كعازف على وترٍ من وحي الربابِ كلما داهمه السؤالُ تقودُه خطوات لا تبينْ ترفضُ صمتا ما ارتضاه قال لي: ليس ذنبي أن عيوني رأت ما لا تراه.. جلبابُك أضيقُ منّي والكون أوسعُ من مداه لك المحبةُ شراعا خبِرتها تخومُ البحر وسحر اللفظِ وما تلاه.. » » » » » قلت : من أجلك تنحني القصيدةُ يا أبي وتجثو القوافي حدائقَ من عسل ٍ ولستُ إلاها كي أخلدَ فإلى أينَ تمضي هذه الحروفُ من فرْط التّداعي والأفق ارتدّ صداه..؟ قال: لك عيني لك ما شئتَ منّي فأمهلني عمرا يمضي سريعا إلى منتهايْ.. قلت: عيوبي كثيرةٌ أعترفُ وأخطائي متناسلةٌ كالفطر غير أني لا أبالي ما بالفؤاد وما اعتراه.. عفوا يا أبي ها قد نمت طفولةٌ وانفلتتْ منّي حد الضياعِ وما من حبّة خرْدل تغذي عُرْي المكانْ.. » » » » » قال لي ومضى: أيُّ ربيع هذا الذي تحياه؟ كذب الفؤاد ما رأى ما زلتَ تنطبخُ على نارٍ هادئةٍ أسخن من بركانْ..! غيّرْ صبيبَك إلى العالي ما من ظلّ يروي عبق المساءِ إلا والصبح قد تلاه.. » » » » » قلت: في دروب ضيقةٍ يا أبي تتوالدُ الحروفُ كالبرَد والكلمات تحبل بالقصائدِ تبغي ربيعا من ذهبْ لك المجد يا أبا نواسٍ ما همك بُكى طلل ٍ ولا تنهّدُ امرأة ٍ بلا سببْ.. فكيف نواري ما تبقّى من حلمنا سوأة التعَبْ؟ يا أبي هي أغنيةٌ بلا عزفٍ تسري في العروقِ لا تخشى حرَس المكانِ ولا عسسَ اللسان.. هي أغنيةٌ لا كالأغنياتْ تقبض على جمْر الروحِ تعبر المسافاتْ كي ترسمَ وجه مدينة غضبى من سلالةِ أفلاطون كسرت مجاديفَها وغاصتْ في المدى وغابتْ ضدا في الرمادِ إلى الأبدْ..