قتل ثمانية أشخاص، خمسة منهم مدنيون، وجرح العشرات في اشتباكات وقعت ليلة أول أمس بمدينة تعز جنوب اليمن بين القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح ومسلحين موالين للثوار، في حين يواصل رئيس الوزراء المكلف محمد سالم باسندوة جهوده لتشكيل حكومة ائتلاف. وقالت مصادر طبية في المستشفى الميداني التابع لساحة الحرية في تعز -حيث يعتصم الثوار المطالبون بإسقاط النظام منذ شهور- إن خمسة أشخاص قتلوا وأصيب نحو 25 آخرين جراء قصف نفذته قوات صالح على أحياء سكنية في المدينة. وأضافت المصادر الطبية أن أعداد القتلى والجرحى مرشحة للزيادة نتيجة كثافة القصف الذي استمر فترة طويلة. وقالت مصادر متطابقة إن مدير أمن محافظة تعز العميد عبد الله قيران جرح بينما قتل جنديان وجرح عدد آخر في تبادل لإطلاق النار بين مرافقيه وحراس أحد المستشفيات في تعز. بدورها نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن شهود قولهم إن الاشتباكات بدأت بعد أن قصفت قوات صالح مسلحين موالين للثوار المعتصمين في ساحة الحرية وسط المدينة. وأضافت الوكالة أن كل الطرق المؤدية إلى تعز أغلقت بسبب الاشتباكات، وأن قوات صالح حاولت عزل وسط المدينة عن بقية الأحياء. من جانبها نقلت وكالة رويترز عن مصادر طبية قولها إن مستشفى تعز ومستشفى مدينة الروضة القريبة منها استقبلا عدة جرحى سقطوا في المواجهات. وعلى المستوى السياسي يواصل رئيس الوزراء المكلف محمد سالم باسندوة جهوده لتشكيل حكومة ائتلاف تشمل قوى المعارضة وحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم. وقال باسندوة في اجتماع مع قوى المعارضة إن الإعلان عن الحكومة الجديدة سيتم خلال أيام، وأوضح أنه أبلغ وزيريْ خارجية السعودية والإمارات أن اليمن بحاجة ماسة لدعم عاجل لقطاعيْ الكهرباء والبترول، وأن الوزيرين وافقا على ذلك. وطالب المجلس الوطني المعارض الذي يرأسه باسندوة في بيان له المجتمع الدولي بالاستمرار في دعم المبادرة الخليجية. وأكد البيان ضرورة الكف عن متابعة ومضايقة وملاحقة وتهديد النشطاء السياسيين والإعلاميين. وبدوره دعا عبد ربه منصور هادي، نائب الرئيس اليمني، جميع الفرقاء إلى وقف العنف وإنشاء لجنة للشؤون العسكرية لتحقيق الأمن والاستقرار. ومن المقرر أن يصدر منصور هادي قرارا يقضي بتشكيل لجنة عسكرية تتولى سحب الجيش من الشوارع، وإنهاء حالة الانقسام القائمة إلى حين تشكيل حكومة وفاق، وفق نصوص الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية. ويذكر أن رئيس الوزراء الجديد يعمل على تشكيل حكومة بموجب المبادرة الخليجية التي جاءت تفاديا لحرب أهلية من خلال إزاحة الرئيس صالح من السلطة، مقابل ضمانات بعدم خضوعه للمتابعة القضائية. وتنص المبادرة على تشكيل حكومة تضم أحزابا من المعارضة والسلطة تقود البلاد لانتخابات رئاسية في فبراير المقبل. ووقع صالح المبادرة الأسبوع الماضي بعدما تراجع عن التوقيع ثلاث مرات، ونقل صلاحياته لنائبه، وهي خطوة قال رعاة المبادرة إنها ستساعد في وقف الفوضى التي انزلق إليها اليمن في الأزمة الراهنة. من جهة أخرى انتقد ريتشارد ديكر مدير برنامج العدالة الدولية في منظمة هيومن رايتس ووتش بشدة منح الرئيس اليمني حصانة بموجب المبادرة الخليجية، وقال في مؤتمر صحفي بنيويورك إن إجراء كهذا «ليست له أي شرعية خارج حدود اليمن». وأضاف «أعتقد أن الحصانة المضمنة في المبادرة الخليجية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، أو من يبدو أنه سيكون رئيسا سابقا، كانت واحدة من أسوأ الأفكار والممارسات خلال هذا العام، ببساطة تقول للرئيس صالح أو لأي رئيس كان اقتل من الناس بقدر ما تستطيع للبقاء في السلطة، وإن فشلت لا تقلق فلن تحال إلى المحاكمة».