أنهت شركة النقل البحري الفرنسية CMA CGM سنة 2008 بخسارة مالية قدرت بحوالي 3,5 مليار أورو . ومع أن نشاط هذه الشركة يرتكز بشكل خاص على الخطوط البحرية الطويلة المعتمدة على كبريات الناقلات، إلا أن امتلاكها للشركة المغربية للملاحة التجارية يدفع إلى التساؤل عما إذا كان حل مشاكلها سيدفعها للتخلي عن التزاماتها مع المغرب، ويحفزها على اتخاذ قرارات قد تضر بالمصالح المغربية في مجالي النقل البحري والموانئ أم أن دفاع الدولة الفرنسية المستميت عنها سيحميها من مخاطر الإفلاس، ويؤهلها لتجاوز المرحلة الصعبة الناتجة عن تراجع مستوى المبادلات التجارية الخارجية رغم أن قوانين الاتحاد الأوربي لا تسمح بدعم الشركات الوطنية إلا في حدود دنيا؟. من المحقق أن رقم معاملات كوماناف ضعيف جداً بالمقارنة مع الرقم الذي تحققه CMA CGM ، ومن المحقق كذلك أن بيع بواخر نقل المسافرين للشركة المغربية «كوماريت» وتكليف مصالحها المركزية في مرسيليا بتدبير بواخر نقل السلع، حرم كوماناف من مزاولة نشاطها التجاري المعتاد وفرض عليها الاقتصار على الأنشطة المينائية المضمونة الربح من خلال تدبير رصيف الدارالبيضاء ورصيف ميناء طنجة المتوسطي. فكوماناف التي كان يرتقب أن تشهد، حسب دفتر التحملات المعتمد عند الخوصصة، أنشطة استثمارية تشمل شراء بواخر جديدة وتطوير طرق عملها، تحولت عملياً إلى فرعية غير ذات قيمة مقارنة مع باقي الفرعيات المكونة للمجموعة الفرنسية CMA CGM ، وبذلك فإن ما عرفته من تحولات بعد الخوصصة لا علاقة له بتاتاً بالخسارات التي صارت تهدد بإفلاس المجموعة الفرنسية. المثير في هذا الملف هو أن الدولة الفرنسية جندت كل إمكانياتها من أجل تأمين استمرارية نشاط CMA CGM ، ومن غير المستبعد أن يساهم هذا الدعم في تمكين الشركة من الاستجابة لطلبات المؤسسات المالية الفرنسية والدولية المتمثلة في اقتراح إجراءات عملية تمكن من التوصل إلى اتفاق قبل منتصف نونبر المقبل حول ضمان حاجيات المجموعة التمويلية. فعندما يتعلق الأمر بحماية مقاولة فرنسية في وضعية حرجة، فإن البعد الوطني يصبح هو المهيمن عند تحديد القرارات الواجب اتخاذها، وحبذا لو عمد المشرفون على القطاع في المغرب إلى استخلاص العبرة من التجربة الفرنسية وبادروا إلى حماية المقاولات المغربية من مخاطر التنافسية اللامتكافئة مع الشركات الأجنبية. إن مكانة فرنسا كدولة صناعية وفلاحية في نفس الآن، مكنت CMA CGM من تحقيق رقم معاملات بلغ 10,25 مليار أورو سنة 2008 . وبعد أن تواصلت الأزمة الاقتصادية العالمية، فإنه من المرتقب أن تحقق رقم معاملات مماثل خلال سنة 2009، أما المغرب الذي لا يمكن تصنيفه لا في خانة الدول الصناعية ولا في خانة الدول الفلاحية، فالأولى به أن يستغل كل الفرص المتاحة ويعمل على تدارك ما فات ليقوي جميع القطاعات بما فيتنتتتتها قطاع النقل البحري الذي يغطي أكثر من 95% من مجموع المبادلات الخارجية للمغرب، ويساهم بشكل جلي في نقل الجالية المغربية لقضاء عطلها السنوية في أرض الوطن.