نظمت جريدة "التجديد" ندوة سياسية حول انتخابات 27 شتنبر 2002 بمقرها يوم الخميس الماضي 3 أكتوبر 2002. وأطر هذه الندوة كل من الأستاذ جامع المعتصم عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية والمدير المركزي للحملة الانتخابية للحزب، والأستاذ محمد يتيم باحث ومحلل سياسي ورئيس تحرير جريدة التجديد وأحد أعضاء مجلس النواب المقبل، والأستاذ خالد السفياني باحث ومحلل سياسي بالإضافة إلى مصطفى الخلفي باحث ومهتم وعضو هيئة تحرير جريدة التجديد. وطبعا ما عاشه المغرب خلال الأسبوعين الأخيرين من تغيرات وما أسفرت عنه الانتخابات من نتائج اختلفت حولها التفسيرات وتعددت التأويلات حتم أن يكون كل ذلك أرضية لهذه الندوة السياسية، وإن كانت المعطيات لم تسوف بعد، وتفاعلات الأحداث السياسية لمغرب ما بعد 72 شتنبر مازالت متواصلة في أفق إفراز خريطة سياسية معينة، يرى البعض أنها لا تعدو أن تكون استمرارا لسابقتها ويرى البعض الآخر أنه من الواجب القطع مع التجربة السابقة.. فإذا في انتظار أن تتضح هذه المعطيات نؤكد كما قال محمد الطوزي أن علم السياسة في المغرب سينتعش وسيتطور بما سيتوفر لديه من معطيات تحتاج إلى تحليل وإلى دراسة. وسيكون أول ما ستناقشه الندوة هو مدى اعتبار يوم 27 شتنبر بما حقق من نتائج مرحلة نحو مسألة الانتقال الديموقراطي ثم مدى التقدم في المسلسل الديموقراطي من خلال ردود الأفعال التي صاحبت هذه النتائج على المستوى الوطني والشعبي من حيث نزاهة عملية الاقتراع أو من حيث ردود الفعل التي جاءت من طرف دول أوروبية أو عربية لها مصالح في المغرب بشكل مباشر مثل أمريكا وفرنسا وألمانيا. ومن القضايا الواجب مناقشتها كنتيجة من نتائج 27 شتنبر 2002 طبيعة المؤسسات السياسية المنبثقة ومدى قدرتها على تحمل المسؤوليات ورفع التحديات: البرلمان، الحكومة المقبلة والتحديات التي تواجههما.. بمعنى هل يمكن أن تنجم عن هذه الخريطة مؤسسات سياسية قوية. وأخيرا ماذا يمكن أن تكسب التجربة السياسية المغربية من خلال اندماج الحركة الإسلامية في حزب العدالة والتنمية وبالتالي في صلب العملية السياسية المغربية، وكيف تؤثر هذه التجربة (اندماج الحركة الإسلامية في الحياة السياسية المغربية) في تجارب حركات إسلامية أخرى على الصعيد العربي الإسلامي مازالت علاقاتها مع السلطة تتميز بنوع من التوتر. ونأسف لغياب الأستاذة بسيمة الحقاوي بسبب المرض المفاجئ الذي ألم بها ومنعها من الحضور لمعرفة رأيها في المشاركة السياسية للمرأة وتوفر البرلمان المغربي على 36 امرأة وهو تحول هام. نقدم الجزء الأول من هذه الندوة على أن نقدم الجزء الثاني غدا. قراءات في نتائج انتخابات 27 شتنبر 2002 بداية كيف يقرأ الأستاذ خالد السفياني نتائج 27 شتنبر 2002؟ انتقادات مبررة وتخوف من مغرب الغد الأستاذ خالد السفياني قد تفاجؤون إذا قلت بأن انتخابات 2002 لم تفرز نتائج انتخابية، طبعا أنا أتفهم موقف كل الفاعلين السياسيين في هذه المرحلة وأتفهم الشروط والظروف التي تمر منها الحياة السياسية المغربية، وبعض الإشكالات التي ربما قد تعطي انطباعا بأن هناك تقدم في الحياة السياسية المغربية، في الواقع ما أشعر به هو العكس، بكل موضوعية وتجرد. كنت أتمنى ككل المغاربة أن تنجح حكومة عبد اارحمان اليوسفي ولو في شيء واحد كما كانت تقول وكما كان يقول الأستاذ عباس الفاسي وهو انتخابات شفافة وديمقراطية تفرز حقيقة الخريطة السياسية، وتفرز واقعا سياسيا جديدا وتعطي أملا في التطور الديمقرطي في المغرب . ما حصل هو أن صنع الخريطة كان محضرا له بكل شفافية ووضوح. مع كامل الأسف . وأخاف أن يكون ما جرى مؤشرا على مستقبل مؤلم بالنسبة لبلدنا، فماذا جرى بالنسبة للعملية الانتخابية؟ أقول ماذا جرى لأن الكثيرين يردون علي وعلى بعض الإخوة الذين لهم وجهة نظر خاصة في ما جرى بأن انظروا كل الجرائد التابعة للأحزاب، خرجت بعناوين البارزة، "اليوم يوم عرس مغربي"، "أول انتخابات نزيهة في المغرب"، "المغرب يحقق انتقالا ديمقراطيا"، إذاً ماذا تريد إلى درجة أن أحدهم وهو نكرة ناكرة ما استطاع أن يرد به علي هو: باسم من يتحدث خالد السفياني ونسي أن المواطن المغربي في إمكانه أن يتحدث وأن يعبر عن رأيه، رغم كل ذلك، بهذه الأسباب أنا مضطر أن أعطي وجهة نظري في ما جرى. وبكل حسرة وألم، لأنني بكل صدق كنت أتمنى أن تنجح حكومة عبد الرحمان اليوسفي في هذه التجربة لأن الأمر لا يتعلق بخلافات سياسية أو عقائدية أو غيرها، الأمر يتعلق أولا وأخيرا بمستقبل المغرب. ما جرى هو أنه في اعتقادي كان هناك قرار للاستمرار في نفس النمط الذي صارت عليه الأشياء طيلة أربعين سنة في المغرب، وتقرر أن يختلف عن المراحل السابقة في بعض المظاهر الشكلية التي سوف توحي بأن هناك تغييرا ما، وأيضا في ما سيعلن عنه في جرائد الأحزاب السياسية التي شاركت أو التي قبلت ربما أوالتي تواطأت للوصول إلى هذه النتائج ، ومن ذلك كانت لوائح انتخابية بنفس ما كان في الماضي، اللوائح الانتخابية لم يقع تغييرها أو تجديدها. بل نفس اللوائح مع إضافة الناس الذين يسجلون لأول مرة. وطبعا نعرف ما تحمله اللوائح الانتخابية من شوائب كثيرة وعديدة جدا. قد تصل إلى خلط أوراق عدد المشاركين وعدد المقاطعين مشكلا وطبعا قد تصل إلى خلط للأوراق بالنسبة لمن سيصوت ومن سوف لا يصوت. جاء بعد ذلك التقطيع الانتخابي ولا أحتاج إلى القول إنه كان تقطيعاعلى المقاس، "كل واحد دار الجلابة اللي تجي قدو" بعد التقطيع الانتخابي جاء نظام الاقتراع، وفيه كانت التقليدية وخاصة الاتحاد الاشتراكي مقتنعا بأن نظام الاقتراع الفردي سوف يوصله إلى كارثة ولن ينجح منه حتى ب10 مقاعد. لأنه آنذاك التباري يكون فرديا ونحن نعلم الواقع الحقيقي الذي يعيشه الاتحاد الاشتراكي، فوقع التفكير في الاقتراع باللائحة ويجب أن نسطر على هذه المسألة حتى لا نعيش في أجواء وهم بأننا فعلا عشنا انتخابات في إطار الاقتراع بالائحة، تقرر تنظيم اقتراع فردي بالائحة ولذلك كانت إشكالية وكلاء اللوائح في أغلب الأحزاب. لأن الجميع كان يعلم والنتيجة أعطيت أن 59% من اللوائح لا يمكن أن ينجح منها إلا وكيل اللائحة نظرا لكون الاقتراع هو فردي بالائحة وبأكبر بقية. أي أن التنافس يكون أحيانا في أصوات قليلة جدا من أجل أن ينجح وكيل لائحة في درجة رابعة أو درجة خامسة، لكن الإشارة الكبرى السياسية التي أعطيت والتي تحدثنا عنها في حينها لم تكن . طبعا تقرر تعميم البطاقة الوطنية والورقة الواحدة والرموز الجميلة الرائعة التي اختيرت كرموز للأحزاب السياسية إلخ كل ذلك تقرر ولكن تقرر معه التخلي عن مطلب جوهري كانت تطالب به الأحزاب التقليدية قبل انتخابات 7991 وهو المطالبة باللجنة الوطنية الدستورية للإشراف على الانتخابات ، هذا المطلب وقع التخلي عنه كلية لكن لم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل وقع التخلي عن كل مكتسبات مراقبة نزاهة الانتخابات السابقة، ووقع التخلي عن اللجنة الوطنية التي كان يمثل فيها جميع الأحزاب المشاركة في الانتخابات ويرأسها قاض سام ورئيس المجلس الأعلى للقضاء ولو كانت فقط للمراقبة وليس للإشراف.ووقع التخلي عن اللجن الإقليمية التي كانت تتضمن نفس المكونات، وتقرر أن تصبح وزارة الداخلية هي المشرف وهي السيد في ساحة الإشراف على الانتخابات، وحدها دون غيرها. إذا تقرر هذا وفي الحملة الانتخابية وقع التنبيه إلى مجموعة من الوسائل التي ستستعمل في التزوير. وقع ضبط بطاقات للتصويت خارج مكاتب التصويت وقع ضبط استعمال الأموال. إنها مسرحية ، وأسميها مسرحية ، اتخاذ عقوبات في حق بعض أعوان السلطة ولكن كان ما كان داخل مكتب التصويت والجميع يعلم أن أكثر من 50% من مكاتب التصويت لم تكن مغطاة بمراقبين. ما هو المؤشر السياسي الأخير الذي يعطي انعداما كليا للاطمئنان حول نتائج الانتخابات؟ هو أن وزارة الداخلية لم تعط وربما لم تستطع إعطاء نسبة المشاركة في الانتخابات ، وهو الأمر الذي يعطى دقائق بعد إغلاق مكاتب التصويت. وبالنسبة إلى عدم إعطاء النسبة المضبوطة ساعة ساعة بعد إغلاق مكاتب التصويت. يعني أن هناك إرادة لتغيير النسبة الحقيقية للمشاركة وتغيير النسبة الحقيقية للمشاركة إضافة أصوات لهذه الجهة أو تلك. وفي نفس الإطار لم تعط وزارة الداخلية أي نتائج جزئية كما هو الشأن في العالم كله ، كما كان متوقعا في المغرب في السابق التي وصل إليها الاقتراع وزير الداخلية قال صبيحة يوم السبت كان لنا 02% من النتائج الجزئية ولكن لم يعلن عن هذه النتائج. تقدم ملحوظ لم يرق إلى مستوى طموحاتنا وأنتم الأستاذ عبد الله البقالي، كيف قرأتم نتائج 27 شتنبر 2002؟ أشكر الإخوة والأخوات في هيئة تحرير جريدة التجديد على هذه المبادرة وبداية أؤكد أن ما جاء في كلام الأستاذ خالد السفياني فيه كثير من الصحة، لكن مع ذلك لابد من الوقوف عند بعض الملاحظات. أولا: من الناحية المنهجية أو الشكلية على الأقل تعودنا أن نعيش موجة غضب عارمة عقب كل تجربة انتخابية، ولدي الآن محرار وكأننا نعيش تجربة تميزت بدرجة أقل من درجات الغضب في السابق، باستثناء وجود بيانات من هنا أو هناك واحتجاجات من هنا أو هناك، ومن الناحية الشكلية وكملاحظ يبدو لي أن البلاد هادئة نسبيا مقارنة مع التجارب الانتخابية التي خضناها في السابق. وهذا يخول لي أن أقول، وأنا لا أتعارض مع خالد السفياني لكني سأوضح في ما بعد، إن البلاد عاشت انتخابات متقدمة نسبيا بالمقارنة مع الانتخابات السابقة، وهي متقدمة أولا بفضل إرادة جلالة الملك محمد السادس، وإرادة المجتمع برمته، وبالتالي فإن الفضل في ما حققناه من نتائج نزيهة يعود إلى المجتمع برمته، وللحقيقة فقد كانت هناك مظاهر متعددة من الإفساد الانتخابي شابت العملية الانتخابية كلها، وهو إفساد يعود بالدرجة الأولى إلى ثقل موروث الفساد الانتخابي. والتخلص من هذا الموروث بسرعة يبدو مستحيلا، لكن مع ذلك، ومع وجود ثقل موروث الفساد الانتخابي، فإني أسجل أن مجموعة من النتائج في بعض الدوائر لم تكن منطقية، بحيث بدت بعض النتائج في بعض الدوائر وليس في أغلبها غير منطقية وغير معقولة، وهذا الأمر يدفعني إلى القول بملاحظة أساسية وهي أن جزء من هذه العملية الانتخابية تمت صناعته بفنية عالية جدا لتعطى الأغلبية ربما لجهة من الجهات لاستمرار ومواصلة مسار سياسي معين. وأعطي مثالا بدائرة سلاالجديدة ونحن نحصل على محاضر مزورة بخط اليد لإنجاح مرشح معين، وأعطي مثالا بدائرة سيدي سليمان التي أعلن فيها عن فوز عبد الواحد الراضي والثاني من لائحته، لكن سرعان ما تم التراجع عن الثاني بعدما ثبت أن المحاضر مضبوطة، وقد وقع تصريح رسمي من وزير الداخلية بأن حزب الاتحاد الاشتراكي حصل على 54 مقعدا، واتضح أن دائرة سيدي سليمان لم يكن مرشح الاتحاد الاشتراكي ناجحا فيها، وتم التراجع، واتضح في ما بعد أيضا أن مرشحا آخر من الاتحاد الاشتراكي بمدينة ميدلت كان ناجحا وتم التدارك به ليبقى الرقم 54 المعلن عنه صحيحا، بصفة عامة يمكن القول إنها تجربة متقدمة ولكن جزءا من هذه التجربة كان في خدمة جهة أو طرف معين. وأيضا أؤكد أنه بالرغم من إرادة الأوساط المجتمعية ونضالاتها فإن أوساط الفساد واصلت عملها خلال العملية الانتخابية بكل إصرار، لأن الأمر يتعلق هنا بمظهر من المظاهر الديموقراطية الذي بإمكانه أن يهدد مصالح تراكمت في ظروف غير مشروعة، ولابد والحال هكذا أن تتحرك هذه الأوساط اللوبية لمحاولة إفساد العملية الانتخابية كيفما كانت. ثم لابد لي أن أؤكد ملاحظة أخرى وهي أنه يبدو أن المجتمع السياسي الآن يناقش نتائج الانتخابات، نعم يمكن أن تكون لهذا أهميته، ولكن يجب أن نتفق على أن الانتخابات هي وسيلة فقط، وننطلق لمناقشة ما بعدها في هذه الظروف بالذات، أي مناقشة مغرب ما بعد 27 شتنبر 2002. ماذا أفرزت هذه الانتخابات؟ وكيف سيتم التعامل مع نتائجها ومع المشهد السياسي (الجديد)، ماذا عن المؤسسات القادمة؟ وبالنسبة لي أؤكد أن الانتخابات الأخيرة متقدمة بالنظر إلى سابقاتها، ولكنها ليست الانتخابات التي كنا نطمح إليها، ذلك أنه قد شابتها العديد من الثغرات والعديد من النواقص والعديد من مظاهر التصرف لدفع كتلة معينة في اتجاه معين. خطوة إيجابية في تاريخ المغرب بالرغم من أنهالم تحقق الديموقراطية المأمولة الأستاذ محمد يتيم، كيف قرأتم هذه النتائج من جهتكم؟ محمد يتيم قراءة أولية لانتخابات 27 شتنبر 2002 بسم الله الرحمن الرحيم، بطبيعة الحال، نحن في إطار حزب العدالة والتنمية في موقع نبدو وكما تقول التحاليل بأننا المستفيد الأول من هذه العملية الانتخابية، ولكن رغم ذلك فإن هذا الموقع يلزمنا من الناحية الأخلاقية ومن الناحية السياسيةبأن نتكلم عن هذه الانتخابات من زاوية المصلحة الوطنية. إذا لسنا نتعامل فقط مع هذه الاستحقاقات من زاوية الكسب الحزبي و، إن كان هذا الأخير هو فقط حق مسترجع، لأنه بالنسبة للتقديرات التي ترتبت عن انتخابات 7991. كثير من التقديرات أعطت لحزب العدالة والتنمية نفس المقاعد أو قريبا منها مما حصل اليوم. فلهذا لن أكون في حزب العدالة والتنمية في موقف المدافع عن هذه التجربة بخيرها وشرها ، لأنه لا يفيدنا اليوم، ولا يفيد مجتمعنا ولا يفيد أمتنا ولا يفيد وطننا، يعني أن ننطلق في تقييم هذه التجربة من زاوية المصلحة السياسية أو الحزبية الضيقة. ثانيا لا يفيدنا كذلك أن نحكم على هذه التجربة من زاوية مطلقة، ومن زاوية مثالية الفكر السياسي، لأنه كما نعلم فإن التجربة الديمقراطية هي تجربة نسبية ، هي مسلسل في نهاية المطاف ونوع من التعاقد . حتى من الناحية التاريخية تأسست الديمقراطية في المجتمعات الغربية على أساس تعاقدات تاريخية وعلى أساس توافقات تاريخية قدمت فيها كل الأطراف تنازلات معينة واحتكمت إلى قواعد للعبة معينة، فبالتالي من هذه الزاوية، أي من زاوية هل نحن نتطور؟ هل نحن نتقدم؟ أم نحن نتراجع، ينبغي أن نقيم هذه التجربة. لو أردنا محاكمة انتخابات 2002 إلى ما ينبغي أن تكون عليه، وهذا شيء مشروع، كل وطني غيور، وكل مناضل يريد أن يرى أمته في أحسن الأحوال لا يجوز له وفي خطابه وفيما يبشر به داخل المجتمع إلا أن يتكلم ويرفع همم الناس إلى الكمال. في هذا الإطار بطبيعة الحال ناضل حزب العدالة والتنمية في إطار مناقشة تعديلات القانون الداخلي لمجلس النواب، ولا شك أن الإخوان جميعا والرأي العام يعرف أن حزب العدالة والتنمية كان من بين الأحزاب التي قدمت مذكرة داخلية تضمنت تطورا للشروط الضرورية التي ينبغي أن تجري فيها الانتخابات، نحن بطبيعة الحال كنا أول من نادى باللائحة ونداؤنا ليس من زاوية المصلحة الفردية ولكن نادينا باللائحة بمعناها الحقيقي لا أن تسير في نهاية المطاف إلى الاقتراع الفردي باللائحة كما أشار إلى ذلك الأستاذ خالد السفياني. كنا نريدها لائحة تعيد الاعتبار للعمل السياسي والمؤسسة الحزبية والبرامج السياسية، ولكن كما نعلم بأن هذا المقترح على المستوى العملي وعلى مستوى النقاش الذي دار داخل مجلس النواب قد آل إلى نوع من المأزق الذي أدى بجميع الأطراف إلى أن تبحث بصيغة انتقادية، كنا كذلك قد طرحنا فيما يتعلق بعتبة التمثيل أن تصل إلى 5%، ولم يؤخذ بهذا ونزل إلى 3%. تمسكنا بمطلب إنزال سن الترشيح إلى 18 