كثيرون هم المتقاضون الذين يشعرون بعدم الإنصاف الكلي أو الجزئي في المرحلة الابتدائية فيستأنفون أو من الاستئنافية فيطعنون بالنقض أمام المجلس الأعلى(اصبح يحمل اسم محكمة النقض) الذي اجتمعت فيه نخبة من خيرة أبناء هذا الوطن للنظر في الطعون المقدمة لهم، والتي إذا ثبت لهم مجانبتها للصواب نقضوها وأحالوا الدعوى على نفس المحكمة للبت فيها من جديد بهيئة أخرى، مع الأخذ بعين الاعتبار ما توصلوا إليه من صحة لأسباب النقض. والإحالة ،ممايجعل هؤلاء المتقاضين يعيدون ثقتهم في السلطة القضائية أكثر من ذي قبل، ويعتبرون ما سبق خطأ بشرياً أصلحه لاحقاً البشر. ذلك ما يمكن لمسه من خلال العديد من القضايا، هذه واحدة منها صدر فيها القرار رقم 2992 بتاريخ 09/2/2 في الملف المدني رقم 05/5/1/342 عن المجلس الأعلى أصبح يحمل اسم محكمة النقض بناء على القاعدة التالية:» يتعين على المحكمة أن تقضي لزوما بالمصاريف الطبية المنفقة مقابل إثبات، ولا تخضع لسلطتها التقديرية، وهي تحكم بالتعويض عن الحادثة المرتكبة. كل دفع لم يقع اعتماده في أسباب الاستئناف، ولا التمسك به أمام قضاء الموضوع، لا يمكن اعتماده سبباً من أسباب الطعن بالنقض«. بخصوص موضوع الملف، يستفاد من أوراقه، ومن القرار المطعون فيه، الصادر عن محكمة الاستئناف بالبيضاء بتاريخ 07/3/7 في الملف المدني عدد 06/1/2295، أن الطاعنة (A) تقدمت بمقال أمام المحكمة الابتدائية بنفس المدينة، عرضت من خلاله أن الضحية (B)، تعرضت لحادثة سير مقرونة بحادثة شغل بتاريخ 03/3/13، تسببت فيها سيارة من نوع (-) عدد (- ) في ملكية شركة (C) وتؤمنها شركة (D) للتأمين، وباعتبارها مؤمِّنة للمشغلة شركة (E)، فقد أنفقت للمصابة مبلغ 86.342,66 درهماً طالبة استرجاعها. بعد إنهاء المناقشة أمام المحكمة الابتدائية، قضت بتحميل الحارس القانوني للسيارة المسؤولية وأدائه للطاعنة (A) مبلغ 64.756,99 درهما وإحلال شركة التأمين (D) محل مؤمنها في الأداء. استأنفت شركة التأمين (F) الحكم الابتدائي استئنافاً أصليا، كما استأنفته شركة التأمين (D) استئنافا فرعياً، فعدلته محكمة الاستئناف، بجعل كامل المسؤولية على الحارسة القانونية للسيارة وحصر المبلغ المحكوم به في 47.755,99 درهما، وهو القرار المطعون به في النقض، والذي قضى بشأنه المجلس الأعلى: «.. ينقض وإبطال القرار المطعون فيه بخصوص المصاريف الطبية، والإحالة على نفس المحكمة لتبث فيه بهيئة أخرى طبقاً للقانون، وبتحميل المطلوبين في النقض الصائر والرفض في الباقي« بعلة أنه: »... إذ صح ما عابته الطاعنة القرار، بخصوص المصاريف الطبية، ذلك أنه بمقتضى المادة الثالثة من ظهير 1984/10/2، فإن التعويض يشمل استرجاع المصاريف الطبية المنفقة مقابل إثبات، بالإضافة الى العجز المؤقت والعجز البدني الدائم، وباقي الأضرار الأخرى المنصوص عليها في المادة المذكورة، ومحكمة الاستئناف حينما لم تراع مبلغ النفقات الطبية التي أدتها الطاعنة في احتساب التعويض المحكوم به، تكون قد أساءت تطبيق المقتضيات المحتج بها، وعرضت قرارها للنقض. وحيث إنه من حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين، ينبغي إحالة القضية على نفس المحكمة للبت فيها طبقاً للقانون».