عبر الفاعلون الاقتصاديون الجزائريون من جديد عن تطلعهم القوي لعودة العلاقات المغربية الجزائرية إلى حالتها الطبيعية، وسجلوا بأن استمرار إغلاق الحدود بين البلدين يخدم مصالح البلدان الأوربية على حساب المصالح الحيوية للشعبين المغاربيين الشقيقين، في اليوم الأول من فعاليات المعرض الصناعي للمعدات والتكنولوجيا والمناولة المنظم بمركز الندوات والمعارض التابع لمكتب الصرف بالدار البيضاء، التقينا مع مدير بورصة المناولة بقسطنطينة محمد الهادي بوركاب الذي أكد لنا بأنه حضر للمغرب خصيصا للمشاركة في المعرض، وأنه كان بوده أن يحضر المقاولون الثمانية الذين كانوا جاهزين للمشاركة في المعرض، ولكن امتلاء المقاعد في مختلف شركات الطيران فرض حصر عدد مرافقيه في ثلاثة مقاولين فقط. وبالنسبة لدوافع المشاركة في المعرض، أكد المسؤول الجزائري أن الهيئة التي يمثلها انخرطت في شبكة البورصات المغاربية بهدف المشاركة في كل المعارض التي تستدعى إليها، ومن هذا المنطلق تعود أول مشاركة في المغرب إلى سنة 1994 عندما كان عبد المجيد بنموسى مؤسس المعرض الحالي، مديرا للبنك الوطني للمناولة والشراكة، فما أبان عنه من كفاءة مهنية جعلنا نستمر في التعامل معه وكأنه بورصة قائمة بذاتها. الهدف الثاني الذي تم اعتماده في اتخاذ قرار المشاركة في المعرض حدده بوركاب في كون الجزائر تهيء للمستقبل، والمهنيون واثقون من أن الأبواب لابد لها أن تفتح من جديد، وبالتالي لابد من العمل سويا في إطار المغرب العربي لأنه هو المعبر إلى تجاوز الوضعية الراهنة المتميزة بضعف المبادلات التجارية في منتجات القطاع الصناعي، ولعل تبادل زيارات كبار مسؤولي البلدين في قطاعي الفلاحة والطاقة يشكل مؤشرا عمليا على قناعة القادة السياسيين بضرورة الاستجابة العاجلة لطموحات كافة الشعوب المغاربية في توحيد جهودها، والاستفادة من علاقات الشراكة والتعاون في ما بينها. فالجزائر تتوفر على صناعة معدنية مهمة ولها مناولون ديناميكيون في حين أن المغرب يتوفر على قطاع صناعي قادر على إدماج المنتوج الصناعي الجزائري في إنتاج المعدات المعقدة التي اكتسبوا خبرة عالية في مجال تطويرها لتكون مواكبة للجودة العالمية وللمنافسة في مختلف الأسواق. فالوفد الجزائري يحضر المعرض حتى لا يكون متخلفا عن الموعد وحتى يؤسس للانطلاقة الجديدة للتكامل الاقتصادي، خاصة أن الجزائر تعثرت في تطوير صناعتها الثقيلة بفعل الاعتماد شبه الكلي على استيراد المعدات وعلى الخبرة الأجنبية في مجال الصيانة ، وبفعل التعامل مع المقاولات الصغيرة والمتوسطة وكأنها عامل إعاقة للتطور، والآن وبعد الاعتراف الرسمي بمكانة القطاع الخاص الجزائري في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فقد صار من المفيد الاستفادة من التجربة المغربية التي انطلقت بالاعتماد على الصناعة الخفيفة وتطورت بشكل تدريجي إلى أن بلغت مستواها الحالي، المسؤول الجزائري تحدث عن واقع وآفاق صناعة السيارات في البلدين الجارين، ولاحظ أن المفاوضات الجارية من أجل لإقامة مراكز لتصنيع السيارات في الجزائر تشكل حافزا قويا على توسيع مجال التكامل مع المهنيين المغاربة الذين بدأوا يجنون ثمار شروع رونو الفرنسية في إنتاج السيارات بالمغرب، فالمصلحة تقتضي التعاون بين البلدين كما تقتضي إعطاء الأولوية في الاستيراد لدول المنطقة عوض الدول الأوربية، وخاصة منها تلك التي استغلت فرصة إغلاق الحدود البرية بين البلدين لتتحول إلى معبر باهظ الكلفة للمبادلات الثنائية .