سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مع ساكنة مشروع الشلال لإعادة إيواء قاطني دور الصفيح بالمحمدية.. إحدى المستفيدات: «المشروع حقق حلمنا بامتلاك سكن لائق، لكن المسؤولين عن تدبير وتسيير هذا المشروع أجهضوه!...»
حلم مجهض نزهة، رشيدة، مليكة ومحمد -كغيرهم من سكان دور الصفيح بدوار لبراهمة جماعة الشلالات التابعة لنفوذ تراب عمالة المحمدية، وكباقي سكان دور الصفيح بمدن المغرب حلموا لسنوات طويلة بالاستفادة من البرنامج الوطني «مدن بدون صفيح»، الذي فتحت له عدة أوراش بالمغرب. ونظرا لأن جماعة الشلالات من بين أكبر التجمعات الصفيحية بإقليم المحمدية، فقد استفادت هذه الجماعة القروية من نصيب الأسد في هذه الأوراش. المؤسف أن عملية توزيع البقع جعلت أحلام نزهة الطالبة، رشيدة الأرملة، مليكة ربة بيت ومحمد المتقاعد، وكمعظم السكان المعنيين، بامتلاك سكن لائق ومريح، تصطدم بسخرة الواقع المرير والمجحف نتيجة ماعرفته هذه العملية من خروقات وتجاوزات كثيرة أخرت عملية إعادة إسكان قاطني دور الصفيح بالمحمدية التي كان من المنتظر أن تنتهي سنة 2008، وجعلت مسألة القضاء على دور الصفيح بهذه المدينة مسألة صعبة ومتعثرة. تقول رشيدة الأرملة: «لقد تم ترحيلنا سنة 1986 من دوار لبياسيون قرب المطار إلى دوار البراهمة، وتم إحصاؤنا سنة 2003 للاستفادة من السكن الاجتماعي، ووقعنا التزاما أمام السلطات بعدم بيع أو كراء أي جزء من البراكة التي نقطن بها حتى نحصل على (نمرة كاملة) - تقصد بقعة واحدة- ووفينا بالتزامنا لنفاجأ بالحصول على نصف نمرة، أي بقعة لكل براكتين. بينما السكان الذين باعوا براريكهم أو اكتروها حصلوا على نمرة كاملة كما حصل المشترون والمكترون الجدد على نمرة أو نصف نمرة لكل واحد. وتضيف معلقة: «في الواقع، المشروع جيد للغاية... فقد حقق لنا حلمنا الذي كان عبارة عن حلم بعيد المنال، بل مستحيلا نظرا لظروفنا الاجتماعية. لكن سِيدْنا -حفظه الله- جعله ممكنا. إلا أن المسؤولين عن تنفيذ هذا المشروع وعن توزيع الاستفادة نغصوا علينا فرحتنا». معايير غير موحدة العديد من السكان يحتجون على عدم توحيد المعايير بخصوص الاستفادة كاستفادة رؤساء المجموعات وأقاربهم وجيرانهم رغم عدم توفرهم على شروط الاستفادة، وحصول بعض الأسر على بقعة كاملة رغم عدم توفرهم على شرط الاستفادة القاضي بوجوب كونهم من سكان الدوار منذ سنة 1986. واستفادة غرباء عن الدواوير المعنية بالأمر. وعدم توحيد وتطبيق نفس المسطرة الخاصة بالاستفادة مع كل مجموعة، حيث أن بعض المجموعات استفادت بها النساء الأرامل، العزاب، أفراد من الجالية المغربية بالخارج، الأطفال والشيوخ، بنصف بقعة. في حين تم إقصاء مثل هؤلاء بمجموعات أخرى. كما حدث مع والدة رشيدة. وكذا حرمان العديد من الأسر المركبة التي تتوفر على شروط الاستفادة. كما حدث مع محمد متقاعد من القوات المساعدة في العقد السادس من العمر، يوضح: «كيف يعقل أن أقصى من حقي في الاستفادة وأنا من المرحلين سنة 1986، رب أسرة متزوج تعيش في كنفي ابنتين غير متزوجتين، ويستفيد ابني المتزوج القاطن معي بنصف نمرة فقط لا تتعدى مساحتها 84 مترا مربعا وبراكتي تتجاوز 150 مترا مربعا، ويفرض علي أنا وزوجتي وابنتي العيش معه ومع زوجته وأبنائه ومع شريك آخر وزوجته