لم يكن يتوقع مراد الكرطومي، التاجر الذي ارتبط اسمه بملف سوق الجملة للخضر والفواكه، أنه سيؤدي ضريبة قاسية، وهو في أوج الحماس لفضح «التلاعبات» التي يشهدها هذا المرفق التجاري، فقد قضت المحكمة الابتدائية ، يوم الثلاثاء الماضي، في حقه بخمسة أشهر حبسا نافذة مع غرامة مالية قدرها 2000 درهم، بعدما وجهت إليه تهمة تتعلق ب «إهانة هيئة قضائية» حين زار محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء معلنا احتجاجه على ما اعتبره «تأخيرا في محاكمة المتورطين في التلاعبات التي يعرفها هذا السوق»، وقد علمنا أنه خلال احتجاجه هذا أخذته الحماسة فتلفظ بتعابير انفعالية، وهو ما دفعه ، فيما بعد، إلى الاعتذار بحضور دفاعه، علما بأنه هو أول من لجأ إلى القضاء لعرض ملف التلاعبات التي تمس المال العام ، وذلك اعتمادا على وثائق تضع الأصبع على مسارب الاختلالات، لكن ذلك لم يشفع له ليحال على المحكمة ويدان بخمسة أشهر نافذة! اسم مراد الكرطومي ارتبط، سواء في العاصمة الاقتصادية أو باقي المدن ، بملف سوق الجملة المتشعب، حيث دق أبواب مختلف المسؤولين، سواء على المستوى المحلي أو المركزي، ليبرهن بأن ثمة اختلاسات وتلاعبات بأموال هذا السوق، وبأن هذه الأموال تمول منها حملات انتخابية وكانت سببا في ثراء العديد من الأشخاص، وهو ما دفع القضاء إلى إعادة فتح هذا الملف الذي ظل مجمدا منذ سنة 2002، وأعقبها بشكايات إلى وزارة العدل والوكيل العام للملك ومؤسسات أخرى توجت بفتح تحقيق في الاختلالات التي يعرفها هذا المرفق العام الحيوي، حيث تم الاستماع إلى موظفين ومديرين تعاقبوا على تسيير سوق الجملة، بالاضافة إلى المدير الحالي، كما تم الاستماع إلى تجار وغيرهم، وهو التحقيق الذي دام أشهرا متتالية. الضريبة التي يؤديها الكرطومي اليوم نتيجة لحظة انفعال، لم تكن منتظرة ، حسب العديد من المتتبعين للشأن المحلي البيضاوي، إذ كانت الأنظار متجهة نحو نتائج التحقيق، خصوصا وأن أسماء وازنة اتهمها الكرطومي بالتواطؤ في الفساد الذي يعرفه هذا السوق!؟