رغم تضاؤل امكانية عودتها الى الساحة السياسية اثر خسارتها الصادمة في الانتخابات الرئاسية الاميركية لصالح خصمها الجمهوري دونالد ترامب، الا ان نسبة كبيرة من سكان مدينة نيويورك يتمنون رؤية هيلاري كلينتون مرشحة لمنصب رئيس بلدية المدينة حيث تحظى بشعبية واسعة. ومنذ الانتخابات، انحصرت اطلالاتها العامة بشكل كبير في القيام بنزهات في الغابات قرب منزلها في تشاباكوا في ولاية نيويورك حيث التقط لها جيران حزنوا لخسارتها صورا نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي. وظهرت وزيرة الخارجية السابقة (69 عاما) لتمنح نجمة البوب كاتي بيري جائزة خلال حفل لمنظمة الاممالمتحدة للطفولة فيما التقطت لها صورة تتناول وجبة العشاء مع مصمم الازياء العالمي رالف لورين الذي صمم لها البدلة التي ظهرت بها يوم أقرت بخسارتها امام ترامب. وفي مدينة نيويورك، حيث صوت لصالحها 80 بالمئة من الناخبين، بإمكان كلينتون ان تنسى الانقسام الكبير الذي احدثته وسط جمهور الناخبين وشعور الملايين ازاءها بانها تجسد طبقة سياسية بغيضة. ولاقت هذا الشهر تصفيقا حارا من الجمهور عند حضورها الليلة الاخيرة من عرض مسرحي غنائي في برودواي على عكس نائب الرئيس المنتخب مايك بينس الذي لاقى استهجانا من الحضور والفرقة عندما حضر مسرحية «هاملتون» في نوفمبر. وستحضر كلينتون الجمعة في اهم ظهور اعلامي لها منذ اشهر حفل تنصيب ترامب حيث ستراقب الكاميرات وجهها عن كثب لالتقاط اية ردة فعل من المرأة التي كانت تأمل بتحطيم السقف الزجاجي لتصبح الرئيسة الأولى لاقوى ديموقراطية في العالم. وان كانت خسرت بحصولها على 232 من اصوات كبار الناخبين مقابل 306 لترامب، الا انها فازت بالتصويت الشعبي بفارق أكثر من 2,5 مليون صوت عن الرئيس المنتخب. وفيما أكدت نيرا تاندن المقربة من كلينتون لشبكة «سي ان ان» ان الأخيرة لن تترشح لاي انتخابات بعد اليوم، الا ان عدة وسائل اعلام تحدثت عن شائعات وتوقعات تفيد بانه طلب منها ان تفكر بالترشح لمنصب عمدة نيويورك في نوفمبر. وسيضعها منصب كهذا في موقع المسؤولية عن المدينة التي يتحدر منها ترامب، الا ان رئيس بلدية نيويورك الحالي بيل دي بلازيو، وهو المدير السابق لحملتها عندما ترشحت لشغل مقعد سناتور عن الولاية، يحضر لحملة إعادة انتخابه مما يقلل احتمال اقدامها على هذه الخطوة. ولكن الشائعات انتشرت دون تأكيد او نفي بعد من قبلها. حتى صحيفة « نيويورك بوست» التي تبنت نبرة عدائية ضدها عندما ترشحت للانتخابات الرئاسية، دعتها هذه المرة لمنافسة العمدة اليساري الحالي. فكتبت بتاريخ 6 يناير «وزيرة الخارجية كلينتون، نرغب برؤتك مرشحة لمنصب رئيس البلدية. مدينة نيويورك بحاجة اليك،» معددة ميزاتها وأخلاقياتها في العمل. وانتهت الصحيفة إلى القول «قد لا يكون هذا هو السقف الزجاجي التي كانت تتمنى تحطيمه، الا انه لم يسبق ان تولت سيدة منصب رئيس بلدية نيويورك. ألم يحن الوقت لتغيير ذلك؟» ومن ناحيته، اعتبر سام ابرامز المحاضر في العلوم السياسية في جامعة ساره لورنس في نيويورك ان ما كان «لا يمكن تصديقه» قبل اشهر «لم يعد غريبا» اليوم نظرا حجم الكراهية التي يكنها سكان نيويورك لترامب. وقال ابرامز «نعيش في مدينة تعارضه ايديولوجيا أكثر من أي مدينة على هذا الكوكب،» مضيفا أن كلينتون «لديها المال والقدرة التنظيمية والخبرة» التي تمكنها من خوض هذه التجربة بنجاح. واردف «ان كانت ترغب بمواصلة القتال، فهذه هي الطريقة المثلى». وأشار إلى أن كونها كانت السيدة الأولى قبل أن تشغل مقعد سناتور عن نيويورك، وبعدها وزيرة للخارجية، كل ذلك يعطيها «نجومية لا يملكها دي بلازيو» ما يوفر لها «فرصة رائعة لتصبح عمدة تعارض الرئيس». اوباما بعد البيت الابيض يعتزم أوباما بعد خروجه الجمعة من البيت الأبيض حيث أمضى ثماني سنوات، أن يكون «مواطنا» نشطا، يوزع وقته واهتماماته بين تأليف الكتب والعمل مع الشباب المتحدرين من الأقليات والمساعدة على إعادة بناء حزب ديموقراطي مشرذم. ويؤكد أوباما الذي ينهي ولايتيه الرئاسيتين بعمر 55 عاما، أي أقل بعام من بيل كلينتون عند انتهاء رئاسته، وهو في أوج شعبيته، أنه يعتزم خوض مشاريع جديدة تفادي بأي ثمن أن يتحول إلى «العجوز الذي يقضي وقته في حانات مستعرضا أمجاده الماضية». وهو أعلن منذ الآن أنه لا ينوي الدخول في «اللغط» السياسي، وأنه لن يعلق على الأحداث سوى في ما يمت إلى «أسس الديموقراطية نفسها»، بعدما ندد بشدة خلال الحملة الانتخابية بمواقف خلفه دونالد ترامب معتبرا أن بعضها يمس بالديموقراطية. وعلى المدى القريب، يغادر أوباما فور انتهاء مراسم اداء الرئيس الجمهوري الجديد اليمين الجمعة، في عطلة إلى بالم سبرينغز بولاية كاليفورنيا مع زوجته ميشيل وابنتيهما. أما بالنسبة لبرنامجه بعد ذلك، قال أوباما قبل أيام في مقابلة أجراها معه مستشاره السابق ديفيد أكسلرود على شبكة «سي إن إن» «أنا بحاجة الى الصمت لبعض الوقت. ليس سياسيا فحسب، بل في داخلي. يجب أن أستوعب كل ما جرى». ونادرا ما يبقى الرؤساء الأميركيون في العاصمة الفدرالية بعد انتهاء مهامهم في أقدم مبانيها العامة. فجيمي كارتر من قبل عاد إلى جورجيا، ورونالد ريغان انتقل إلى كاليفورنيا. واختار بيل كلينتون الإقامة في نيويورك حيث أنشأ «مؤسسة كلينتون» فيما باشرت زوجته هيلاري حياتها السياسية كعضو في مجلس الشيوخ. أما باراك أوباما، الذي لم يبد يوما أي حماسة حيال واشنطن، فقد استأجر فيها منزلا بانتظار أن تنهي ابنته الصغرى ساشا سنواتها في المدرسة. وعلى المدى المتوسط، أبدى أول رئيس أسود للولايات المتحدة رغبته في العمل مع الشبان المتحدرين من الأقليات في الاحياء الفقيرة، وهي شرائح تعاني من الفشل الدراسي والبطالة ونسبة اعتقال في السجون أعلى بكثير من سواها، حتى «لا تكون مساواة الفرص مجرد عبارة فارغة». وما اثار بلبلة في خطط أوباما، هزيمة هيلاري كلينتون خلافا لكل التوقعات وفوز دونالد ترامب الذي أقر الرئيس المنتهية ولايته بأنه باغته، وقد أبدى بوضوح عزمه على المساهمة في إعادة بناء حزبه. وقال أوباما «أريد القيام بكل ما هو بوسعي لدعم الجيل المقبل ومساعدته، ليس على الصعيد السياسي فحسب، بل كذلك على صعيد الالتزام المدني. لدي الاتصالات اللازمة، وكذلك المصداقية على ما اعتقد للقيام بذلك بصورة مبتكرة». ويعتزم أوباما العمل من أجل أن يمضي حزبه أبعد من «تحديد أهداف ضيقة جدا من اجل