سنة. رفض هذا المطلب للأسف الشديد من طرف جهات كانت هي السباقة إلى اقتراح هذا المطلب، إلى الدفاع عن توسيع القاعدة الانتخابية. إذن على المستوى السياسي على مستوى جهادنا إن صح التعبير من أجل ضمان أحسن الشروط لتكون هذه العملية عملية نزيهة طالبنا بتعميم البطاقة الوطنية وباعتمادها في التصويت. إلى غير ذلك من الأشياء التي جاءت في مذكرة الحزب التي حضرها في هذا الموضوع. وآخذنا على الحكومة تأخرها في الإعداد السياسي والتنظيمي للانتخابات وهذا من أكبر ما يمكن أن يعاب على هذه الانتخابات. وإذا كانت هناك إرادة سياسية التي أعلن عنها جلالة الملك بوضوح فإن الحكومة بشقها المهيمن فيها ألا وهو الاتحاد الاشتراكي كان من الممكن لو كانت هناك فعلا إرادة تحقيق نقلة حقيقية وكبيرة في هذا الموضوع، لأن الإمكانات التي يتوفر عليها المغرب اليوم والطموحات التي يتوفر عليها وكذا الإحباطات التي يعاني منها شباب المغرب اليوم كل ذلك كان يدفع نحو تحقيق قفزة أحسن ربما مما تحقق اليوم. وبشكل مختصر نعيب على الحكومة طريقة تدبيرها الملف الانتخابي من الناحية السياسية ومن الناحية التنظيمية أيضا. ولا شك أن هذا التأخير لابد وأن تكون له آثاره السلبية على مجمل الحصيلة. دون شك فإن الاقتراع اللائحي والورقة الفريدة ونسبة 15% من الأوراق الملغاة هذه أمور لها كلها دلالات وعبر، البعض منها مرتبط بكوننا لم نتهيأ ولم نهيئ الجمهور لذلك، ولم نأخذ الوقت الكافي لضمان انخراط المواطن بشكل واسع في العملية الانتخابية، ولعل الإخوان الذين شاركوا في هذه الحملة الانتخابية أدركوا من الناحية العملية أن ثلاثة أسابيع أو أسبوعين من الحملة الانتخابية في دوائر تضاعفت ثلاث مرات على السابق ولربما أكثر، وكذلك من الناحية الجغرافية ومن الناحية البشرية وكان لكل ذلك تأثيره السلبي على العملية الانتخابية فقلل من هذه الاستشارة الشعبية ولو كان الوقت أطول لكانت المشاركة ربما ستكون أحسن. ومن الناحية العملية دائما لم يكن نضالنا فقط من أجل أن نكتسب مقعدا إضافيا لفائدة حزب العدالة والتنمية ولكن نضالنا الأكبر كان ضد اليأس ونحو دعوة المواطن لكي ينخرط في العملية. نضالنا إذن كان أن نقول للمواطن إن الإصلاح ممكن وأن هذه المحطة يمكن أن تكون محطة مخالفة لسابقاتها. أما على مستوى الانتخابات نفسها وكسف جرت، فدون شك لا يمكن لأي ملاحظ منصف ونزيه إلا أن يقر بأن لم تحقق قطيعة نهائية مع الخروقات ومع الانتخابات السابقة، إذ ظلت مجموعة من الأشكال السلبية حاضرة، وقد عاينت شخصيا نماذج منها وقدمت شكايات لأعوان السلطة وضبطنا حالات لتصريف البطاقة الفريدة ، وعاينا حالات للتدخل السافر للشيوخ والمقدمين، وعاينا حالات تزوير فني صريحة ولي بعض الأرقام يمكن أن نقدمها للاطلاع. النتائج إذن "مخدومة" وبطبيعة الحال كل القوى السياسية بمدينة بني ملال وكنلا معهم أصدرنا بيانا ندين فيه هذه الخروقات ونضع الأصبع عليها، فالمال كان حاضرا أيضا بقوة لكن لم تكن فاعليته وتأثيره على النتائج مثلما كانت عليه الأمور في النتائج السابقة، والسلطة التزمت هذه المرة نوعا من الحياد. ومن الناحية التقنية، كانت هناك صعوبات موضوعية ينبغي أن نعترف بها، فعلى مستوى اللائحة الوطنية كان لدينا كذلك تخوف ونحن نقول نخشى أن تكون قد سرقت منا مقاعد من اللائحة الوطنية لحزب العدالة والتنمية، ونخشي أن تكون هناك عملية بتر وتغيير في النتائج ، يضاف إلى ذلك أن عملية إحصاء نتائج اللائحة الوطنية كانت عملية معقدة. وكان يجب على وزارة الداخلية أن تتحمل مسؤوليتها وتعلن النتائج التي لم يعد فيها إشكال. أقول باختصار هذه الانتخابات خطوة إيجابية في تاريخ المغرب بالرغم من أنها أنها لم تحقق الديمقراطية المأمولة ولم تحقق انتظارات كل الفرقاء السياسيين، ولكن يمكننا أن نقول إن برلمان 2002 ليس هو برلمان 7991 وأنا متفق مع الأخ البقالي حول ماذا في جعبة هذه المؤسسة (البرلمان) وماذا في جعبة هذه الخريطة السياسية؟ هل ستكون في مستوى الاستجابة لانتظارات المجتمع المغربي؟ وهل ستهيئ لنا انتخابات أكثر نزاهة وشفافية سنة 7002 بما يتطلبه ذلك من توفير شروط النزاهة القريبة من الكمال. وأهم سؤال يطرح هو ستجري انتخابات 7002 بنسبة 04% أو 53% أم أن الأمر سيتراجع إلى الوراء ليصل إلى 02% أو 01%. تحسن في العملية الانتخابية خاضع لهاجس التحكم في الخريطة السياسية > الأستاذ جامع المعتصم، كيف استقبلتم هذه النتائج وكيف كانت قراءتكم لها؟ >> بسم الله الرحمن الرحيم، أشكر بدوري الإخوة والأخوات بهيئة تحرير جريدة التجديد. جوابا على سؤالكم واستحضارا لما تفضل به الإخوة من قبلي، أشير إلى أنه لا يمكن مناقشة انتخابات 72 شتنبر 2002 بمعزل عن تاريخ الانتخابات بالمغرب، وخلاصة الأمر وكما تفضل الإخوة منذ قليل أن هذه الانتخابات عرفت تحسنا، وأعتقد أنه لم يكن بالإمكان أن نبقى على ما كنا عليه، في إطار العهد الجديد، ولا أتصور أنه كان يمكن القيام بأي شيء يمكن أن يعيد جزءا من الثقة للمواطنين خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة دون انتخابات نزيهة نسبيا. وأحسب أنه لو انضافت إلى كل ذلك انتخابات مزورة لحصلت الكارثة بكل تحقيق، ولذلك أعتقد أن البلاد كلها، كما النظام السياسي، كانا ملزمين بأن يكون هناك تحسن في العملية الانتخابية مقارنة مع ما سبق، وكان هذا التحسن رهينا بهاجس الرغبة في التحكم في الخريطة السياسية، وهذا الهاجس كان متوفرا باستمرار، وكان يجري في الماضي بشكل أكثر فوضوية وبشكل سافر، لكنه الآن أجري بشكل أكثر وضوحا وأكثر شفافية، ولاشك أن الإطار الذي أجري فيه هو أولا التحضير القانوني الذي ضم عيوبا متعددة أولها اعتماد اللائحة أمام تخوف وزارة الداخلية من هذا الأمر في بداية الأمر، لكنها بعد دراسة معمقة تبين لها ربما أن اعتماد اللائحة يمكن أن يخول لها إمكانية التحكم في الخريطة السياسية، ويبقى عدم مراجعة اللوائح الانتخابية أهم العيوب البارزة والكبيرة جدا، وأقول إن هذه العيوب القانونية والمتوفرة بكثرة أفرزت خريطة ب 22 حزبا سياسيا بالبرلمان بدل 41 حزبا في السابق. ويضاف إلى ذلك أنه لم تم الأخذ بالعتبة 3% وطنيا لكان عندنا فقط 11 حزبا سياسيا بدل 22 حزبا كما هو الحال الآن، وبذلك كان يمكن أن تجمع الأمور أكثر بحوالي النصف أي 11 حزبا بالبرلمان بدل 22 حزبا. ولئن كانت العيوب القانونية كثيرة جدا فإن من العيوب التنظيمية نجد أن الحملة الانتخابية التي مرت كانت من أضعف وأبرد الحملات المعهودة، اللهم إلا في بعض الدوائر التي وصل بها الأمر إلى حد العنف وتجييش بعض العصابات المتبادلة، لكنها في العموم كانت باردة بإرادة الإدارة والأحزاب السياسية مع كل أسف، والدليل على هذا أن اللقاء الذي نظمته الإدارة مع وكلاء اللوائح كانوا يخبرون بأن المسيرات ممنوعة وأن الجولات بأربع أو خمس أفراد ممنوعة، وأحيانا اللقاءات في البيوت. وكل هذا يعني أن الإدارة أغلقت الأبواب أمام الأحزاب التي تعتمد التواصل المباشر مع المواطنين والناخبين في الإقناع وإفساح المجال أمام أحزاب أخرى تعتمد وسائل أخرى غير التواصل المباشر، والتي تكون قادرة في غالب الأحيان على شراء الأصوات بأي طريقة كانت. وهذا في رأيي أهم العناصر التي جعلت الحملة الانتخابية باردة. وطبعا، فغني عن الإشارة إلى أن الأساليب التي كانت تستعمل في الحملات السابقة استعملت في هذه الحملة، وأنا أركز على استخدام الأموال العمومية، فالمحترفون القدامى المتخصصون في استعمال أموال الدولة استعملوها في هذه الحملة أيضا. ولدينا دلائل تؤكد استعمال بعض الوزراء للأسف