لا يختلف اثنان حول الدور الذي بات يلعبه وكلاء اللاعبين داخل المنظومة الحديثة لكرة القدم، ففضلا عن الآفاق التي يفتحونها للاعبين، وأيضا للأندية، من خلال الصفقات التي يشرفون عليها، فإنهم في الكثير من الأحيان، وخاصة عندما تنعدم الصفة القانونية، يكونون وبالا على النظام العام للممارسة. فمهنة الوساطة تصبح نقمة متى كان الشخص الذي يقوم بها خارج السياق، ويفتقد للشروط للازمة لدخول هذا المجال، الذي يجب أن يقوم بالدرجة الأولى على الثقة والأخلاق. كثيرة هي الحالات التي ذهب ضحيتها لاعبون ومدربون وحتى أندية، أصبحوا في رمشة عين فريسة لأشخاص لا يقيمون أي اعتبار للقيم الإنسانية، ويضعون مصلحتهم المادية فوق كل الاعتبارات، فينسجون علاقات عنكبوتية، مستعملين أساليب وطرق احتيالية توصلهم إلى هدفهم «المنشود». لقد كانت قضية انتقال اللاعب مروان زمامة إلى الدوري الاستكتلندي تجسيدا واضحا لهذه «العتمة» التي تحيط بهذا المجال الحيوي، وانتهت بدواليب المحاكم، بعدما سجن المتورط الأول في عملية التزوير، لكن مع ذلك مازال واقع الحال يحمل إلينا العديد من «الطفيليات» التي تنبت في العديد من الملاعب مستغلة جهل البعض، فتحولهم إلى «فرائس» لها، غير عابئة بالآثار السلبية التي قد تسببها للاعبين أولا والأندية ثانيا. إن الاتحاد الدولي لكرة القدم قنن مهنة الوسيط بشكل دقيق، وحدد نسبة الوكيل في 10% من الصفقة تؤخذ من طرف واحد، وغالبا ما يكون النادي عند كل عملية انتقال، وحدد مجموعة من المعايير للحصول على رخصة الاشتغال، إلا أن البعض مازال يفضل الظلام، بعيدا عن الوضوح والشفافية. لا يتعدى عدد وكلاء اللاعبين الحاصلين على الرخصة القانونية بالمغرب 22 شخصا، حسب الموقع الرسمي للفيفا، لكن هذا العدد يظل قليلا، مقاربة مع بلدان أخرى مغمورة في كرة القدم. إن الجامعة مطالبة بتحمل مسؤوليتها كاملة في ظل انتشار ظاهرة الوساطة السرية وتغلغلها داخل المشهد الكروي، وتدخل الجامعة ضرورة ملحة للحد من ظاهرة التلاعب في النتائج، التي يكون مثل هؤلاء الوسطاء محركين لها، وأيضا للحفاظ على حقوق اللاعبين والأندية، خاصة تلك التي تمارس في الأقسام السفلى، والتي تعتمد على بعض «الشناقة» في علاقاتها باللاعبين والمدربين. في هذا الملف سنحاول تسليط الضوء على العديد من التجارب التي أضرت بواقع الممارسة، وحولته إلى «رحبة» تباع فيها القيم وتشترى وتنتهك الإنسانية، كما نستعرض السبل الكفيلة للحد من هذه الظاهرة وإعادة الاعتبار لمهنة الوسيط. عزيز الشافعي، وسيط معترف به من الفيفا المسؤولية تقع على عاتق بعض الأندية إن المسؤولية في انتشار ظاهرة «الوساطة السرية» تتحملها بعض الأندية، التي سمحت لنفسها بالتعامل مع أشخاص يفتقدون للأهلية القانونية. وعكس ما يقال عن مثل هؤلاء الأشخاص، فإنني أعتبرهم منقبين لهم نظرة خاصة، نظرة ثاقبة، لا نجدها حتى عند بعض الأطر التقنية. وبالتالي وجب احتواؤهم من طرف الوكلاء المعترف بهم، وتوفير الحماية القانونية لهم. فالفيفا يفتح الباب أمام المتعاونين، الذين يعملون تحت مظلة وسطاء لهم الشرعية القانونية. شخصيا يعمل إلى جانبي مجموعة من المتعاونين، الذين يتوصلون بمقابل مادي عن عملهم، وأحدد لهم مجال اختصاصهم. وبالتالي يشتغلون في ظروف مضبوطة. لكن هناك في المشهد الكروي أشخاص «مكرفسين» على المهنة، ويعبثون بها ويضرون بمصالح كل المتداخلين. وعموما فنحن الوكلاء الشرعيين مطالبون بفتح المجال أمام هؤلاء الأشخاص واحتوائهم، لأننا نحن أيضا اشتغلنا إلى جانب وكلاء سبقونا إلى الميدان، وقدموا لنا يد المساعدة، وفتحوا أمامنا آفاق الاشتغال.