تخلص الرئيس المدير العام للمجموعة الفرنسية CMA-CGM من كل البواخر التي كانت في حوزة الشركة المغربية «كومناف» قبل خوصصتها، وابتداء من أول أمس الأربعاء تخلص من حوالي 260 إطارا وبحارا مغربيا العاملين بها، وبذلك تأكد أن كل وعود المستثمر الفرنسي المعلن عنها يوم امتلاك الشركة، تهاوت الواحدة بعد الأخرى دون أن تلجأ السلطات الوصية على القطاع إلى استعمال حقها في حماية الأسطول المغربي من الاندثار. لقد كان من المقبول أن تبيع الشركة الفرنسية بواخر نقل المنافسين، من منطلق أن اختصاصها في أرجاء العالم هو نقل السلع، ولكن بعدما شرعت في إنزال العلم المغربي من بواخر السلع، الواحدة تلو الأخرى، وتسريح المغاربة العاملين على ظهرها، كان من المنتظر أن تعمل السلطات المغربية على حماية الأسطول البحري المغربي، الذي يعتبر عمليا أحد مقومات السيادة المغربية، ولكن علاقات التساهل والتفهم تحولت إلى صفقة كان الرابح الوحيد فيها هو جاك سعدي الذي احتفظ بالأرصفة في كل من ميناء الدارالبيضاء وميناء طنجة المتوسطي، وببعض العقارات وكأن المغرب لا يمثل بالنسبة إليه إلا موقعا جيواستراتيجيا لتخزين الحاويات بأقل كلفة في انتظار نقلها إلى وجهاتها الأخيرة. إن العملية الانتقائية التي لجأ إليها «المستثمر» الفرنسي الجنسية واللبناني الأصل، تتناقض مع عمق وروح المنطق الذي اعتمد في خوصصة «كومناف»، حيث كان الاهتمام منصبا على تطوير الشركة أكثر مما كان منصبا على القيمة التي ستحصل عليها خزينة الدولة من عملية التفويت. وقد جاءت تصريحات جاك سعدي آنذاك مؤكدة على الالتزام بهذا الخيار، والتوجه نحو الرفع من عدد سفن الشركة المغربية ومن نوعيتها. أما الآن وبعد أن تخلى جاك سعدي عن التزاماته، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو هل ستمارس السلطات الوصية حقها في إرغام جاك سعدي على تطعيم شركة «كومناف» ببواخر جديدة تعوض البواخر القديمة ، وهل ستسحب منه ، في حالة الامتناع، رخص استغلال الأنشطة الأرضية في ميناءي طنجة المتوسط والدار البيضاء؟