موجودا في المنزل. وفي ذات السياق يتحدث سعيد الرستماني، الذي تضم مكتبته العديد من الكتب: "أدركت دور الطباعة اليوم المنافسة القوية التي يلقاها الكتاب من قبل "السي دي" والحاسب الآلي ووسائل التعليم الحديثة، فأصبحت تسعى إلى تطوير وسائل الطباعة وأساليبها، كما أصبحت تهتم بجودة الورق وبجاذبية المحتوى من حيث الاهتمام بالصور الملونة الجميلة، والأسلوب السلس في تناول الموضوع".وفي نفس الاتجاه يدافع المثقف العربي عن الكتب والمكتبات، عملا بمقولة المفكر ريتشارد ستيل: "تمثل القراءة للدماغ ما تمثله الرياضة للجسم"، فالقراءة بالنسبة لهم تشبه "قهوة الصباح" التي لا يشعر المثقفون بالراحة تسري إلى خلايا جسدهم، إلا بعد ارتشافها.ويرى حسن نجمي، رئيس اتحاد كتاب المغرب السابق، أن الكتب التي صار يدمن قراءتها مرتبطة بمجال البحث الأكاديمي الذي ينجزه، كما أنه يعشق قراءة الروايات في فصل الصيف وترك الكتب الفكرية الدسمة إلى شهر رمضان المبارك الذي تفرض أجواؤه طقوسا خاصة في القراءة، مضيفا: "الكُتاب المحترفون يقرؤون في كل الأزمنة والأمكنة تبعا لمشاريع القراءة التي يخططون لها مسبقا، لكن بعضهم يترك فصل الصيف للقراءات الخفيفة مثل الروايات التي يميل إليها المثقفون من أجل تقوية أسلوب كتابتهم والتلاؤم مع الأجواء الصيفية التي لا تحتمل كثيرا من التفكير". إن كان رواد المكتبات يتناقصون يوما بعد يوم، فهذا ليس ذنبها، فالكتب المفيدة والشيقة في تزايد مطرد، والمثقفون كذلك، ذلك أن المكتبات هي مصدر المعارف كلها سابقا، أما اليوم فيشاطرها في ذلك العديد من المصادر المتنوعة الجذابة، كالإنترنت، والأقراص المدمجة، والفضائيات، وما إلى ذلك.فالمكتبات قامت بدورها على أكمل وجه، وما زالت، ولكن الناس هم الذين اختلفوا في طرق حصولهم على الثقافة والمعرفة، بل إن بعضهم عزف عن المكتبات والكتب وكل مصادر الثقافة، منجذبا لكل ما هو عصري ومسلي، من مشرب ومأكل وملبس، ناسيا أو متناسيا ما تعنيه القراءة للإنسان، وما تقدمه لفكره وعقله من فوائد لا تحصى ولا تعد.تقول الدراسات الحديثة أن نحو 70% مما يتعلمه المرء يرد إليه عن طريق القراءة، ولذلك ينصح الأستاذ زهدي نمر، أخصائي النطق واللغة في مركز راشد لعلاج ورعاية الطفولة بدبي، الناس بإعادة النظر في عزوفهم عن المكتبات والقراءة، ويشدّد على ضرورة تعويد الأطفال منذ الصغر على زيارة المكتبات وتصفح الكتب، فإن اعتاد المرء منذ الصغر على ذلك نشأ مهتما بما عوده عليه أبواه، ويشرح ذلك بقوله: "تنمي القراءة المبكرة لدى الطفل قدراته العقلية وتزيد من درجة ذكائه وفهمه وإدراكه للأمور، ومن خلال تعاملنا مع الأطفال فإننا نجد الفرق جليا بين الطفل الذي يهتم أهله بتعليمه القراءة منذ مراحل نموه المبكرة، إذ تعمل القراءة المبكرة على تنمية الإبداع لدى الطفل، حيث يسعى دائما لإثبات ذاته، ومن خلال القصص التي تقرأها له الأم، تتكون لديه حصيلة من المفردات وتتوسع مداركه الخيالية، فيمكن أن يقوم هو نفسه بتأليف قصة إذا طلبت منه الأم ذلك، مما يساعده على إعمال مخيلته في سبيل رواية قصة مميزة تنال إعجاب واستحسان والديه، وهو ما يعتبر أمر ضروري جدا للطفل حيث يساعده على تنمية وتطوير شخصيته".ولا يكفي أن يكون اهتمام المجتمع بالكتب والقراءة على صعيد العائلة وتدريس ذلك للطفل منذ نعومة أظفاره، بل يجب أن يكون الاهتمام مجتمعيا، وأمميا، حتى تكون لدينا نهضة ثقافية علمية حقيقية، ففي حين تفتخر الولايات المتحدة الأميركية بإنشائها لأكبر وأضخم مكتبة في العالم تمتد على مساحة مئات الكيلومترات، وتحتوي على كتب ومراجع بجميع لغات العالم، لا نجد أن أي من الدول العربية على الصعيد الرسمي تسعى لفعل مشابه، وإن كان هناك العديد من المحاولات الفردية المغمورة الناجحة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.