وأبنائه أيضا، بينما يستفيد مراهقون وعزاب، بل غرباء لا تتوفر فيهم شروط الاستفادة؟!... هل هذا جزائي لأنني التزمت بالقانون ووفيت بالتزامي أمام السلطات؟!...». يضيف بمرارة وهو يحاول كضم غيضه وغضبه: «هناك من استفاد ماديا، حيث أخرج من براكته براكة جديدة باعها لغريب عن الدوار مقابل 10 ملايين سنتيم، وهناك من اكترى جزءا منها لغريب مقابل 5 ملايين سنتيم كحلاوة واستفاد من واجب الكراء لسنوات... ثم استفاد من بقعة كاملة واستفاد المشتري والمكتري من بقعة أخرى شراكة لأنهما قدما رشوة رفضت تقديمها أو لأن قريب هذا المستفيد عضو بإحدى اللجن الشعبية (المحلية)». العائلات التي لم تستفد تبعا للشروط التي تم اعتمادها لترحيل باقي سكان البراهمة، أي الاستفادة تبعا للتوفر على الحالة المدنية، تطالب بحق كل رب أسرة في الاستفادة من سكن خاص. وقد توجهوا بشكايات حول هذه الاستفادة غير العادلة إلى الجهات المعنية. بخصوص معايير الاستفادة وانتقادات السكان حول عدم توحيدها، أوضح مصطفى اليحياوي المسؤول عن لجنة تتبع برنامج إعادة الإيواء : «هذه أمور لا نتحكم فيها كسلطة إقليمية. وهذا يتعلق بدفتر التحملات الخاص بالعملية، وهو دفتر تتحكم فيه معايير السكن المخصص لمحاربة مدن الصفيح والذي يتحكم فيه برنامج «مدن بدون صفيح»، وهو دفتر تحملات موضوع على مستوى البرنامج الوطني. وهذه قواعد تنظيمية تهم البرنامج لا يمكننا كسلطة التحكم فيها أو خرقها. وليس لنا إمكانية ذلك وليس لنا يد في هذه الإجراءات المسطرية. كقضية أسرتين في بقعة واحدة أو قضية مساحة البقعة. فهذه معايير تقنية ضابطة لبرنامج محاربة السكن الصفيحي على المستوى الوطني. لجن محلية غير مرضية بعد الفيضانات الكارثية التي حلت بدوار البراهمة شرقاوة الكائن بتراب جماعة بني يخلف، ارتأت عمالة المحمدية أن ترحل سكان هذا الأخير إلى تراب جماعة الشلالات، فتم بذلك إسكانهم بمشروع الشلال الشطر الأول. وقد جاءت استفادة هذه الأسر انطلاقا من إحصاء ذاتي للسكان فيما بينهم، تمت المصادقة عليه وتفويت البقع للمستفيدين انطلاقا من النتائج المتوصل بها في هذا الإحصاء. وبعد نجاح الإحصاء الذاتي في دوار البراهمة شرقاوة الذي يضم حوالي 200 أسرة، فتح الشطر الثاني من مشروع الشلال، حيث ارتأت عمالة المحمدية تطبيق نفس الفكرة بكل من دوار البراهمة 2 الذي يضم أزيد من 1000 أسرة وجزء من دوار معزة لحجر (حوالي 180 أسرة)، فتم خلق لجن شعبية - يقول بعض السكان- بطريقة عشوائية بدون استشارة مع السكان وبدون موافقتهم على العناصر المكونة لهذه اللجن، فترتب عن ذلك العديد من التجاوزات الخطيرة... توضح مليكة ربة بيت: «أنا مع القانون شريطة أن يشمل الكل بدون تمييز أو استثناء أو محاباة أو محسوبية أو رشوة. لكن أن يوضع مصيرنا بيد لجن تضم مراهقين وشباب يجهلون تاريخ المنطقة وتاريخ سكانها، بل يجهلون سكانها بحكم حداثة إلتحاقهم بالدوار وحداثة سنهم، فهذا ما نرفضه». وتحتج نزهة الطالبة على المحسوبية والإقصاء الذي مارسه بعض أعضاء اللجن الشعبية ضد بعض السكان، تقول: «عرفت عملية الاستفادة خروقات عديدة منها إقصاء 5 أشخاص من الاستفادة وهم من المرحلين سنة 1986. لقد خلق بعض أعضاء اللجن المحلية مشاكل عديدة بين السكان بسبب المحسوبية والرشوة والابتزاز وتصفية