طلب الفريق الاشتراكي بمجلس النواب من لجنة المالية، القيام بمهمة استطلاعية مؤقتة حول المنافسة في قطاع توزيع البضائع والسلع الاستهلاكية. وقد أثارت المنافسة غير المتكافئة ومجموعة من الممارسات المالية والتجارية غير السليمة، داخل قطاع التجارة الكبرى والمتوسطة، عددا من ردود الأفعال الغاضبة، سواء في أوساط التجار الصغار أو داخل فضاء المقاولات الصغرى والمتوسطة. وقد عبر التجار الصغار، الذين يتجاوز عددهم بالمغرب 700 ألف تاجر، عن تضررهم الكبير جراء المنافسة غير المتكافئة التي يتعرضون لها من قبل سلاسل الأسواق الكبرى و المتوسطة، و التي تعمد إلى نهج سياسات تسعيرية جد منخفضة تعمق الفرق بين ثمن البيع في المساحات الكبرى والبيع عند البقال، وذلك بفعل قدرتها التفاوضية العالية مع الممونين للحصول على أسعار تفضيلية يصعب على البقال الصغير الحصول عليها. واعتبر احمد أبوه، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين، أن المنافسة غير المتكافئة تبدأ من الامتيازات العديدة التي تحصل عليها هذه الأسواق الكبرى لاقتناء العقار و وولوجها التفضيلي إلى القروض البنكية والتسهيلات الاستثمارية التي تحصل عليها بالاضافة إلي الامتيازات الضريبية والجبائية التي تحصل عليها.. وهو ما لا يتأتى للتاجر الصغير. ينضاف إلي هذه الامتيازات ،يقول أبوه، القدرة التفاوضية الهائلة للهذه الاسواق تجاه الشركات الممونة و التي تمكنها من فرض أسعار أقل من الأسعار المعلن عنها رسميا مقابل تحايلات تجارية تأخذ أشكالا متنوعة من التسويق العصري (مواسم تخفيضية، تحفيزات كمية..) ويشتكي صغار التجار من كون هذه الأسواق الكبرى بدأت خلال السنوات الأخيرة تنتشر وسط المدن عكس ماهو معمول به في العديد من البلدان، حيث تتمركز بالضواحي، وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا بالافلاس، علما بأن هؤلاء يساهمون بأكثر من 11% من الناتج الداخلي الخام. وقد أكد لنا أحد الخبراء في التجارة الكبرى المنظمة أن سلاسل الأسواق المعروفة في المغرب مثل مرجان وأسيما ولابيل في وكارفور وأسواق السلام وبيم وحانوتي.. تعتمد في عملية التوزيع على «مراكز المشتريات» وهي آليات تمكنها من التفاوض للحصول من الممونين على أسعار تفضيلية، مستعملة في ذلك مبررات قوية كعدد المحلات التي تتوفر عليها و المساحة المخصصة للعرض وكمية الرواج العالية داخل كل نقطة بيع.. كما تعتمد الأسواق الكبرى على المستودعات الجهوية للتخزين، وهو ما يمكنها من شراء كميات هائلة من السلع تسمح لها بتوفير كلفة النقل كما تسمح لها بالتحكم في عرض المنتوج وثمنه لشهور عدة، وتلجأ المساحات التجارية الكبرى لفرض شروط، توصف من قبل الممونين أحيانا ، ب ««الابتزازية»» كتأخير أداء المستحقات للشركة الممونة لشهور، وهو ما تحتمله خزينة المقاولات الصغرى . كما تعمد إلى بيع المنتوجات ذات العلامة الخاصة المعروفة ب MMD وهي منتوجات تحمل علامة السوق التجاري الذي يستوردها من الخارج بأسعار منخفضة أو يطلب من الشركات الممونة صنعها على هامش المنتوج الأصلي، إلا أنها تكون أقل كلفة منه سواء على مستوى التعليب أو على مستوى الجودة. ونظرا لهامش الربح المرتفع ،تلجأ الأسواق الكبرى إلى تشجيع المنتجات المستوردة، بل تغلق الباب أحيانا في وجه المنتوجات المحلية لضمان احتكار منتوج منافس.