مرة أخرى يتمكن القضاء الاداري لفطنة عناصره من الوقوف على الحقيقة وراء محاولة إفراغ موظف عمومي من السكن الاداري، فيحبط المحاولة ويعيد الأمور إلى نصابها. هذه الفطنة وهذا الذكاء هو ما قد لا يستعمله بعض القضاة في الميادين الجنائية والاجتماعية، بل وحتى المدنية، حيث مُرِّرت ملفات كانت بعض الأحكام الابتدائية أو الاستئنافية جاءت، كما أرادها أصحابها لكونهم تمكنوا من إخفاء حقائق على القاضي وأوقعوه في الخطأ، لكونه لم يبحث جيداً في القضية ولم يلجأ لذكائه وضميره. على كل حال، فالمتقاضون ومن خلالهم المواطنون، على الأقل أقرباؤهم وزملاؤهم وأصدقاؤهم وجيرانهم يعرفون كل ما يحدث لبعضهم البعض داخل المحاكم وخارجها، وهو ما يؤثر على ثقتهم بالقضاء من عدمها. القضاء الاداري من جانبه مازال بعيداً عن هذه التأثيرات، ونتمنى صادقين أن يستمرفي المحافظة على مكانته في مقدمة القضاء من خلال أحكامه وقراراته وأوامره الاستعجالية التي تواجه الشطط في استعمال السلطة من طرف بعض من يسيئون استعمال السلطة. اليوم، نقدم مضمون القرار عدد 757 الصادر بتاريخ 07/10/24 في الملف رقم 74/06/05 من طرف محكمة الاستئناف الادارية بالرباط. «بتاريخ 24 اكتوبر 2007 أصدرت محكمة الاستئناف الادارية بالرباط في جلستها العلنية القرار الآتي نصه بين: السيد الوكيل القضائي للمملكة بصفته هذه ونائبا عن الدولة المغربية في شخص السيد الوزير الاول وعن السادة وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الاطر والبحث العلمي ومدير الاكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط - سلا - زمور - زعير الجاعل محل المخابرة معه بمكاتبه بوزارة المالية والخوصصة بالرباط المستأنف من جهة. وبين السيد (--)، القاطن بمركز تكوين المعلمين والمعلمات بالرباط، نائبته الاستاذة لطيفة اوزان - المحامية بهيئة الرباط المستأنف عليه من جهة أخرى. وبعد المداولة طبقا للقانون في الشكل: حيث ان الاستئناف المقدم من طرف السيد الوكيل القضائي للمملكة بصفته هذه ونائبا عن الدولة المغربية في شخص السيد الوزير الاول وعن السادة وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الاطر والبحث العلمي ومدير الاكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباطسلا زمور زعير بتاريخ 25/12/2006 ضد الحكم الصادر عن المحكمة الادارية بالرباط بتاريخ 2006/03/16 تحت عدد 456 في الملف ر قم 16/06 غ قد جاء على الشكل المتطلب قانونا مما يتعين معه التصريح بقبوله. في الموضوع: حيث يستفاد من أوراق الملف، ومستنداته ومن ضمنها الحكم المستأنف ان السيد (---)(المستأنف عليه) تقدم بمقال افتتاحي بتاريخ 2006/01/16 امام المحكمة الادارية بالرباط يعرض فيه أنه عمل كممون بثانوية وادي المخازن للتعليم الاصيل بمدينة القصر الكبير - نيابة اقليمالعرائش - وشارك في الحركة الانتقالية وعين مسؤولا عن المصالح الاقتصادية بمركز تكوين المعلمين والمعلمات بحي العكاري الرباط التي ظل بها ثماني سنوات كلها جد ومثابرة إلا أنه تم نقل المركز من العكاري الى شارع الليمون مع إعلامه بإفراغ السكن الوظيفي والانتقال الى سكن جديد، الشيء الذي رفضه الطاعن معللا ذلك بكونه يسكن