يتوجه اليوم، ملايين المغاربة، منذ الساعة الثامنة صباحا وإلى غاية الساعة السابعة مساء، إلى 40 ألف مكتب تصويت للإدلاء برأيهم حول مشروع الدستور الجديد الذي ينص على سمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية، ويجعل السيادة للأمة، ويرسخ الطابع التعددي للهوية المغربية، ويجعل السلطة التنفيذية أساسا بين أيدي الحكومة المسؤولة أمام مجلس النواب.. وهو مشروع الدستور الذي شاركت في وضعه أحزاب ونقابات وجمعيات مدينة وفاعلون أكاديميون وسياسيون، إضافة لشريحة واسعة من المواطنين الذين يتطلعون لمغرب ديمقراطي يمتلك فيه الشعب إرادته ومصيره، وذلك عبر نقاش عمومي تجاذبته مجموعة من التيارات الفكرية والسياسية. ومن المنتظر أن يشارك في الاستفتاء، حسب معطيات وزارة الداخلية، 13 مليونا و106 ألفا و948 ناخبا مقيدون في اللوائح الانتخابية العامة المحصورة بصفة نهائية على إثر المراجعة الاستثنائية للوائح الانتخابية العامة المجراة ما بين 7 و31 ماي 2011. كما يشارك العسكريون العاملون أيا كانت رتبهم وأعوان القوة العمومية (الدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة) وبوجه عام جميع الاشخاص الذين لهم الحق في حمل السلاح خلال مزاولة مهامهم. ويشارك أيضا في الاستفتاء المواطنون المقيمون بالخارج، حيث تم تخصيص 520 مكتبا بسفارات المغرب وقنصلياته. في نفس السياق، أكدت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) في تقرير مرحلي، أول أمس الأربعاء بالرباط، أن وسائل الاتصال السمعية البصرية العمومية منها والخاصة بثت 1392 برنامجا حول الاستفتاء الدستوري ، ناهز فيها إجمالي مدة التدخلات 120 ساعة ونصف تتوزع ما بين النشرات الإخبارية والمجلات والبرامج الخاصة. ويرصد التقرير المرحلي، الذي قدمته الهيئة العليا خلال لقاء صحفي، احترام تعددية التعبير عن تيارات الفكر والرأي خلال فترة الاستفتاء، بناء على التتبع الذي قامت به الهيئة منذ الخطاب الملكي يوم 17 يونيو إلى غاية 25 يونيو الجاري (اليوم الخامس لحملة الاستفتاء الرسمية). وأوضح رئيس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري أحمد الغزالي أن هذه البرامج توزعت في بث أول ما بين844 نشرة إخبارية و548 مجلة أو برنامج خاص، حيث تأكد بروز الخدمات الإذاعية الخاصة التي جاءت في المقدمة على مستوى إجمالي مدة التدخلات ب 38.5 في المائة. وسجلت خمس قنوات تلفزية (الأولى، والقناة الثانية، والقناة الأمازيغية، وميدي1 تي في وقناة العيون الجهوية) 35 في المائة من حجم التدخلات، مقابل 26.5 في المائة بالنسبة للإذاعات العمومية الثلاث (الإذاعة الوطنية، والإذاعة الأمازيغية، وإذاعة الرباط الدولية). وبخصوص المضمون، أشار رئيس الهيئة إلى أن الجانب البيداغوجي والديداكتيكي لتقديم وشرح مقتضيات مسودة الدستور الجديد كان حاضرا بقوة على الهواء، حيث بلغ حجم تدخلات الأساتذة الجامعيين 36.5 في المائة من إجمالي التدخلات. كما أكد غزالي على أهمية حضور 93 مكونا من مكونات المجتمع المدني من خلال نسبة 12 في المائة من إجمالي التدخلات، مقابل 26 في المائة للأحزاب السياسية، و4 في المائة للنقابات، و3 في المائة للمنظمات الوطنية كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ومجلس المغاربة القاطنين بالخارج. وعلى صعيد مرتبط بتجمعات الحملة حول الاستفتاء الدستوري، سجل ملاحظون تسلل بعض المظاهر التي لا يمكن القبول بها أبدا وتحت أية ذريعة. فقد شاهدنا خياما تنصب، وتقام بها منصات لراقصات وشيخات وشيوخ، مما يسيء إلى الحملة. وهي مظاهر تتعلق ببعض الأحزاب التي تخدش مصداقية العملية الاستفتائية وتكشف النزوع التحقيري الذي يحرك الساهرين على الأحزاب المعنية. وبالرغم من هذه المظاهر السلبية المعزولة، فإن الحملة مرت، عموما، في أجواء هادئة طغى فيها النقاش الهادئ والضروري في لحظة مفصلية مثل التي يعيشها المغرب حاليا.