أكد القاضي الاداري أنه مستقل فعلا عن الدولة، وذلك من خلال العديد من الأحكام والقرارات التي أصدرها ضد الدولة نفسها، منها القرار عدد 462 الصادر عن الغرفة الادارية بالمجلس الأعلى بتاريخ 05/9/21 لفائدة مواطن فَقَدَ رجله اليسرى نتيجة انفجار لغم وحُكِمَ له بتعويض مادي. ندرج ملخصاً لحيثيات هذا القرار تقديراً لجرأة القاضي الموضوعي ودعماً للسلطة القضائية وتنويراً للمواطنين. يستفاد من وثائق الملف، ومن الحكم المطعون فيه أن المستأنف عليه (المواطن) تقدم بتاريخ 03/6/3 بمقال لدى المحكمة الادارية بأكادير عرض فيه أنه تعرض بتاريخ 1995/11/10 لحادث انفجار لُغم مضاد للمدرعات مدفون بالأرض بكدية الحلاب جنوب مدينة السمارة، وأنه فقد رجله اليسرى، كما يشهد بذلك محضر الضابطة القضائية المؤرخ في: 95/11/13، وأن مسؤولية الدولة قائمة على أساس المخاطر، ملتمساً الحكم على الدولة المغربية بأدائها له تعويضاً مؤقتاً قدره ثلاثون ألف (30.000) درهم وإجراء خبرة... بتاريخ 03/10/9، أصدرت إدارية أكادير حكماً تمهيدياً بإجراء خبرة أكدت أن بتر رجل الضحية اليسرى قد تم إلى حدود الثلث منها، وأن نسبة العجز الدائم هي 55%... بتاريخ 04/10/7 أصدرت المحكمة الادارية في الملف رقم 03/164 ضد الدولة المغربية وحكم عليها بأداء تعويض إجمالي للضحية قدره مائتا ألف (200.000) درهم مع النفاذ المعجل في حدود الثلث، وهو الحكم المستأنف من طرف الدولة، فيما التمس المواطن تأييده... .... حيث إن المحكمة الادارية بتعليلها ما قضت به تكون الألغام من المواد الخطيرة التي تقع على الدولة حماية المواطنين من خطرها وحراسة الأماكن المحتمل أنها موجودة بها، وأن مسؤولية الدولة في هذه الحالة، تقوم على أساس المخاطر (مسؤولية الادارة بدون خطأ) تكون قد عللت حكمها تعليلا سليماً ويكون الفرعان من السبب غير جديرين بالاعتبار... ... حيث إن المحكمة لما عللت ما قضت به، تكون الخبرة المنجزة في الملف أثبتت أن الأضرار اللاحقة بالمدعي كانت نتيجة انفجار لغم وترتب عنها عجز دائم بنسبة 55% وإصابة عميقة برجله اليمنى، وبتر رجله اليسرى، والآلام على جانب من الأهمية، وتشويه للخلق مع ردود نفسية مهمة وتأثير على الحياة المهنية، وأن الأمر لا يتعلق بحادثة سير، وأنها لما صادقت على الخبرة وقضت بالتعويض الوارد في حكمها، استناداً إليه لموضوعيته ومطابقته المقتضيات القانونية، يكون قضاؤها مرتكزاً على أساس قانوني سليم ولم يخرق حكمها أي مقتضى قانوني، والفرع من السبب غير جدير بالاعتبار... ... حيث إنه يلفى بالرجوع إلى وثائق الملف، ولاسيما الحكم المطعون فيه أن المحكمة لما عللت حكمها يكون التقادم الخماسي المنصوص عليه في الفصل 106 من قانون الالتزامات والعقود يشترط لقيامه علم الفريق المتضرر بالضرر والمسؤول عنه، وهو الشيء الذي لم تستطع الادارة إثباته، وأن إدلاء المتضرر بمحضر الضابطة لا يفيد حتماً علمه بالمتسبب في الضرر، مما تكون معه الدعوى خاضعة لتقادم عشرين سنة وتكون المحكمة قد بنت حكمها على أساس قانوني سليم ولم تخرق أي مقتضى، والفرع من السبب غير جدير بالاعتبار... ... وحيث إنه أمام هذه الاعتبارات، يتعين تأييد الحكم المستأنف في جميع مقتضياته نظراً لمصادفته للصواب.