في دار تعود ملكيتها لإدارة الاملاك المخزنية وليس لوزارة التربية الوطنية ، وفي انتظار جواب عن هذه الرسالة فوجىء بتفتيش طارىء بشأن التسيير المالي والمادي لمركز التكوين الذي يسيره، توصل على إثره باستفسار أجاب عنه، وبعد الجواب صدر قرار بإعفائه من مهامه، هذا القرار المنعدم السبب والاختصاص لكونه صدر عن جهة إدارية غير مختصة كما أنه متسم بالانحراف في استعمال السلطة باعتبار ان التفتيش الذي خضع له لم يكن وفق المساطر القانونية، لأجله التمس إلغاءه، وبعد توجيه نسخة من المقال الى الادارة المطلوبة في الطعن لم تدل بجوابها رغم توصلها وإنذارها. من أجل ذلك صدر الحكم المشار إلى مراجعه اعلاه والقاضي بإلغاء القرار المطعون فيه وهو الحكم المستأنف. في أسباب الاستئناف حيث يعيب المستأنف الحكم المستأنف بفساد التعليل لانعدامه، لما اعتبرت المحكمة ان عدم جواب الادارة على الطعن بمثابة إقرار علي صحة الوقائع المبسوطة بالمقال، علما ان الاقرار يتم بشكل إيجابي ولايستنتج من خلال تصرف سلبي او عدم الجواب عن المقال، كما ان القرار عكس ماجاء في الحكم، فهو صادر عن جهة مختصة مفوض لها من طرف السيد وزير التربية الوطنية بالاضافة الى كونه متخذا بناء على اسباب ولو أنه يدخل ضمن السلطة التقديرية للإدارة. لكن حيث ان إصدار الادارة لقرارها بإعفاء موظف من مهام المسؤولية يدخل في إطار سلطتها التقديرية التي لا رقابة للقضاء عليها الا بسبب الانحراف في استعمال السلطة. وحيث ان الثابت من اوراق الملف ان السيدة مديرة الاكاديمية و جهت رسالة الى الطاعن (المستأنف عليه) مؤرخة في 2004/07/15 تدعوه فيها الى إفراغ السكن الوظيفي، وبتاريخ 2005/03/22 وجه إليه استفسار ينسب إليه عدة اخلالات في التسيير الاداري للمركز على إثر زيارة لجنة التفتيش له بتاريخ 2004/09/28 ثم صدر القرار المطعون فيه بتاريخ 15/09/2005 بإعفائه من مهام المسؤولية المسندة إليه. وحيث لايستساغ إداريا ان تقْدم الادارة على مطالبة موظف بإفراغ السكن الوظيفي قبل ان تصدر القرار بإعفائه من مهام المسؤولية وقبل ان تتحقق من الاخلالات المنسوبة إليه وقبل إيفاد لجنة التفتيش للتحقق من هذه الاخلالات مما يؤكد على أن عدم استجابة الطاعن (المستأنف عليه) للافراغ هو السبب الحقيقي وراء اصدار القرار المطعون فيه وليس بسبب ما نسب إليه لاحقا من اخلالات مما يشكل تجاوزا في استعمال السلطة يبرر إلغاء القرار المطعون فيه بسبب الانحراف في استعمال السلطة وبدون حاجة الى مناقشة باقي الاسباب فإن الحكم المستأنف جاء صائبا فيما قضى به وموجبا للتأييد. لهذا الاسباب قضت محكمة الاستئناف الادارية علنيا انتهائيا حضوريا في الشكل: بقبول الاستئناف وفي الموضوع: بتأييد الحكم المستأنف وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور اعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة الاستئناف الادارية بالرباط وكانت الهيئة متركبة من: السيد مصطفى التراب: رئيسا السيدة لطيفة الخال: مقررة السيد امحمد نفيل: عضوا بحضور المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق السيد احمد البوزيدي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة آمنة الصمد.