أكد عبد الجبار عراش, أستاذ بكلية الحقوق بسطات, أن إمكانية الانتقال من التحول السياسي إلى الدمقرطة يفرض أسئلة أخرى، من قبيل هل يمكن اعتبار هذه التجربة الانتخابية مدخلا نحو تحول وتحرر ديمقراطي. هل يمكن اعتبار الاستحقاقات بداية لنهاية التحكم في العملية الانتخابية وفي اللعبة السياسية. فالانتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى ذات جودة وخصوصيات في إطار الانتقال الديمقراطي، تفرض العديد من الأشياء ,ذلك أن الانتقال يمكن أن يكون سلبيا أو إيجابيا, مؤكدا أن الانتقال الديمقراطي لم يلجه المغرب بعد، بل يوجد في مرحلة تحرر. وعدد عراش أوجه الانتقال، من ذلك الانتقال القيمي. فالشعوب العربية والمغاربية تعرف هذا الشعور القيمي، إذ تخلصت من الشعور من الخوف، وأشر إلى أن خصوصيات الانتقال الديمقراطي الذي لم يعرفه المغرب يتضمن الانتقال من نظام سياسي مستبد منغلق إلى نظام آخر، يتضمن مسافة فاصلة بين النظامين، فالانتقال الديمقراطي كما يرى مسلسل طويل لتحقيق التغيير الاجتماعي والسياسي، وإقرار سيادة القانون واستقلاليته، وتحقيق الحريات الفردية والجماعية، متسائلا هل وصلنا الي هذا المستوى. وهل استبدلنا نظاما مستبدا بنظام آخر، مذكرا أن هناك ثلاثة موجات للانتقال. وفي معرض تحليله للربيع العربي، تساءل أيضا عن موقع المغرب من هذه الموجات. واستعرض مفهوم التحول الأفقي الموجه، وهو المتفاوض عليه، مشيرا إلى أن الانتقال الديمقراطي بالمغرب، كان بسبب حصول قناعة ملكية والحركة الوطنية، وأن حركة 20 فبراير أدت بتسريع عملية الاصلاح ومراجعة الدستور. وبخصوص النقطة المتعلقة بالتوافق، قال إنها بدأت منذ التسعينات بين البلاط وبعض الأحزاب. مما أدى إلى مسلسل تطويري تراكمي، وحذر في عرضه من المغالطات المفاهيمية، واعتبار الانتخابات الأخيرة شفافة، بل اعتبرها ارتقت إلى مستوى آخر. سؤال آخر طرحه الأستاذ عراش، هل المغرب عرف انتقالا انتخابيا، ويجيب الجدل كبير، ويمكن القول أن هناك تحسنا في الأداء. إن على مستوى المرشحين والناخبين أو السلطة الراعية. وتساءل أيضا عن مؤشرات الديمقراطية. وهل هناك قياسا للتحول السياسي. من بين ذلك المشاركة، السيادة الشعبية التمثيلية، المسؤولية، الشفافية، القدرة على تدبير الأزمات السياسية والاجتماعية. وفي هذا الباب استشهد بمقولة أحد المنظرين الذي أجاب عن سؤال يتعلق بما هي الديمقراطية ودلالاتها، بالتأكيد على أنها التنافس المفتوح ين القوى على السلطة وفتح المجال بشكل كاف للمشاركة السياسية، والتصويت وتوزيع السلط، وأكد أن حضور الدولة ومكوناتها كان قويا للدفع بالكتلة الناخبة للتصويت، بعكس ما هو حاصل في الدول الديمقراطية، كما طالب بضرورة منح الحق للفئة المقاطعة للتعبير عن موقفها حتى يتشكل وعي سياسي. وبالنسبة للسيادة الشعبية,رأى أنها من أهم المسائل التي يقاس بها مدى توفر شعب معين على الأداء المؤثر لتكوين إرادته الديمقراطية, ملاحظا أن ما كان يجري بالأمس ليس هو الكائن اليوم, متسائلا هل ستسعفنا هذه الأشياء لنقول أن المغرب انتقل إلى المرحلة الثانية. وبخصوص التمثيلية، فهي آلية حتمية إلا أنها لم تكن كاملة، بحكم أننا في إطار التشكل، كما عرج في مداخلته على القوانين التي تنص على المناصفة بالنسبة للنساء وتمثيلية الشباب، كما رصد أن الأحزاب لم تكن محترمة لخطها التحليلي والإيديولوجي لتشكيل الحقل الحزبي، فكان من المنتظر من حزب التقدم والاشتراكية ان يتجه إلى المعارضة في أفق بناء و تنقية المشهد الحزبي. كما حمل المسؤولية كذلك أيضا إلى حزب العدالة والتنمية، الذي كان من المفروض فيه أن يكرس هذه العقلانية والاحترافية في البعد الاستراتيجي لأنه يتبوأ الصدارة. وبالنسبة للشفافية، سجل أنه لم يثبت تورط جهات معينة في استعمال المال، وبالنسبة للقدرة على تدبير الأزمات، قال عبد الجبار عراش أن نسبة المشاركة التي وصلت 45% تشكل تطورا مقارنة مع الانتخابات السابقة، بين الناخب المغربي المشارك أو المقاطع. فالفعل الانتخابي، أبان عن قدرة الناخب المغربي على تدبير الأزمات السياسية ومن ثمة يخلص إلى أن الانتقال من التحرر لا يمكن أن يقتصر على الجانب السياسي والدستوري, بل يقتصر على الجانب السياسي والدستوري والعملية الانتخابية والحقوق الاجتماعية. ولا يمكن اختزال الديمقراطية في إقرار الدستور. بل من خلال الأداء الحكومي، وكذلك مواقف الأحزاب من التفعيل الحقيقي والتأويل الديمقراطي للدستور. ومن ثمة يمكن أن يتم الانتقال إلى الديمقراطية. والتي تبقى رهينة ببتغيير كامل للفاعلين السياسيين والمدنيين.