تجتاح مدن وقرى جهة الشرق موجة برد قارس نزلت درجاتها في بعض الأحيان إلى ما تحت الصفر، وتأثرت بشكل كبير المناطق النائية، كتلك المتواجدة بإقليمي فجيج وتاوريرت، بحيث تكبدت ساكنتها خسائر في رؤوس الماشية وانتشرت الأمراض الشتوية في صفوف الأطفال وكبار السن، وتأزمت أوضاعهم المعيشية بفعل التساقطات الثلجية الكثيفة التي أدت إلى قطع المسالك الطرقية وعزل هذه المناطق عن محيطها. وقد أثرت هذه الأوضاع والظروف المناخية بشكل سلبي على المسيرة الدراسية للتلاميذ، وخصوصا المنحدرين من المناطق ذات المسالك الوعرة، بحيث أرغم هؤلاء التلاميذ على مقاطعة مقاعد الدراسة، وأغلقت بعض المدارس الجماعاتية والفرعيات التابعة لها أبوابها إلى حين تحسن الأحوال الجوية وفك العزلة عن المناطق المتضررة بإزاحة الثلوج عن الطرقات والمسالك. عزلة وتوقف عن الدراسة تعيش بعض الجماعات النائية التابعة للنفوذ الترابي لإقليم تاوريرت، وخصوصا جماعة العطف وأولاد امحمد، ظروفا سيئة وقاسية نتيجة التساقطات الثلجية والانخفاض الشديد في درجة الحرارة الذي بلغ ست درجات تحت الصفر، وأدت هذه التساقطات إلى عزل دواوير الجماعة عن عالمها الخارجي، بحيث ظلت ، محاصرة بالثلوج الكثيفة التي أدت إلى قطع المسالك والطرقات. سوء أحوال الطقس والعزلة القاتلة التي عاشتها هاتان الجماعتان والمناطق المجاورة لهما، أدى بالتلاميذ إلى «مقاطعة» الدراسة بالمدرسة الجماعاتية العطف والفرعيات التابعة لها منذ الأربعاء 18 يناير الجاري، وكذلك الأمر بالنسبة لتلاميذ بعض الفرعيات المعزولة المتواجدة بجماعة سيدي علي بلقاسم ناحية دبدو، حيث اضطرتهم الأجواء الماطرة والمثلجة لملازمة منازلهم، خاصة وأنهم يقطعون مسافات تتراوح ما بين 2 و4 كيلومترات ذهابا وإيابا إلى الفرعيات التي يتابعون فيها دراستهم، وبدون ملابس شتوية ولا أحذية في مستوى شحنات البرد القوية، يجدون أنفسهم في مواجهة غير متكافئة مع تيارات الهواء الباردة، ما يجعلهم معرضين لمخاطر الأنفلونزا والأمراض التنفسية. مستوى معيشي متدن وفقر مدقع تفاقم مع حلول فصل الشتاء، وشتاء هذه السنة ليس ككل سنة، برودة قاسية وثلوج كثيفة أدت إلى قطع المسالك والطرقات وحالت دون التلاميذ ومدارسهم، إلا المحظوظين منهم الذين وجدوا في داخليات بعض المدارس الجماعاتية ملاذا. الدعم الاجتماعي وصل عدد تلاميذ المدارس الجماعاتية التابعة للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الشرق خلال الموسم الدراسي الحالي (2016-2017)، إلى 6464 تلميذا وتلميذة موزعين على 30 جماعة قروية، وتوفر بعض هذه المدارس جوانب الدعم الاجتماعي التي تساعد على تجاوز العديد من المعيقات السوسيواقتصادية والتخفيف من تأثير موجة البرد على التلاميذ، وخصوصا الوافدين عليها من المناطق الجبلية وذات المسالك الوعرة والذين يصعب تنقلهم يوميا إلى منازلهم، وذلك بواسطة داخليات توفر لهم المراقد والمأكل والمشرب، كما توفر للتلاميذ القاطنين بمسافات غير بعيدة جدا عن مقر المدرسة، النقل المدرسي ووجبة غداء . وتعد المدارس الجماعاتية تجربة مهمة بجهة الشرق، أحدثت من أجل فك العزلة ومحاربة الهدر المدرسي المادي والبشري والزماني، والاكتظاظ وتعدد المستويات، وصعوبة التأطير التربوي وتشجيع تمدرس الفتاة... كما تهدف هذه التجربة التربوية إلى توسيع قاعدة بنية الاستقبال بالوسط القروي من خلال التقليص من عدد الفرعيات والارتقاء بجودة التمدرس بالوسط القروي. وتم إحداث أول مدرسة جماعاتية ببلدة معتركة بإقليم فجيج سنة 2004، واستفاد من هذه التجربة الأولى من نوعها حوالي 60 تلميذا من أبناء الرحل المنتشرين عبر خمس جماعات قروية (معتركة، بني كيل، تندرارة، بوعنان