الفوز في انتخابات رئاسية»، لضمان حضور له في المناطق «حيث يشعر الناس أنه يتم تجاهلهم»، بعيدا عن المدن الكبرى التي تعتبر معاقل للديموقراطيين. وتمكن العديد من نزلاء البيت الأبيض في السابق من ترك بصمات بعد انتهاء ولاياتهم الرئاسية. ومن هؤلاء الرؤساء السابقين مثلا جون كوينسي آدامز الذي هزم عام 1829 بعد ولاية رئاسية أولى، فانتخب في الكونغرس حيث شغل مقعدا حتى وفاته. وكان خطيبا استثنائيا طبع عصره بكفاحه المتواصل ضد العبودية داخل الكونغرس. كذلك التحق وليام هاورد تافت (1909-1913) بالمحكمة العليا. وأن كانت مؤهلات أوباما تشير في هذا الاتجاه، وهو اختصاصي في القانون الدستوري وكان في السابق رئيسا لمجلة «هارفارد لوو ريفيو» المرموقة، إلا أنه أعلن منذ الآن أنه غير مهتم بهذا المجال، معتبرا أن المحكمة العليا «شبيهة بالرهبنة أكثر من أن تستهويني». وقد يشكل مثل سلفيه الديموقراطيين جيمي كارتر وبيل كلينتون اللذين أنشآ مؤسستين تحظيان بالاحترام حتى خارج الولاياتالمتحدة، قدوة لأوباما الذي سيستند في تطوير عدد من مبادراته إلى المركز الرئاسي الذي يعتزم تشييده في شيكاغو. وترد شائعات كثيرة تفيد بأنه قد يلقي دروسا في جامعة كولومبيابنيويورك، حيث تابع دراسته في الثمانينيات، وهو قال لمجلة نيويوركر في خريف 2014 إنه «يفتقد إلى التواصل مع الطلاب» . ويبقى أيضا أمام أوباما تأليف الكتب، وهو نشاط مربح غالبا ما زاوله الرؤساء السابقون، وقال الرئيس المنتهية ولايته أنه يعتزم كتابة مذكراته، وقد أصدر في السابق كتابين ناجحين بعنوان «أحلام والدي» و»جرأة الأمل». وتحدثت الصحافة الأميركية عن حصوله على عقد تتجاوز قيمته عشرين مليون دولار. وهو يدون يومياته منذ سنواته الدراسية، وقد واصل تدوينها خلال ولايتيه في البيت الابيض ولو انه يقول أنه لم يفعل ذلك «بالانتظام» الذي كان يتمناه، موضحا «لم يكن لدي ببساطة وقتا كافيا». ميشيل اوباما ايقونة للموضة عام 2008، بقيت ميشيل اوباما بعيدة طوال فترة الحملة الانتخابية بهدف تجنب اي هفوة يمكن ان تؤثر على محاولة زوجها التاريخية لكي يصبح اول رئيس اسود للولايات المتحدة. لكن بعد ثماني سنوات ألهبت الثقة بالسيدة الاولى الحشود ولم تتردد في مواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترامب قبل انتخابه، منددة بموقفه «المخيف» تجاه النساء. وقالت في اكتوبر في خطاب خلال تجمع انتخابي لهيلاري كلينتون ان تصريحات الملياردير «صعقتني اكثر مما كنت اتصور». واضافت اوباما التي تبلغ الثلاثاء 53 عاما، حينها، «هذا ليس طبيعيا. ليست هذه امورا اعتيادية»، متابعة «انه امر مشين ولا يطاق». وكرس هذا الخطاب تحول أول سيدة اولى سوداء للولايات المتحدة الى صوت مميز مدافع عن قضايا المرأة وطاقة سياسية كبيرة مثلتها خريجة هارفرد. وعلى مدى الولايتين الرئاسيتين لزوجها، اصبحت ميشيل اوباما المتحدرة من حي في ساوث سايد حيث تسجل اعلى معدلات الجريمة في شيكاغو، رمزا للموضة والهاما للعالم. ويقول الاستاذ في كلية الصحافة في جامعة نورث ويسترن بيتر سليفن، مؤلف كتاب عن ميشيل اوباما، لوكالة فرانس برس «من الامور التي تثير الدهشة في ما يتعلق بميشيل اوباما أنها