قبيل منتصف نهار أمس، كان الخبر يتصدر كل وسائل الاعلام: تم اعتقال ومقتل العقيد معمر القذافي .لقد سقط صاحب ««زنقة زنقة « » في أيدي الثوار، وانتهت بذلك رحلته التي انطلقت في فاتح شتنبر من سنة 1969رئيسا، واختتمها قتيلا. في ضواحي سرت حيث كان على أهبة الفرار من المدينة التي ولد بصحرائها سنة 1942 . خاض القذافي آخر معاركه بعد أن استجمع رتلا من السيارات باحثا عن ملاذ جديد . فسرت التي حررها الثوار من قبضته وكتائبه التي تخندقت بها منذ شهر، انهارت بعد حصار ومعارك شرسة مع قوات المجلس الانتقالي الذي يحكم اليوم ليبيا . انتهت رحلة عميد الديكتاتوريين ، ولم تصمد تهديداته لأبناء شعبه الذين نعتهم بالجرذان وتوعدهم بالإحراق . لم يكن القذافي، شأنه شأن كل الطغاة الذين لايؤمنون بإرادة الشعوب، يعتقد يوم 17 فبراير الماضي أن الثورة التي اندلعت شرارتها الأولى ذلك اليوم، سيتسع مجالها الجغرافي والبشري لتصل إلى العاصمة طرابلس وتقتحم ذاك الحصن المنيع الذي بناه القذافي وأولاده ونظامه بركام من الإسمنت المسلح وآلات المراقبة ومتاهات السراديب وسماه باب العزيزية. حين دخل الثوار إلى طرابلس في غشت الماضي، هرب القذافي وأطل من خلال صوته بإحدى القنوات التلفزية التي تبث من دمشق متوعدا ب»«حرب لاهوادة فيها» » ، ومن يومها تناسلت الروايات حول مقره الجديد: هل مازال في ليبيا أم غادرها؟ هل التحق بعائلته في الجزائر أم انسحب إلى النيجر؟ أمتحصن ببني وليد أم متخندق بسرت؟ وفي سياق البحث عنه، رصد أحد الليبيين مليون ونصف دولار لمن يأتي به حيا أو ميتا. خلال ال 250 يوما من الثورة الليبية، مرت إذن رحلة العقيد بمراحل ومحطات وصور متعددة ، من خطاب ««زنقة زنقة»» إلى مظلته وهو راكب ««التك تك» «إلى إطلالته من وراء سور ساحة الشهداء ... أبدع القذافي مصطلحات كلها شتم لشعبه .خلال هذه الرحلة حول ليبيا إلى سوق للأسلحة بعد أن فتح المخازن على مصراعيها ، جلب المرتزقة من بلدان شتى، ووزع ثروات بلاده عليهم كأجور . خلال هذه الرحلة التي امتدت لأكثر من ثمانية أشهر، تسبب القذافي في وفاة أكثر من 50 ألف شخص وعشرات الآلاف من الجرحى . وفي استصدار مذكرة من المحكمة الجنائية الدولية لاعتقاله لارتكابه جرائم ضد الانسانية. هو الربيع العربي إذن، الذي اندلع من تونس ، وحصيلته الى اليوم : رئيس هارب هو زين العابدين بنعلي، ورئيس في قفص الاتهام، ممدد على سرير هو الرئيس المصري حسني مبارك. ورئيس هارب وقتيل هو القذافي، ورئيسان يترنحان على شفا الهاوية في دمشق وصنعاء هما بشار الاسد وعلي عبد الله صالح.