تؤكد القاعدة القانونية على استحقاق تكاليف سكن المحضون ورد في المادة 168 من مدونة الأسرة مطلقا دون تقييد بسن معين للمحضون مراعاة لحقوقه، إلا أن مجموعة من الآباء يحاولون التملص من هذه المسؤولية، ومحاولة التحايل على القانون للتدليس على الطليقة و الأبناء وإخراجهم إلى الشارع بدون رحمة. في قضية اليوم، سنتطرق إلى قضية من قضايا الأسرة تتعلق باستحقاق الأم المطلقة لواجب السكن لابنها أو أبنائها بدون تمييز في السن.فما هي حيثيات القضية؟ خيبة أمل بعد خيبة أمل، استأنفت "فاطمة"الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية الجديدة القاضي بمنحها كمقابل للسكن فقط 200 درهم في الشهر. تقدمت "فاطمة"بمقال أمام المحكمة الابتدائية بالجديدة تعرض فيه بأنها كانت متزوجة بالمدعى عليه "محمد" وطلقها وهي حامل، أنجبت على إثره ولدا، إلا أن المدعى عليه أمسك عن الإنفاق عليه ملتمسة الحكم عليه بأدائه نفقة الإبن المذكور في حدود 800 درهم في الشهر وواجب سكن المحضون بمبلغ 300 درهم في الشهر، وأجرة حضانته بمبلغ 300 درهم في الشهر. وبأداء مصاريف الأدوية بمبلغ 424,40 درهما، وواجبات النفاس وما جرت به العادة في حالة الوضع بمبلغ 3000 درهم، إلا أن الزوج المدعى عليه تهرب من الأداء مدعيا بأنه مجرد عامل مياوم في البناء وليس مقاولا كما تدعي المدعية، وأن طلباتها مرتفعة وأنه أدى لها مصاريف الوضع والختان ملتمسا تحديد نفقة ابنه منها في مبلغ 150 درهما وواجب حضانته في مبلغ 75 درهما ورفض باقي الطلبات. وبعد انتهاء الردود أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها القاضي على المدعى عليه بأدائه للمدعية واجب نفقة الإبن بمبلغ 300 درهم في الشهر، وأجرة حضانته حسب 100 درهم في الشهر، وواجب سكنى المحضون حسب 200 درهم في الشهر والكل ابتداء من تاريخ 16/4/2004 إلى حين سقوط الفرض عنه شرعا وبأدائه لها مبلغ 800 درهم وواجبات النفاس مع النفاذ المعجل. خاب أمل "فاطمة"في الحكم الابتدائي، فبادرت إلى الطعن فيه، وبعد تبادل المذكرات والردود أصدرت محكمة الاستئناف قرارها القاضي بإلغاء الحكم المستأنف جزئيا فيما قضى به من واجب السكنى والحكم تصديا برفض الطلب بهذا الخصوص، وبتأييده فيما عدا ذلك وهو القرار المطلوب نقضه من واجب السكنى والحكم تصديا برفض الطلب بهذا الخصوص، وبتأييده فيما عدا ذلك وهو القرار المطلوب نقضه من طرف الطاعنة "فاطمة". خرق للقانون ترى "فاطمة"أن الحكم المطعون فيه خرق مقتضيات المادة 168من مدونة الأسرة، ذلك أن المشرع قد فرض للمحضون واجب السكن بدون تمييز في السن، وأن القرار المطعون فيه قضى بإلغاء الحكم الابتدائي، وتصديا للحكم برفض طلب واجب سكن المحضون بعلة أنه ما زال في حضن أمه في حين أن المادة المذكورة تنص على اعتبار تكاليف سكنى المحضون مستقلة في تقديرها عن النفقة وأجرة الحضانة وغيرهما، وأن هذا القرار قد عطل نصا قانونيا وأنه لا اجتهاد مع النص مما يعرضه للنقض. وفي تعليل للمجلس الأعلى الذي لجأت إليه "فاطمة" كمرحلة ثالثة للطعن، أكد هذا الأخير ما عابته الطاعنة على القرار ذلك أن المادة 168 من مدونة الأسرة لما اعتبرت تكاليف سكنى المحضون مستقلة في تقديرها عن النفقة وأجرة الحضانة لم تشترط في المحضون سنا معينا حتى يستفيد بهذا الحق، بل جاءت على إطلاقها بدون قيد ولا شرط وفي ذلك مراعاة لحقوق المحضون. وشدد قرار المجلس الأعلى على أن القرار المطعون فيه قضى برفض طلب واجب سكن المحضون بعلة أنه لازال في حضن أمه معتمدا في ذلك على الاجتهاد، إلا أن القاعدة تنص على أن لا اجتهاد مع النص، وبالتالي تكون المحكمة قد خرقت القانون ولم تجعل لقضائها أساسا سليما. ولهذه الأسباب قضى المجلس الأعلى بنقض القرار المطعون فيه، وإحالة القضية على نفس المحكمة للبت فيها من جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون وتحميل المطلوب المصاريف.