من أجل تفادي إكراهات التمدرس في جماعات تمتد على مساحات شاسعة بكثافة سكانية ضئيلة، في مناطق تزاول تربية المواشي، عن طريق التنقل والترحال، كانت للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين للجهة الشرقية تجربة رائدة تتلخص في استجماع أبناء الرحّل المنتشرين عبر خمس جماعات قروية (معتركة، بني كيل، تاندرارة، بوعنان وآيت بوشاون) في مدرسة جماعاتية في «معتركة». وتعتبر هذه أول تجربة من نوعها في الجهة، وتهدف إلى القضاء على مشكل الأقسام متعددة المستويات ومحاربة الهدر المدرسي وتحسين أداء المدرسين والمساهمة في الوصول إلى جودة التعلمات، من خلال الحدّ من الأقسام المشترَكة والتمكن من المراقبة اليومية. وكانت هذه المبادرة أولَ تجربة في ترسيخ العمل في المدرسة الجماعاتية تقدم على خوضها الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين للجهة الشرقية بتأسيسها في نيابة فكيك في بوعرفة «المدرسة الجماعاتية في معتركة»، والتي فتحت أبوابها في وجه تلميذات وتلاميذ نيابة فكيك منذ 2004، والتي قامت على مبدأ الشراكة بين الجماعات المحلية ووزارة التربية الوطنية من أجل تفادي إكراهات التمدرس في جماعات تمتد على مساحات شاسعة بكثافة سكانية ضئيلة، في مناطق تزاول تربية المواشي عن طريق التنقل والترحال، إذ يستفيد من هذه التجربة حوالي 60 تلميذا، اعتمادا على نظام دراسيّ خاص ينطلق من مدرسة خالد بن الوليد في جماعة معتركة، حيث تم تخصيص فضاءات للإطعام والإيواء وفضاء للمطالعة. وتتلخص هذه التجربة في استجماع أبناء الرحل المتناثرين في تراب كل الجماعات القروية في بمدرسة «جماعية». وبعد ثبوت نجاعة التجربة الأولى، تم إحداث مدرسة جماعاتية أخرى في «تيولي»، التابعة لنيابة جرادة، مع بداية شهر نونبر 2008، والتي تستقطب تلاميذ 7 مؤسسات فرعية. ونظرا إلى أهمية التجربة والنجاح الذي لاقته على المستويين الوطني والجهويّ، وسّعت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين للجهة الشرقية هذه التجربة وشملت إنجاز مدارس جماعاتية جديدة في كل من مشرع حمّادي وواد زا، في نيابة تاوريرت، ومدرسة جماعاتية في تالسينت في نيابة فكيك، وأخرى في جماعة إيجطي في نيابة ادريوش، ومدرسة جماعاتية في أفسو -نيابة الناظور. وتم استحداث 14 مدرسة جماعاتية إلى حدّ الموسم الدراسي الحالي في مختلف نيابات وزارة التربة الوطنية في الجهة الشرقية. وتجدر الإشارة إلى أن مركزية نيابة الناظور تتوفر على مدرستين جماعاتيين في بلدتي إكسن وأفسو، تضم 120 تلميذا وتلميذة داخليا، وتتوفر نيابة الدريوش على مدرسة جماعاية «إجطي»، تستقبل 120 مستفيدا، أما نيابة وجدة فتتوفر على مدرسة جماعاتية في «عين الصفا»، تضم 70 تلميذا داخليا، وفي نيابة جرادة ثلاثة مدارس جماعاتية في كل من بلدات تيولي ولمريجة وجماعة أولاد سيدي عبد الحاكم (من المقرر أن تنطلق قبل نهاية شهر 2012) تستقطب أكثر من 200 تلميذ وتلميذة، وتضم نيابة بوعرفة - فكيك ثلاث مدارس جماعاتية، ويتعلق الأمر بكل من مدرسة محمد المختار ومدرسة خالد بن الوليد ومدرسة إسردن، تستقطب 279 تلميذا. وتتوفر نيابة إقيلم تاوريرت على 4 مدراس جماعاتية تستقطب أكثر 220 تلميذا وتلميذة في كل من العطف وفم الواد ولارصاف وبني يشبل. ويذكر أن هذه التجربة لقيت استحسانا خلال اللقاء، الذي انعقد في الرباط، بتاريخ 3 نونبر 2008 حول المدرسة الجماعاتية، وأضحت تجربة ناجحة تحرص أكاديميات أخرى على توظيفها، كحلّ لمواجهة مشكل التشتت السكاني وصعوبة المسالك وانعدام وسائل النقل، وكذا بعد الوحدات المدرسية عن بعضها البعض وعلاقة كل هذه المشاكل بالهدر المدرسيّ.