الشديد في حملتهم سيارات الوزارة التي يرأسونها، ولذلك فنحن نرى ما تبقى من حزب الاتحاد الاشتراكي قد أنجز حملة انتخابية لم يسبق له أن أنجز مثلها من الناحية المادية. وحقق فعلا نتائج إيجابية في مواقع لم يكن يحلم قط بتحقيقها إطلاقا في يوم من الأيام، وذلك عن طريق استعمال سيارات الدولة وتجييش عدد من الموظفين لذلك. وبذلك بدل ما كنا نتحدث عن استعمال المال الحرام أصبحنا إلى جانب ذلك نتحدث عن أموال وممتلكات الدولة مع كامل الأسف، بالإضافة إلى ما تحدث عنه الإخوة من قبلي ولذلك فمجرد تسريب ورقة منفردة وحيدة يعتبر إساءة للعملية الانتخابية ويجب أن تعاد هذه العملية كلها بتلك المناطق التي حصل فيها مثل هذا وما أكثرها، ولدينا نماذج كثيرة لذلك. وأيضا كان منع تسليم المحاضر أبلغ دليل على عدم سلامة العملية الانتخابية. وهنا أسجل أن الإدارة تعاملت هذه المرة بنوع من الذكاء وهو أنها كانت تدعي في بعض المكاتب عدم وجود محاضر، وقد وقع هذا في العاصمة الرباط، فكان أن احتج الإخوة على ذلك أمام الولاية على الساعة الثالثة صباحا وقد أخبرنا الصحافة الدولية بذلك، وآنذاك خرج المحضر من تحت الأسر، وخرج على الصيغة التي خرج بها، وهنا أيضا أسجل أن الإدارة كانت تتحاشى الفضيحة، فحيثما كانت هناك إمكانية لفضح التلاعبات كانت الإدارة تتراجع، ولكن كان هذا مع الضغط القوي عليها. وعموما قد كانت فعلا تلاعبات كثيرة للأسف، وكانت تتم عن طريق التوافق ما بين بعض الأحزاب والإدارة، وهذه الأخيرة حاولت أن توظف كل الطرق الممكنة التي تبعدها عن الشبهة، والنتيجة أننا لم نتقدم سياسيا لكن على مستوى إجراء الانتخابات كان هناك فعلا تحسن ملحوظ. لم نعرف اقتراعا باللائحة قدر ما عشنا اقتراعا فرديا حافظ على عديد من مميزات نمط الاقتراع السابق. مصطفى الخلفي: شكرا الأستاذ جامع المعتصم وأشير إلى أن غالب الآراء تجمع على أن العملية الانتخابية عرفت تحسنا لم يكن في المستوى المطلوب، بل كان المطلوب أكبر مما حصل بشكل كبير، لكن مع ذلك يمكن أن نقول إنه في الوقت الذي كانت فيه هشاشة البناء القانوني، وعدم تطويره، وفي الوقت الذي برز فيه تورط بعض رجال السلطة في عديد من الدوائر بشكل فج، وحصول نوع من التشتيت للخريطة الانتخابية حيث بلغ عدد مكاتب التصويت 73 ألف مكتبا، وما وضع ذلك من صعوبات في ملاحقتها ومتابعتها، كانت غالبية رموز الفساد المالي في عديد من المناطق لم تنجح، وهذا مؤشر إيجابي من حيث إن أي أحد يريد الدخول في العملية الانتخابية المقبلة اعتمادا على ماله أصبح لزاما عليه إعادة النظر في هذه المسألة. يضاف إلى ما سبق أن تفضل به الأستاذ السفياني، نحن لم نعرف اقتراعا باللائحة قدر ما عشنا اقتراعا فرديا أو اقتراعا تعدديا اسميا يعني اقتراعا حافظ على عديد من مميزات نمط الاقتراع السابق. والإشكال الآن طبعا هو ما بعد 27 شتنبر 2002. المغرب ما بعد انتخابات 27 شتنبر2002 أعتبر أن مغرب ما بعد 27 شتنبر هو مغرب الإصلاح الدستوري حول مغرب ما بعد 72 شتنبر 2002 كيف ترون عبد الله البقالي أمر التحالفات السياسية الممكنة؟ وهل يمكن أن تطلعنا عن رأي حزب الاستقلال في ذلك؟ عبد الله البقالي: لست مخولا للحديث في هذا المقام عن موقف أو رأي حزب الاستقلال في التحالفات السياسية الممكنة، ولكني أعتقد أن المهم الآن بالنسبة إلينا أن نتحدث عن مستقبل المغرب في ما بعد 72 شتنبر 2002، ولكي أكون صادقا وواضحا في كلامي فإني أقول إننا عشنا التجربة الانتخابية بمالها وما عليها، والآن أمامنا إشكالية أخرى أكبر من المسألة الانتخابية وهي ماذا عن المؤسسات التي أفرزتها هذه الانتخابات، هل يمكن لبرلمان ولحكومة أفرزتهما هذه الانتخابات، بغض النظر عن هذه الانتخابات وكيف مرت، أن يشتغلا وأن يتقدما، وأن يعالجا أهم الإشكالات