تمثل الكثير من الامور للكثير من الاشخاص المختلفين». ويضيف «لقد اختارت نضالاتها وبقيت وفية لقيمها كما اضفت طابعا شخصيا على دورها». ولدت ميشيل لافون روبنسون في 17 يناير 1964. كانت والدتها ربة منزل ولم يفوت والدها نهار عمل رغم اصابته بمرض التصلب اللويحي. ونشأت مع والديها وشقيقها الاكبر في غرفتين. وبعد ان درست الحقوق في جامعتين اميركيتين عريقتين برينستون وهارفرد، انضمت الى مكتب المحاماة سيدلي اوستن في شيكاغو. وهناك التقت بالمتدرج الشاب باراك اوباما. وغير هذا اللقاء حياتها. تزوجت من باراك اوباما في 1992. وشهدت مسيرة باراك اوباما السياسية صعودا سريعا. في يناير 2009، استقرت عائلة اوباما في البيت الابيض. وركزت السيدة الاولى الجديدة في البداية اهتمامها على ابنتيها ماليا (ولدت في 1998) وساشا (2001). ويقول المستشار السابق للرئيس ديفيد اكسلرود لشبكة «سي ان ان»، «تطلبت السنوات الاولى في البيت الابيض تغييرا فعليا بالنسبة لميشيل»، موضحا انها «اضطرت للبدء من الصفر في الكثير من المجالات، واضطرت للقيام بذلك امام انظار العالم أجمع. وشكل ذلك ضغطا كبيرا». لكنها سرعان ما تركت بصماتها وبقيت بمنأى عن كل جدل وساندت قضايا عالمية مثل حملتها «فلنتحرك» من اجل التصدي لظاهرة بدانة الاطفال او «دعوا الفتيات يتعلمن» التي تنشط من اجل تعليم الفتيات في العالم. ويلفت بيتر سليفن الى انها «تمكنت من خلق رابط مهم مع شريحة واسعة من الاشخاص بصفتها والدة عاملة وديموقراطية تقدمية، وكما تصف نفسها +فتاة سوداء من ساوث سايد في شيكاغو+». واصبحت ايضا ايقونة للموضة الاميركية، وبفضلها اشتهر كثير من المصممين غير المعروفين. وجعلت مسألة ارتداء سترة بدون اكمام للقاء ملكة انكلترا، امرا مقبولا. وشاركت ميشيل اوباما الناشطة على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تحب موسيقى البوب، في برامج تلفزيونية عدة ورقصت او غنت الراب. وتقول المتخصصة في شؤون النساء في السياسة في الجامعة الاميركية جنيفر لوليس «انها غير متصنعة بكل بساطة. تشعر بالارتياح اينما كانت، تبدو حقيقية». عندما اشتدت الحملة الانتخابية بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب السنة الماضية، تبنت ميشيل اوباما دورا جديدا لم يكن متوقعا وهو تحولها الى قوة سياسية. وطوال فترة الحملة، كانت ممثلة مفعمة بالطاقة للمرشحة الديموقراطية، وشنت في اكتوبر هجوما لاذعا ضد منافس هيلاري الجمهوري. وتقول جينفر لوليس «أمضت ثماني سنوات وهي تنسج علاقة مع الشعب الاميركي الذي تعل م الوثوق بها». وفي مقابلة مع شبكة «سي بي اس» التلفزيونية، أقر الرئيس المنتهية ولايته بان زوجته تتطلع للعودة الى الحياة الطبيعية. وقال اوباما «ميشيل لم تكن تحب ابدا ان تكون تحت الاضواء، وهذا امر يتناقض مع الواقع، بالنظر الى مدى موهبتها». وكررت ميشيل اوباما مرات عدة انها غير مهتمة بمسيرة سياسية. لكن هل يمكن ان تتبع مثال هيلاري كلينتون وتطلق حملة في مرحلة لاحقة؟ وتقول جنيفر لوليس «في غضون 12 عاما واذا كان مقعد سناتور ايلينوي لا يزال شاغرا وليس هناك مرشح للديموقراطيين، من يعلم ما سيحصل؟ الحياة تتغير وهي لا تزال شابة».