تواجه شركة الملاحة المغربية «كومناف» منذ خوصصتها، مخاطر الذوبان تحت تأثير تعدد مشاكل الشركة الفرنسية الفائزة بصفقة الخوصصة «CMA CGM»، فبعد أن صار جاك سعدي يركز مجهودات شركته على البحث عن مساهم جديد لتغطية العجز المسجل خلال سنة 2009، فإن الوعد بالاستثمار في بواخر جديدة تقوي «كومناف»، سرعان ما تبدد إذ تحول في مرحلة أولى إلى بيع البواخر والأنشطة المرتبطة بنقل المسافرين إلى مالك الشركة المغربية كوماريت، ثم انتقل في المرحلة الثانية إلى تكليف المقر المركزي للشركة الأم في مرسيليا بتدبير شؤون باقي البواخر المتخصصة في نقل البضائع، إما عن طريق البيع أو عن طريق التأجير، وبذلك تحول مقر «كومناف» بشارع الجيش الملكي إلى مجموعة من المكاتب شبه الفارغة المرتكز نشاطها على تدبير الأنشطة المينائية من خلال شركة «سومابور» وعلى الهبش والنبش في الملفات القديمة. لقد أسفرت الأزمة المالية التي يتخبط فيها الميلياردير اللبناني الأصل جاك سعدي عن تدبير شركة «CMA CGM» تحت إشراف البنوك الدائنة، وبعد أن باءت المفاوضات مع مستثمرين قطريين حول شراء حصة من رأس المال بالفشل، فإن المفاوضات مع الملياردير البلجيكي «ألبير فرير» توقفت بدون التوصل إلى اتفاق، وبذلك فإن توقع تحقيق رقم معاملات سنة 2010 في حدود 13 مليار دولار سيفقد كل دلالاته وسيحفز المتتبعين على ترقب النتائج نصف السنوية التي ينتظر الإعلان عنها في الأسابيع القريبة المقبلة. لقد كانت «كومناف» من كبريات المقاولات المغربية، وكان دفتر التحملات المنظم لصفقة الخوصصة ينص على مجموعة من التوجهات التي تضع ازدهار الشركة وتقوية دورها في تحقيق التنمية الاقتصادية فوق كل اعتبار، أما الآن فإن كل المعطيات تؤكد بأن «كومناف» أو ما تبقى منها ، تحول إلى فرعية مهتمة بالأنشطة المينائية وبالملفات التي يمكن أن تكون موضوع نزاعات قضائية. إننا أمام هذا التحول الذي يشكل عرقلة فعلية أمام قدرة الأسطول البحري على مواكبة الاستثمارات الهامة في القطاع المينائي وعلى تأمين تلبية حاجيات المغرب المتزايدة في مجال النقل البحري، نتساءل عن موقف السلطات المغربية المعنية بالملف وعن دورها في فرض احترام المخطط الاستثماري الذي أعلن عنه جاك سعدي بالرباط مباشرة بعد تسليم شيك الخوصصة لوزير المالية السابق فتح الله ولعلو. فإذا كانت الدولة الفرنسية تبذل كل ما في وسعها لحماية الشركة الفرنسية من مخاطر الأزمة التي تتخبط فيها، لعلها تحافظ على موقعها كثالث شركة عالمية في مجال النقل البحري، فما الذي يمنع المغرب من وضع استراتيجية تلائم خصوصيته وتراعي وضعه المتميز بالاعتماد شبه الكلي في المبادلات مع الخارج على النقل البحري؟