وزان حاضرة تاريخية، ما في ذلك شك. والحواضر التاريخية في كل بقاع المعمور يقف الموروث المادي والرمزي شاهدا على مساهمتها في صنع الحضارة الإنسانية، لذلك لا تدخر الدول حيث توجد هذه الحواضر، ومعها منظمة اليونسكو، جهدا من أجل حماية هذا الرأسمال المادي واللامادي باعتباره ملكا مشتركا للإنسانية جمعاء. وحدها وزان كمدينة ذات الثقل التاريخي، كما شهد على ذلك إشعاع دار الضمانة العابر للحدود، (وحدها) من شذت عن القاعدة. فقد حولتها «أياد» آثمة إلى مدينة بدون هوية، وبدون ذاكرة، بعد أن دكت معالمها التاريخية، المادي منها واللامادي، وذلك أمام أعين مختلف المتدخلين الذين ظل الكثير منهم لعقود يتفرج و يشجع على العمليات المتتالية لاجتثاث جذور المدينة وتحويلها إلى فضاء إسمنتي بلا روح. من بين كنوز المدينة التي تعرضت للإتلاف والنهب منذ حصول المغرب على استقلاله، يتحدث العارفون بخبايا الأمور عن مخطوطات وكتب تاريخية كانت موزعة منذ قرون على ثمان خزائن بخزانة المسجد الأعظم، حيث ضريح مولاي عبد لله الشريف مؤسس الزاوية الوزانية. المعطيات التي وفرها للجريدة أكثر من فاعل يوجد على خط تماس بهذه الخزانة التاريخية، تشير إلى أن رفوف هذه الأخيرة اشتملت على الآلاف من المخطوطات و«أمهات الكتب» التي من بين من أوقفها الذين تحدثت عنهم مصادر تاريخية، نذكر مولاي التهامي بن علي، وأخيه مولاي المكي، وشريفات وزانيات...... وأضافت نفس المصادر بأن هذه الثروة العلمية تلامس، التفسير، والفقه، والحديث، واللسانيات، والأدب، والطب والفلك، والفنون بمختلف حقولها، وأن الإشراف على تدبير هذا المخزون وجعله رهن إشارة مختلف الباحثين والباحثات موكول إلى قيمين، الذين هم مقدمي الضريح. اليوم المخطوطات والكتب المتحدث عنها أصبح عددها محسوبا على رؤوس الأصابع، بعد أن امتدت أكثر من يد فخطفت الآلاف منها ، فحرمت وزان ومعها المملكة المغربية والباحثين والباحثات من كل بقاع العالم من حقهم في استثمار هذا الموروث ، بما يخدم الإنسانية جمعاء. إن هذا الموروث المشترك الذي «استولت» عليه حفنة من لا يقدرون قيمته التاريخية ، يسائل الجهات المعنية التي لم تنتبه لهذا الإرث التاريخي وهو يغادر نحو المجهول رفوف خزانة تقع بقلب ضريح مولاي عبد الله الشريف ، ويحرسها قيمون مما يطرح أكثر من علامات استفهام عريضة بشأن مجريات عمليات النهب. فهل من مبادرة لتتبع خيوط تبديد رأسمال دار الضمانة؟ وهل تصحو ضمائر البعض ممن أخفى في ظروف غامضة برفوف مكتبته كتبا ومخطوطات هذه الخزانة فيبادر بإرجاعها؟