مازال متعاقدو التكوين المهني المتخلى عنهم، يواصلون اعتصامهم أمام مقر الادارة العامة بالدارالبيضاء من شدة الحيف الذي لحقهم وجعلهم يواصلون الاعتصام، رغم حرارة الشمس، ورغم أنهم صائمون. آخر الأخبار، يقول المعتصمون الذين زارتهم جريدة »الاتحاد الاشتراكي« أن «الادارة العامة فتحت معنا حواراً منذ أسبوع تقريبا، حيث وعدتنا مرة أخرى بوضع حد لمأساتنا»، وأكدت مصادرنا أن إدارة العربي بن الشيخ أوضحت لهم، أنها ستناقش كل حالة على حدة، وهو ما رأى فيه المعتصمون نوعاً من التحايل، وذلك من أجل تنفيذ سياسة فرق تسد، «ورغم هذه المخاوف، تضيف مصادرنا، »مازلنا ننتظر أن تخرج هذه الوعود إلى حيز الوجود»«، مسجلة في الوقت ذاته، التباطؤ الذي يميز معالجة الادارة العامة لملفهم. ولم يخف المتعاقدون تخوفهم من جديد على اعتبار الوعود المتكررة التي قطعتها الادارة على نفسها غير ما مرة لإيجاد حلول في أقرب الآجال، لكن كل مرة كانت الادارة تخلف وعدها، الشيء الذي جعلهم يرون هذه الخطوة بمنظار التشكيك. هذا التخوف يرد عليه أحد المتعاقدين الذين يبيتون في العراء في الشارع العام أمام مقر الادارة العامة بالبيضاء منذ أسابيع بالتأكيد «»آش خاسرين نصبرو ثاني نتبعو الكذاب حتى لباب الدار««، ويطالب المعتصمون المشكلون من النساء والرجال معاً، الذين يصطحبون معهم أطفالهم، بالرجوع اللامشروط إلى أماكن عملهم السابقة والإدماج الفوري والمباشر في أسلاك التكوين المهني مع جبر الضرر، جراء الطرد الذي اعتبروه تعسفياً ومهينا في حقهم. وكانت هذه الفئة قد خاضت العديد من المحطات النضالية ،من الوقفات الاحتجاجية إلى محاولة الانتحار بعض أفرادها، مع الاعتصام المفتوح، كما سبق لإحدى المتعاقدات أن أصيبت بإجهاض، فيما نصح الأطباء متعاقدات أخريات، كن حوامل بفك الاعتصام، من أجل ضمان حياة أجنتهن. ومع ذلك، كما لاحظت جريدة »»الاتحاد الاشتراكي»« في لقاء مع المعتصمين بعد الإفطار، أن النساء والرجال معاً، ينمن في الشارع، كما يقضين النهار كله في الاعتصام من أجل الدفاع عن حقوقهن، واستفسرت الجريدة عن كيفية تدبير وقت الاعتصام وتهييء وجبة الإفطار، فكان الرد: »كنتعاونو كاملين راحنا عايشين مكرفصين، هذه ضريبة النضال في مغرب 2011، شوف الحالة أخويا».« وصادفت الجريدة أثناء زيارتها لهؤلاء المتعاقدين والمتعاقدات (الأخوات يقمن بغسل الأواني بعد تناول وجبة الإفطار، في حين كان طفل لا يتعدى عمره ست سنوات يحمل مكنسة ويقوم بكنس الرصيف الذي اتخذ منه المعتصمون مكانا يبيتون فيه لمدة طويلة، وحين استفسرت الجريدة عن هذا الأمر، أكد أحد المتعاقدين أن هذا الطفل هو ابن إحدى المتعاقدات التي هي الأخرى كانت مفترشة «»كاشة»وبجانبها زوجها، في حين أن ابنها الثالث، والذي تجاوز ربيعه الأول بأسبوعين أو أكثر يتجول ببراءة بين صفوف المتعاقدين غير آبه بما يدور ويجري حوله. والدته التي اشتغلت كمتعاقدة لمدة ثلاث سنوات، أكدت لنا »أنها بصحبة أبنائها الثلاثة منذ الدخول في هذا الاعتصام. وأشارت إلى ابنها الصغير »صهيب« أصغر مناضل في المغرب. «عاش معنا كل المحطات النضالية التي خضناها»«، وحين استفسرتها عن سنه، أجابت: «لقد احتفلنا بعيد ميلاده الأول في الشارع العام»«. هذا الخبر تفاعلت معه ونزل علي كالصاعقة، وجال خاطري في نفس الآن، إلى أبناء المسؤولين الكبار الذين يصفهم المجتمع اليوم من خلال حركة 20 فبراير بالمفسدين. كيف يتعاملون مع أبنائهم الصغار، حيث لهم وضعهم الاعتباري الخاص، وكيف قضوا عطلتهم الصيفية إلى غير ذلك من الأسئلة التي تناسلت لحظتها. هذه التداعيات أجاب عنها أحد المتعاقدين: «واش المسؤولين اللي تزادو وفي فمهم ملعقة من ذهب غادين يحسوا بمعاناتنا»«، إنها جملة بليغة تقتضي من المسؤولين الوطنيين، ومن العهد الجديد أن يتصدى لمثل هاته العقليات التي تتعامل مع هؤلاء المواطنين بأنانية وبتعالٍ كبير. فمغرب الآن، ليس مسموحا فيه أن تستمر مثل هذه المآسي التي تحدث للأسف ليس في قرية نائية، بل في عمق العاصمة الاقتصادية للمغرب.