الحسابات. حيل للاستفادة ويوضح حسن بحار، بعض التلاعبات والاحتيال الذي مارسته بعض الزيجات لاستفادة مرتين بطريقة غير شرعية ولا قانونية: « كنا نسمع عن الزواج الأبيض. الآن، أصبحنا نسمع عن الطلاق الأبيض، حيث يطلق الزوج زوجته ليستفيدا معا كل على حدة! وبعد ذلك يرجع زوجته». انتقادات كثيرة هذا البرنامج الذي انطلق منذ سنة 2007 بهدف القضاء على دور الصفيح، والذي أشرفت عليه مصالح عمالة المحمدية بتنسيق مع مندوبية وزارة الإسكان بالمدينة ومؤسسة العمران والمكتب المسير للجماعة المحلية وقيادة زناتة بتراب جماعة الشلالات، والذي انطلقت أشغاله سنة 2008، خرج شطره الأول المتعلق بمشروع الشلال إلى حيز الوجود سنة . وقد تمت خلاله استفادة كل من أسر دوار المجذوب وجزء من دوار البراهمة 2 وجزء من دوار كابي. وجاءت استفادة هذه الأسر انطلاقا من سجلات الإحصاء الوطني الأخير، حيث اعتمدت بذلك عمالة المحمدية على قيادة زناتة لضبط لوائح الاستفادة انطلاقا من شهادات المقدمين وسجلات الإحصاء الأخير. فترتب عن ذلك إسكان أزيد من 600 أسرة بهذا الشطر. بعد ذلك تم توقيف أشغال المشروع، نظرا لعدم اكتمال أشغال تجهيزه بقنوات الصرف الصحي الخارجية، إذ كانت الخطة التي بدأ بها هذا المشروع تقتضي تجميع مياه الصرف الصحي بحفرة تم إنشاؤها باتفاق مع عامل عمالة المحمدية وباقي الشركاء (الجماعة المحلية، مؤسسة العمران، المكتب الوطني للماء الصالح للشرب). لكن ذلك لم يتم، مما جعل المشروع يعرف مشاكل أخرى متعلقة بالتجهيز غير المكتمل بالشطر الثاني. بخصوص هذه النقطة، تحتج نزهة الطالبة على التأخير الذي عرفته الأشغال المتعلقة بالبنية التحتية في المشروع، تقول: «لقد وعدونا بانتهاء أشغال التزود بالماء والكهرباء في سقف شهر ونصف. الآن، مرت أكثر من 8 أشهر ولم يفوا بالتزاماتهم. مما جعل أغلب السكان يحلون المشكل بطرقهم ووسائلهم الخاصة». ويجمل السكان المشاكل المتعلقة بالتجهيز في النقط التالية: - عدم توفر الشطر الثاني على قنوات خارجية للصرف الصحي أو أي بديل لها مثل الحفر. - عدم اكتمال قنوات الصرف الصحي الداخلية. - رداءة قنوات الماء الصالح للشرب، حيث تسربت المياه، في بعض الحالات، إلى أساسات المنازل، مما يشكل خطورة على سلامة البناء واحتمال انهياره. - عدم اكتمال التجهيزات الرئيسية بالمشروع مثل تعبيد الطرق وأعمدة وكابلات الإنارة المنزلية والعمومية. - عدم الترخيص ببناء محلات تجارية رغم كون بعض الشوارع يبلغ عرضها 20 مترا. ورغم بعد الأسواق عن المشروع وانعدام الدكاكين به. - تعقيد الإجراءات الإدارية المتعلقة بالاستفادة، مثل كثرة الأوراق الرسمية والطوابع البريدية التي تطالب بها كل من مؤسسة العمران وجماعة الشلالات. وفي حالات كثيرة تماطلهما في تسليم الوثائق للمستفيدين. كما هو الحال بالنسبة لمهندس مؤسسة العمران الذي رفض تسليم المستفيدين تصميم حديد الأساسات. تقول رشيدة: «لقد اتصلت مرارا وتكرارا أنا وبعض الجيران بالمهندس المسؤول عن المشروع لتسليمنا (بلان ديال الحديد)، لكنه كان يماطلنا، ونظرا لأننا أصبحنا مشردين بعد أن هدمنا براريكنا ومنا من تحمل مصاريف الكراء، ومنا من نزل ضيفا ثقيلا على أهله، فقد اضطررنا إلى اللجوء إلى مهندس آخر لإنجاز هذا التصميم. وهنا بدأ مشكل تمويل عملية