انتهت فترة الانتقالات الصيفية ليلة 12 - 13 شتنبر الجاري، وبذلك أغلقت الأندية الوطنية آخر أبواب الهواية ووضعت أولى خطواتها في درب الاحتراف، الذي ينبغي أن يقوم على الشفافية في الأرقام والمعاملات، في انتظار انتهاء فترة الانتقالات الاستثنائية التي حددتها الجامعة بالنسبة للاعبين المتنازعين مع فرقهم إلى غاية 13 أكتوبر المقبل، حتى يتمكنوا من التعاقد مع أندية جديدة. وستقوم بإيجاد حلول للمشاكل بين الأندية واللاعبين، حيث تدرس العديد من الاقتراحات لاختيار الأفضل منها. لكن واقع الحال يؤكد أن أنديتنا مازالت تحن إلى عهود الظلام، وتختار السراديب الضيقة ، حيث تفضل هذه الأندية التي - ويقال إنها أصبحت محترفة - عدم الكشف عن صفقات لاعبيها الجدد، وكأنها تتهرب ضريبيا. إن الاحتراف بالمنظور المتعارف عليه عالميا هو وضوح وشفافية وتقريب الرأي العام من كل دقائق وتفاصيل فرقها، حتى تتعزز الثقة ويتوطد الرابط أكثر، أما التكتم والتعتيم فلا يفتح مع الأسف سوى أبواب الشكوك والتشكيك. إن أرقام المعاملات المالية لانتقالات اللاعبين في السنوات القليلة الماضية ارتفعت بشكل كبير، وتضاعفت ميزانية التسيير السنوي بالنسبة لكل الفرق الوطنية، التي أصبح الفقير منها يصرف مئات الملايين من السنتيمات، ويبرم العشرات من الصفقات كل موسم، وأصبح أمر الإعلان عن هذه المعاملات المالية التي تقوم بها الفرق أمرا ملحا بالنسبة للجماهير والمنخرطين، الذين يتفاجأون في نهاية كل سنة بمبالغ مالية كبيرة تصرف هنا وهناك. صحيح أن الجامعة، وتمهيدا لدخول عالم الاحتراف، اشترطت مصادقة خبير محاسباتي على التقارير المالية، لكن ومن خلال تتبع أشغال كل الجموع العامة الأخيرة لم نسجل أي ملاحظة لأي خبير محاسباتي. إن الدخول لنظام الاحتراف ينبغي أن يتم بعقلية متفتحة، تسقط من مفاهيمها أساليب العهود البائدة، وأن تفتح صفحة بيضاء مع كل المحيط الذي يدور في فلك كرة القدم الوطنية. فالجامعة التي تدعي أنها تسير بعقلية احترافية، تعتمد أساليب المراوغة، وترفض الكشف عن أجور مدربي المنتخبات الوطنية، وتدعي أنها حق شخصي للمدرب وحده، كيف لا وهو الذي يحصل على أموال طائلة من المال العام، دون أن تستخلص منه الدولة حقها في الضريبة على الأجور، فلا أحد منا يعرف كم يتقاضى غيريتس أو فيربيك، وحتى مدربي الأندية الوطنية.. لا يعرف الرأي العام إلا رواتب القلة القليلة. هو وضع غامض لا يعكس التوجه الذي نريد أن نسير عليه، ولا يمت بأي صلة للعهد الجديد الذي جاء به الفريق الجديد للجامعة، ويؤكد أن الاحتراف مازال بعيدا، ويلزمنا قطع الكثير من الأشواط لاكتساب هذه الصفة لفظا وموضوعا.