هل نحن بالفعل في حاجة ماسة إلى المسرح الكبير، هل الفرجة حقا أول اهتماماتنا وأولوياتنا علما بأن الدارالبيضاء في حاجة إلى إنجاز أكثر من مسرح ألا نخاف أن نصبح نحن «فراجة» والعالم يمكنه أن يتفرج فينا/علينا ؟ كيف لا وحال مدينة الدارالبيضاء ، العاصمة الاقتصادية، وقلب المغرب النابض وأكبر مدينة من الناحية السكانية، لايسر عدوا ولا حبيبا. كيف لا وعقارب ساعة جماعتها مشلولة لاتقوى على الحركة، عاجزة عن أن تعود أدراجها إلى الوراء ولاتستطيع أن تتحرك إلى الأمام قيد أنملة! مدينة بجماعتها ومقاطعاتها الست عشرة، رست سرعتها وعادت إلى «البوان مور»، دون أن تتمكن من أن تنتقل إلى السرعة الأولى أو الثانية، لكون مبدل السرعة أصبح عصيا على التحرك، والسبب في ذلك عوامل كثيرة أصبح يعلمها القاصي والداني، تراكمت الدورة تلو الدورة، دون أن تتحرك أية جهة لإنقاذ الموقف وإعادة الاعتبار للمواطن البيضاوي. هذا المواطن الذي بالفعل قد يصبح «فراجة» غدا عندما يتوجه إلى المقاطعة التي يقطن بنفوذها طلبا لسيارة إسعاف من أجل نقل قريب له توفي صوب المقبرة لإكرامه بالدفن، فلا يلبى طلبه لتعذر تحرك سيارة الإسعاف بسبب افتقادها للبنزين، وألا يكون باستطاعته كذلك أن يستفيد من حافلة المقاطعة لنقل مرافقي الراحل إلى مثواه الأخير لنفس العلة، ولهذه الغاية فسيطَالب بتسديد ثمن الوقود أو تأجير وسائل خاصة أو البحث عن «كاروات» للقيام بالمهمة ؟ يقصد مصلحة حفظ الصحة بحثا عن حقنة أنسولين أو حبات «دياميكرون» أو «أماريل» وغيرها من الأدوية التي توصف لمرضى داء السكري، فلا يجد إليها سبيلا لكونها غير متوفرة. لما يريد إنجاز وثيقة إدارية بأية مصلحة من مصالح المقاطعة أو بمجلس المدينة أو بدار الخدمات، فلا يتسلم الوثيقة المرغوب فيها، إما لعدم توفر الأوراق، أو لنفاد الحبر من الطابعة، أو لافتقاد الإدارة ل «ستيلو»، أو لأي سبب آخر من الأسباب ... عندما تغزو الحشرات والجرذان منازل المواطنين لعدم رش المبيدات التي نفدت ولم يعد بالمقدور اقتناء أخرى. عندما تتراكم النفايات والأزبال و«تتوقف» الشركات المفوض لها تدبير قطاع النظافة، عن عملها في انتظار تسلم مستحقاتها. عندما .. وعندما .. وعندما لايكون بالإمكان عقد دورة استثنائية للمصادقة على المشاريع الكبرى المتوقفة، والمصادقة على منح المقاطعات البيضاوية، التي بدونها ستتوقف عجلتها عن الدوران. عندما يعجز مجلس المدينة عن القيام بمهامه وأدواره. عندما «يلعب» منتخبون جيء بهم إلى عالم السياسية، بالنار. عندما تقف الإدارة الترابية موقف المتفرج حيال كل مايقع. عندما يصبح الهاجس الكبير هو «المسرح»، آنذاك سيكون الخوف الأكبر هو أن تتحول الدارالبيضاء إلى مسرحية كبيرة، هو أن تصاب العاصمة الاقتصادية ب«السكتة القلبية»، المدينة التي خبرت الحركات الاحتجاجية منذ 1965 و 1981 ، وغيرها من الاحتجاجات، والتي تعرف اليوم بعضا من نماذجها السلمية في إطار ما يصطلح عليه ب«الربيع العربي». عندما يٌمس المواطن في خدمات القرب المفروض تقديمها له كجواب عن بعض المشاكل التي يصادفها في حياته اليومية، فرد الفعل لن يكون بالقطع مناسبا، بل إن أي سلوك أو تصرف سيكون منتظرا! فمتى تتدخل مصالح وزارة الداخلية لتجنيب الدارالبيضاء «السكتة القلبية» ؟