وآيت بوشاون)، واعتمدت على نظام دراسي خاص ينطلق من مدرسة خالد بن الوليد في جماعة معتركة، حيث تم تخصيص فضاءات للإطعام والإيواء وفضاء للمطالعة. من أجل مواجهة موجة البرد .. بوجدة أنجاد نظمت المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية وجدة أنجاد، حملات لتوزيع أغطية وملابس شتوية لفائدة تلميذات وتلاميذ بعض المجموعات المدرسية بالعالم القروي التابعة للنيابة، وجاءت هذه الخطوة تفعيلا للمذكرة الصادرة بشأن الحماية من الأخطار الناجمة عن سوء الأحوال الجوية واتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة موجة البرد الآنية، لضمان شروط السلامة للتلميذات والتلاميذ. وفي هذا الإطار، قامت يوم الخميس 19 يناير 2017، بتنسيق مع المنسقية الجهوية للتعاون الوطني بجهة الشرق، بتوزيع أغطية وطقم شتوي مكون من ملابس وأحذية رياضية وقفازات وقبعات وجوارب، استفاد منها 100 تلميذ وتلميذة ينتمون لمجموعة مدارس مصعب بن عمير بجماعة بني خالد، ومجموعة مدارس سيدي بولنوار بجماعة سيدي بولنوار، ومجموعة مدارس سيدي موسى بجماعة سيدي موسى لمهاية. كما خصصت المديرية، بتعاون مع جمعية تنمية التعاون المدرسي، 80 طقما شتويا لفائدة مؤسستين تعليميتين بالوسط الحضري بمدينة وجدة واستفاد منها التلاميذ من نزلاء الخيرية الإسلامية. كما خصصت 30 طقما إضافيا لفائدة تلميذات وتلاميذ مجموعة مدارس مصعب بن عمير بجماعة بني خالد، بعدما تم الوقوف على الاحتياجات الملحة لهؤلاء التلاميذ، ووزعت عليهم صباح الخميس 26 يناير 2017. وفي ما يتعلق بالتدفئة داخل الفصول الدراسية، أكد المدير الإقليمي توفر المديرية على فائض من المدفآات وما يكفي من الفحم الحجري، إلا أن هناك إكراهات تعوق استعمالها تتجلى في عدم وجود من يتكلف بإيقادها قبل ولوج التلاميذ إلى قاعة الدرس... ويبقى الحل الأمثل –حسب المدير الإقليمي- هو التدفئة المركزية. زيارات ليلية للداخليات في تصريح لجريدة «الاتحاد الاشراكي»، ذكر المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بوجدة محمد الزروقي، أنهم يقومون، موازاة مع موجة البرد القارس التي تجتاح المنطقة، بزيارات ليلية لداخليات المؤسسات التعليمية، سواء الثانوية أو بالمدارس الجماعاتية بالعالم القروي، للوقوف على أوضاع التلاميذ وظروفهم المعيشية، وأشار في هذا الإطار إلى أن التلاميذ بداخلية المدرستين الجماعيتين «إدريس الأول» بعين الصفا والتي تضم أزيد من 120 تلميذا، و»الإمام مسلم» بمستفركي 26 تلميذا، يتوفرون على 3 أغطية لكل واحد، كما تم تزويد الحمامات بسخانات لتوفير الماء الساخن، أما عن التغذية فأفاد بأنها كافية والوجبات متوازنة، وهي نفسها بالنسبة لجميع الداخليات على مستوى الإقليم سواء الحضرية أو القروية». ونظرا للأخطار الصحية التي ترافق موجة البرد القارس، أكد المدير الإقليمي مراقبة الحالة الصحية العامة لتلاميذ الداخليات، بحيث يتم التدخل الفوري عند تسجيل أية إصابة بالأنفلونزا في إطار اتفاقية شراكة مع وزارة الصحة، وتمكين التلاميذ من العلاج، وأشار في هذا الصدد إلى أنه لم يتم خلال هذه الأيام تسجيل أية إصابة خطيرة، عدا بعض حالات الزكام التي تتم معالجتها بواسطة الأدوية التي توفرها المستوصفات القريبة من كل مدرسة جماعاتية. و لتوسيع استفادة المؤسسات التعليمية بالوسط القروي من المساعدات لمواجهة الظروف المناخية الحالية، حرصت المديرية الإقليمية وجدة أنجاد على تعزيز شراكاتها مع المنسقية الجهوية للتعاون الوطني ومختلف الفاعلين لتوفير أغطية وملابس شتوية، وذلك تعزيزا لآليات الدعم الاجتماعي وتطوير خدماته وكذا توفير الظروف المواتية لضمان تعليم جيد للجميع.