كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات، في الشق المرتبط بنشاط الشركة الوطنية للنقل واللوجيستيك ، عن مفارقة غريبة في مجال ترشيد مصاريف الإدارات العمومية في الجانب المرتبط بسيارات الدولة. فقد توصل التقرير إلى أنه في الوقت الذي يستفيد آلاف الموظفين من سيارات الدولة والمصاريف المرتبطة بها من إصلاح وفاتورة الوقود، مازالوا يستفيدون من تعويضات جزافية عن التنقل واستعمال سياراتهم الخاصة لممارسة نشاطهم المهني، بخلاف ما كانت حكومة عبد الرحمان اليوسفي قد قررته عندما تم إصدار مرسوم وزاري بتخلي الوزارات والإدارات العمومية عن سيارات المصلحة وتمليكها لمستغليها مقابل تعويضهم عن التنقل واستعمال سياراتهم الخاصة في إطار ترشيد نفقات الإدارات العمومية والتي تضمنتها الإجراءات التنظيمية المضمنة في المرسومين رقم 1015 - 97 - 2، ورقم 1052 - 97 - 2 بتاريخ 02 فبراير 1998 ، و نصوصها التطبيقية خصوصا دوريتي الوزير الأول رقم 04 / 98 بتاريخ 20 فبراير 1998 و 11 / 98 بتاريخ 7 أبريل 1998 . اختلالات و معطيات إحصائية موثقة صادرة عن مؤسسة تتمتع بمصداقية كبيرة، إلا أننا لم نسمع على الأقل بأن تحقيقا قضائيا قد فتح حول الموضوع، لم نسمع أن استفسارات وطلب إحاطة قد تم تسجيلهما لربما لأن هناك حقائق ومعطيات صادمة حول الموضوع قد تميط اللثام عن ملف فساد يصعب احتواؤه. التقرير كشف عن مبالغ مالية جد مرتفعة صرفت على حظيرة سيارات الدولة، في نفس الوقت الذي استمر صرف تعويضات تقدر بالملايير لفائدة مجموعة من المحظوظين الذين احتفظوا بتعويضاتهم الجزافية عن التنقل. فقد سجلت مصاريف التسيير المتعلقة بحظيرة سيارات الدولة، بما فيها التعويضات الجزافية الممنوحة للموظفين المسؤولين من أجل استعمال سياراتهم الخاصة من أجل المصلحة، ارتفاعا مستمرا، حيث مرت من 477.627.419 درهما سنة 97 / 96 إلى 517.834.318 درهم سنة 2001 ، واستمرت في هذا المنحى التصاعدي حيث سجلت «قفزات» ما بين سنتي 2003 و 2005، ويظهر من خلال مقارنة مع سنتي 97 - 96، كسنة مرجعية، أن نفقات حظيرة سيارات الدولة قد انخفضت بنسب تتراوح ما بين 10 % و 15 % إلى حدود نهاية سنة 2002 ومغادرة عبد الرحمان اليوسفي الوزارة الأولى ومجيء ادريس جطو ابتداء من سنة 2003، حيث عرفت هذه النفقات زيادة مهمة ناهزت نسبة 15 % مقارنة مع سنة 97 / 96 ، بسبب أهمية المقتنيات الجديدة والتي صرفت فيها الملايير، وتم فتح اعتمادات الكراء مع شركات بعينها. التقرير، وفي سياق كشفه لحجم الاختلالات، توقف عند نفقات إصلاح عربات جديدة لا يتجاوز عمرها سنة واحدة بمبلغ 23.919.620 درهما إضافة إلى نفقات إصلاح عربات على إثر حوادث السير التي تجاوز مبلغها خلال الفترة الممتدة ما بين 2004 و 2007 أكثر من 200.000 درهم للسيارة الواحدة، فعلى سبيل المثال وصلت نفقات إصلاح أربع سيارات ما مجموعه 1.167.060 درهما خلال هذه الفترة. كما لوحظ أن العديد من العربات ) 3.419 تابعة للميزانية العامة للدولة و 6.699 للميزانيات المستقلة( لم تستهلك أية كمية من الوقود طوال الفترة الممتدة ما بين 2004 و 2007 ، ومع ذلك خضعت لإصلاحات وصل مجموعها إلى 11.143.820 درهما. هي معطيات وإحصائيات رسمية نوردها هنا من باب التذكير مادامت تحركات البعض أفضت إلى طمس الموضوع وتمكنت على الأقل، لحد الآن، من الالتفاف عليه.