أن يتطرق تقرير المجلس الأعلى للحسابات بشكل صريح ومن دون أي غموض أو لبس إلى اختلالات سجلها بخصوص نشاط الشركة الوطنية للنقل واللوجيستيكية، فذلك يعني أنه وقف على عناصر إدانة للسياسة العامة لهذه المؤسسة، لكن أن يتم التعامل مع هذه الخلاصة بمنطق اللامبالاة فذلك نايجب الوقوف عنده مليا لكشف خبايا ماوراء لغة الصمت المطبقة. لفقد توصل تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى أنه في الوقت الذي يستفيد آلاف الموظفين من سيارات الدولة والمصاريف المرتبطة بها من إصلاح وفاتورة الوقود لازالوا يستفيدون من تعويضات جزافية عن التنقل واستعمال سياراتهم الخاصة لممارسة نشاطهم المهني، والتي كانت حكومة عبد الرحمان اليوسفي قد قررتها منتصف التسعينيات عندما تم اصدار مرسوم وزاري بتخلي الوزارات والإدارات العمومية عن سيارات المصلحة وتمليكها لمستغليها مقابل تعويضهم عن التنقل واستعمال سياراتهم الخاصة في إطار ترشيد نفقات الإدارات العمومية والتي تضمنتها الإجراءات التنظيمية المضمنة في المرسومين رقم 1015 - 97 - 2، ورقم 1052 - 97 - 2 بتاريخ 02 فبراير 1998 و نصوصها التطبيقية خصوصا دوريتي الوزير الأول رقم 04 / 98 بتاريخ 20 فبراير 1998 و 11 / 98 بتاريخ 7 أبريل 1998 . التقرير كشف عن مبالغ مالية جد مرتفعة صرفت على حظيرة سيارات الدولة، في نفس الوقت الذي استمر صرف تعويضات تقدر بالملايير لفائدة مجموعة من المحظوظين الذين احتفظوا بتعويضاتهم الجزافية عن التنقل. التقرير، وفي سياق كشفه لحجم الاختلالات، توقف عند نفقات إصلاح عربات جديدة لا يتجاوز عمرها سنة واحدة بمبلغ 23.919.620 درهما إضافة إلى نفقات إصلاح عربات على إثر حوادث السير التي تجاوز مبلغها خلال الفترة الممتدة ما بين 2004 و 2007 أكثر من 200.000 درهم للسيارة الواحدة، فعلى سبيل المثال وصل مجموع نفقات إصلاح أربع سيارات ما مجموعه 1.167.060 درهم خلال هذه الفترة. كما لوحظ أن العديد من العربات ) 3.419 تابعة للميزانية العامة للدولة و 6.699 للميزانيات المستقلة( لم تستهلك أية كمية من الوقود طوال الفترة الممتدة ما بين 2004 و 2007 ومع ذلك خضعت لإصلاحات وصل مجموعها إلى 11.143.820 درهم. فمادا كان رد فعل الجهات المختصة ؟ ماذا كان رد السيد الوزير الأول ووزير المالية؟ الصمت، الصمت فلاحاجة لهم بوجع الراس ولو كان الأمر يتعلق بالحفاظ على المال العام، لاحاجة لهم بمشاكل اضافية ولو تعلق الأمر بملايير السنتيمات تصرف بشكل مزدوج، المهم لتترك دار لقمان على حالها «راهم مامخلصين والو من جيبهم..»!