البناء، فقد وعدونا بالحصول على قروض بتسهيلات كبيرة. لكن لم يكن من ذلك شيء، بل كلام فقط. فاضطررنا إلى اللجوء إلى الاقتراض بفوائد كبيرة. ولم يكفنا القرض، فلجأنا للاقتراض من أهلنا ومعارفنا. وبعد أن بدأنا أشغال البناء، طلبنا من المهندس المكلف بالمشروع أن يحضر للمراقبة والمعاينة، لكنه لم يأت فأتممنا البناء بدونه. وبعد أن استقر بنا الحال في شققنا، عانينا كثيرا من انعدام الماء والكهرباء اللذين لم يتم الترخيص لنا للتزود بهما، كما عانينا من انعدام السوق وانعدام الدكاكين وكأننا في جزيرة نائية. لقد كان وضعنا في البراريك أرحم من الآن، كان لدينا الماء والكهرباء والصرف الصحي والسوق والدكاكين. وكان أبناؤنا وأزواجنا يتاجرون ويبيعون لكسب رزقهم ورزق أبنائهم بدكاكين بالدوار. لكننا، الآن، محرومون من كل ذلك. إذ منعنا من فتح دكاكين، وأبناؤنا وأزواجنا عاطلون، مما زاد من ضيق حالنا». وبخصوص رسوم البناء، أوضح رفيه بنية رئيس قسم التعمير بعمالة المحمدية أنه وقع تعديل على القيمة الجبائية، حيث صدر قرار جبائي بتخفيف رسوم البناء بالنسبة لهؤلاء المستفيدين. مما اضطر رؤساء الجماعات المحلية إلى تطبيق تلك التعديلات وتخفيض الضرائب الجبائية إلى 10 دراهم للمتر المربع المبني. ويؤكد حسن بحار أن سكان البراهمة يطالبون السلطات المعنية بتفعيل آليات المراقبة والمحاسبة في عملية ترحيل المستفيدين من السكن الاجتماعي والاستجابة الفعلية والفورية لانتظارات الساكنة التي تكتسي طابعا استعجاليا. كما يطالبون وزير الداخلية والسلطات الوصية بالجهة بالعمل على فتح تحقيق في الخروقات التي شابت عملية ترحيل السكان، من بينها أن العائلات المركبة والكبيرة بأحياء صفيحية موجودة بجماعة الشلالات، تم ترحيلها في وقت سابق إلى المشروع الجديد، في حين حرمت العائلات المركبة بدوار البراهمة من الاستفادة من هذا الحق. تساؤلات أكثر ويؤكد أن السكان يتساءلون عن المعايير المعمول بها للاستفادة من السكن، خاصة أن العديد من الأسر المركبة لم تستفد رغم استيفائها لشرط الاستفادة، وهو التوفر على دفتر الحالة المدنية. بينما استفادت عائلات أخرى بنفس الشرط، منها عائلة استفاد الأب والابن بالرغم من توفرهم على باب واحد، بينما أب آخر حرم ابنه المتزوج رغم توفره على باب مستقل وعلى دفتر الحالة المدنية، مما يطرح التساؤل حول المقاييس التي اعتمدت عليها السلطة لتمكين البعض من الاستفادة وحرمان البعض الآخر منها. وأضاف أن بعض الغرباء ليست لهم أسر، استفادوا، ويؤكد أن هناك حالات مثبتة تؤكد ذلك... فقد سجل السكان في رسالة وجهت إلى السلطات المعنية أزيد من 50 خرقا قانونيا شاب عملية الترحيل. وأوضح سكان البراهمة في رسائل حملت توقيعاتهم، موجهة إلى العديد من الوزارات الوصية والسلطات بجهة المحمدية، أن المشروع تنقصه البنيات التحتية الأساسية خاصة مياه الصرف الصحي. لكن السلطات لم تتحرك لحل المشكل. وقد نظم السكان المتضررون وقفات احتجاجية ضد التقصير في ضبط وتسيير عملية توزيع الاستفادة غير النزيهة في نظرهم، منددين بالخروقات الحاصلة في مشروع الشلالات والتي اعتبروها إجحافا في حقهم. وأكدوا لجريدة الاتحاد الاشتراكي استمرارهم في الدفاع عن حقهم في الاستفادة من سكن لائق تتوفر فيه شروط الصحة والسلامة والراحة.