كوّن الفكاهي المغربي مصطفى الأترسي لنفسه سمعة ممتازة في باريس منذ أن بدأ يقدم وصلاته الكوميدية في العام 2004، وهو بعد في الثامنة عشرة من عمره، علماً أنه يكتب فقرات برامجه بنفسه، ويطرحها في شكل «ستاند أب كوميدي» أي استعراضات كوميدية فردية على مدى أكثر من ساعة يمثّل خلالها «اسكتشات» وشخصيات متنوعة، ما يحتاج إلى مهارة فنية لا شك في أن الأترسي تدرّب عليها طويلاً واكتسب أسرارها وتقنياتها. وافتتح النجم الشاب استعراضه الجديد على مسرح «لاف فاكتوري» في لوس أنجليس، علماً أن تذاكر الأسبوع الأول بيعت بكاملها في 48 ساعة. وكانت إدارة المسرح أعلنت عن حضور الفنان إلى لوس أنجليس لمدة ثلاثة أسابيع فقط في (غشت)2011 ليقدم وصلته الفكاهية باللغة الإنكليزية. ولد الأترسي في المغرب، وطوّر منذ صباه مهارة استثنائية في تقليد الفنانين ومقدمي برامج التلفزيون، ووصل إلى المرتبة النهائية في مسابقة كبيرة كانت القناة التلفزيونية المغربية الثانية أطلقتها لاكتشاف مواهب مسرحية فكاهية شابة. واشتهر الأترسي في بلاده، بفضل مشاركته في بطولة المسلسل الناجح «الربيب» ، ما أتاح له في ما بعد فرصة الظهور كمقدم لفقرة كوميدية في برنامجين فرنسيين، أحدهما للإذاعة والثاني للتلفزيون. وبما أن الأترسي يهوى اللغات، ويقلّد غالبيتها كالألمانية والروسية واليابانية بمهارة فائقة، فقد أمضى فترة في بريطانيا من أجل أن يطور لغته الإنكليزية، فاكتشف هناك خبايا ال «ستاند أب كوميدي»، ذلك اللون المسرحي الفردي المبني على الارتجال الممزوج بمتابعة آخر الأحداث الساخنة في مختلف المجالات. وعاد إلى فرنسا وفي جعبته وصلات ساخرة من النادر وجودها في الفكاهة الممارسة على المسارح الباريسية. وكان الفنان جمال دبوز بين أوائل من اكتشفوا الأترسي في باريس، وسرعان ما وجد الفنان الشاب نفسه في مقدم المواهب التي أطلقها دبوز في برنامجه المسرحي والتلفزيوني الشعبي «جمال كوميدي كلوب» الذي يسلّط الضوء على فنانين عرب ناشئين في الغربة. ومن الواضح أن مبادرة دبوز ساهمت في دفع الأترسي إلى الأمام. وشارك الفنان بدوره في نجاح برنامج دبوز، نظراً إلى كونه ظهر سابقاً في التلفزيون الفرنسي، إضافة إلى نشاطه الإذاعي في برنامج شعبي، ما يعني أن الخدمة كانت متبادلة بين الطرفين. وإذا كان دبوز يبدي إعجابه الشديد بالأترسي، فالأمر يتعلق بكون الأخير يتميز بصفات مشتركة مع زميله ومواطنه الأكبر منه سناً والذي سبقه إلى مجال الفن. فعلى سبيل المثال، تجمعهما السرعة في الكلام، والقدرة الهائلة على الارتجال، وعلى اتخاذ الجمهور بمثابة شاهد عيان لكل ما يدلي به «الكوميديان» من تصريحات مهما كانت جنونية ومهما لعبت على الألفاظ، إضافة إلى مخاطبة المتفرّج مباشرة، وهذه كلها عناصر تجعل الحضور متفاعلاً إيجابياً مع العرض. وفي لوس أنجليس خاطب الأترسي المتفرج الأمريكي في أسلوب جريء، على رغم أنه انتقد ما سمّاه «عنصرية» الناخب الأمريكي لأنه أتى بجورج دبليو بوش، ذات يوم، رئيساً للولايات المتحدة، غير أنه هتف أيضاً للرئيس باراك أوباما باعتباره الرئيس الأسود الأول في تاريخ أمريكا. وهذا ما جلب للفنان تصفيقاً حاداً من ناحية، والصفير والاحتجاج من ناحية ثانية. أما وكيل أعمال الأترسي، فيرى في ردود الفعل تلك نتيجة إيجابية جداً، وهو يحضّر الآن جولة أمريكية واسعة قد تقود الفنان إلى نيويورك. عن «الحياة»