برغم الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات المصرية فإن الأمر لم يسلم من اتهامات وجهها بعض الناخبين للقضاة بتسببهم في تأخير الاقتراع نتيجة قدومهم متأخرين، أو بسبب عدم وجود أوراق الاقتراع في حوزتهم. لكن القضاة ردوا بأنها كانت حوادث محدودة، وأنهم عانوا كثيرا من جراء عقد الاقتراع على يومين، ومده حتى التاسعة مساء، مما حرمهم من أي فرصة للراحة، مشددين على أنهم حريصون على أن تخرج الانتخابات نزيهة، ولو اقتضى الأمر مبيتهم إلى جوار الصناديق. وقف السيد كامل حفني يصرخ في الدائرة الأولى بشمال القاهرة من أن الساعة شارفت على العاشرة، ولم يبدأ الاقتراع بعد في مدرسة التوفيقية. وقال إن السبب في ذلك يعود إلى عدم وجود بطاقات إبداء الرأي، محملا القضاة المسؤولية. وفي لجان أخرى شكا مواطنون من تأخر القضاة في الحضور، وكذلك تأخر فتح مراكز الاقتراع، مبدين تخوفهم مما قد يحدث ليلا عندما يتم تشميع الصناديق. واتهم إبراهيم زينهم بيومي في حديثه بعض القضاة بأنهم لم يكونوا مرشدين جيدين للناخبين داخل اللجان، ولم يراعوا أن بعضهم يذهب للانتخاب لأول مرة في حياته. في المقابل شكا القاضي المشرف على الانتخابات بمدرسة الكمال بشارع مصر حلوان الزراعي (الذي آثر عدم التصريح باسمه) من أن هناك من الناخبين من يريد من القاضي أن يدله على من ينتخب، «مع أن جهله هذا عذر له للتخلف عن التصويت»، كما قال. وقال إن البعض يقابل حرص القاضي على التأكد من شخصيته (عبر بطاقة الهوية) بضجر، وإن إجراء الانتخابات في يومين متتاليين أصاب القضاة بالإرهاق، وكان الأولى الانتهاء منها في الساعة الخامسة أو السادسة، وليس تمديدها إلى التاسعة، ليحصلوا على قسط من الراحة يحفظ لهم توازنهم، حسب تعبيره. من جانبه علل المستشار وكيل نادى القضاة نائب رئيس محكمة النقض، تأخر وصول بعض القضاة للجان الانتخابية بأنهم ضلوا الطريق، مشيرا إلى أن تأخر وصول أوراق الاقتراع هو مسؤولية وزارة الداخلية، وليس القضاة. ووصف قرار إجراء الانتخابات على يومين بأنه مرتجل وغير مدروس، «لأنه لم يتم الرجوع فيه لرجال القضاء، مما أثقل كاهل القضاة بالإرهاق، بينما كانت هناك حلول أخرى تتمثل في زيادة عدد المقار الانتخابية، والقضاة المنتدبين، وإطالة أمد الاقتراع ساعات أخرى بنهاية اليوم». وأضاف أنه برغم ذلك تقبل القضاة القرار، ونهضوا لأداء هذا الواجب الوطني، مراعاة لثقة الشعب فيهم. واعتبر الأخطاء التي وقعت من بعض القضاة أخطاء إدارية، ولا تؤثر على نزاهة العملية الانتخابية، ولا تُقارن بأي تجاوز حدث في أي انتخابات سابقة. بدوره قال المستشار أحمد مكي رئيس لجنة إعداد مشروع تعديل قانون السلطة القضائية، نائب رئيس محكمة النقض السابق، «إن القضاة يقومون بأداء دورهم في حدود الظروف القائمة»، واصفا قرار الانتخاب على اليومين بأنه عشوائي، وفاجأ القضاة، لكن ما أبداه الشعب المصري من إصرار على إجراء الانتخابات في موعدها، وإقباله الكبير على المشاركة، قد غسل متاعب القضاة». ووصف أخطاء بعض القضاة بأنها في حدود هامشية، كالتأخير، والبطء، مشيرا إلى أن اللجنة العليا للانتخابات وقعت في خطأ آخر بتمديدها الاقتراع ساعتين حتى التاسعة مساء دون أن تبلغ القضاة به، مما أدى إلى غلق لجان في السابعة، وأخرى في التاسعة. وكشف المستشار مكي النقاب عن أن عددا من شباب القضاة اقترح عليه أن يبيت إلى جوار صناديق الاقتراع داخل اللجان الانتخابية في المراحل الثلاث للانتخابات، حرصا منهم على عدم العبث بها، إلا أنه نبههم إلى أنه من الأفضل تشميعها، وتركها في حراسة الجيش والشرطة، للعودة إليها في صباح اليوم التالي لمواصلة الاقتراع. وبشأن احتمالات التزوير، قال المستشار أحمد مكي إن الانتخابات الراهنة في ظل الإشراف القضائي الكامل عليها بعيدة كل البعد عن احتمالات التزوير، معتبرا التزوير جريمة يرتكبها حاكم لا أفراد. وبالنسبة لليوم الثاني للاقتراع قال إن اللجان لن تغلق أبوابها إلا إذا استوفى الحضور في رحاب اللجان حقهم في التصويت، وبعدها سيتم نقل الصناديق إلى اللجنة العامة للانتخابات، ومن ثم إعلان نتيجة المقاعد الفردية فورا، ثم إعلان نتائج القوائم الحزبية في كل دائرة، في وقت لاحق. ويشرف نحو عشرة آلاف قاض على الانتخابات. وقد رفضت محكمة القضاء الإداري أمس إصدار أحكام قضائية في الدعاوى التي طالبت بإلغاء الانتخابات أو تأجيلها، وأحالتها إلى هيئة المفوضين بالمحكمة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها تمهيدا لإصدار حكم.