التي تواجه المجتمع: إشكالية التنمية، إشكالية الدمقرطة، إشكالية حقوق الإنسان، إشكالية الكرامة، إشكالية القرار السياسي، بمعنى هل يمكن لهذه المؤسسات في ظل الدستور الحالي أن تتقدم إلى الأمام، هنا أعتقد أنه لا يجادل اثنان في أن الجواب سيكون سلبا بطبيعة الحال، فلابد من إتمام هذه المسيرة التي انطلقت الآن بغض النظر عن العملية الانتخابية وكيف مرت. وعندما كنا نطرح مناقشة المسألة الدستورية كان يقال لنا "الانتخابات أولا" والآن قد مرت الانتخابات بما لها وما عليها، لابد إذا من مناقشة إثراء صلاحيات وسلطات المؤسسات الدستورية. فهل يمكن لحكومة لا تتوفر على صلاحيات دستورية مهمة، ونحن نعلم أن هناك مجموعة من الصلاحيات منزوعة للحكومة أن تقوم بوظيفتها كاملة. أعتقد أن مؤسساتنا الحالية في حاجة ملحة وضرورية إلى مجموعة من الصلاحيات والسلط، وهذا يفرض طرح المسألة الدستورية مباشرة بعد حلقة الانتخابات. وللتذكير والتوضيح فإن المطالبة بالإصلاح الدستوري لا تعني بالأساس المساس بصلاحيات الملك، نعم لابد من صلاحيات مهمة للملك، ولكن أيضا لابد من مؤسسات قوية في البلاد، حيث لا يمكن للمؤسسة الملكية أن تكون قوية إلا بوجود مؤسسات قوية، ولا يمكن للمؤسسة الملكية أن تكون قوية بالحاشية وبالبطانة وبالوسطاء، المؤسسة الملكية يجب أن تكون قوية ببرلمان قوي وبغرف قوية وبحكومة قوية ذات صلاحيات. وفي غير هذا الاتجاه أعتقد أنه لا الانتخابات ولا غير الانتخابات يمكن أن تساهم في إعطاء المصداقية للمؤسسات، نعم كانت المصداقية تغيب عن المؤسسات من ناحيتين، من ناحية الإسناد الشعبي والمساندة الشعبية ويمكن أن ندعي جزافا أننا قطعنا أشواطا في هذا الاتجاه، أو على الأقل نقنع أنفسنا بهذه القناعة على أساس أن نفتح الملف الدستوري لأنه هو الشرط الثاني الذي كان يفقد المؤسسات شعبيتها ومصداقيتها. إذن أعتبر أن مغرب ما بعد 72 شتنبر هو مغرب الإصلاح الدستوري بما يضمن وحدة البلاد وقوتها وقوة نظامها السياسي. أما الحديث عن قضية التحالفات فأعتقد أن في ذلك صرفا وتوجيها أو تحويلا للنقاش عن مكانه الطبيعي ومساره العادي الذي هو مناقشة القضايا الحقيقية التي تجب مناقشتها بجرأة. وفي جانب التحالفات أقول فقط كلمة بسيطة ووجيزة، ذلك أننا نعتقد أننا في هذه المرحلة في حاجة إلى جرأة قوية ومهمة، وأعتقد أن التصارع لإبداء قوة الولاء لأطراف معينة، أظن أن هذه المرحلة تجاوزناها وجميع المغاربة مرتبطون بمؤسساتهم الدستورية ومؤسساتهم العليا، وأعتقد أنه لابد من الجرأة في طرح عديد من القضايا يجب أن تطرح وخاصة التي تهم مستقبل البلاد، ولم يعد مقبولا أن نتوافق حول تعاقدات تاريخية ولم يعد مقبولا أن نسكت عن قضايا هامة ومصيرية مقابل الحصول على كراسي ومقاعد حكومية، لابد إذن من القول إن مجتمعنا السياسي برمته في حاجة إلى جرأة كبيرة جدا وشجاعة واضحة لطرح كافة القضايا في انسجام كامل مع صاحب الجلالة وهذا ليس فيه أدنى مساس، بل فيه تقوية للمجتمع السياسي برمته. ما أهم المشاريع التي ترون ضرورة الانكباب عليها منذ اللحظة؟ عبد الله البقالي: قلت بعد قليل الإصلاح الدستوري ثم كفانا من تعابير المجاملات والجمل التقليدية، الملك الآن في حاجة إلى صراحة الفاعلين السياسيين، وأعتقد أن صراحة هؤلاء ستعطي حتما قوة وصلابة للمجتمع السياسي. هل يفهم من هذا تجاوز وزراء السيادة؟ عبد الله البقالي: أنا أعتقد بداية أن هذا التعبير خاطئ، فالحكومة هي كلها وزارة سيادة، وكل الوزارات هي وزارات سيادة ولابد من التنبيه إلى خطورة هذا التصنيف، فجميع الوزراء يستقون سيادتهم من الأغلبية البرلمانية التي أفرزتهم والتي أفرزتها هي الأخرى إرادة شعبية. وهكذا فجميع المؤسسات بما فيها البلديات هي مؤسسات سيادة. إعداد عبد الرحمن الخالدي