في غرفته بالفندق الذي كان يقيم فيه المنتخب الوطني في إثيوبيا تأهبا للمشاركة في كأس إفريقيا للأمم سنة 1976، كان أحمد فرس عميد المنتخب، يتألم فوق فراشه بسبب تداعيات مرض التيفويد الذي أصابه بمجرد التحاق النخبة الوطنية بأرض الحبشة. لم يكن بمقدوره التحرك أو مغادرة الفراش، ظل حبيس غرفته حتى فاجأته زيارة رئيس الجامعة المرحوم المهدي بلمجدوب مرفوقا بطبيب المنتخب والمدرب الروماني مارداريسكو. نظر المهدي بلمجدوب مستفسرا الطبيب، ليرد الأخير بإيماءة تعني أن العميد لا يمكنه المشاركة في المباراة الأولى التي لم يكن يفصل عن انطلاقتها سوى ساعة ودقائق معدودة. وفي خطوة فاجأت الجميع، التفت رئيس الجامعة صوب أحمد فرس قائلا: انهض فرس، ستشارك في المباراة رغم مرضك، يكفي أن تقف وسط زملائك، فوجودك سيكون له أثر في نفسية خصومنا.. انهض نهض أحمد فرس وجسده يكاد يتهاوى.. التحق بزملاءه، ورافقهم إلى الملعب.. لم يكتف العميد بالوقوف وسط الملعب، كما قال له الرئيس، لم يستطع تحمل أن يكون مثل الخيال واقفا دون أي دور في المباراة.. تحمل الألم، تجاهل كل أعراض التيفويد وحرارة جسمه وصداع الرأس وألم الأمعاء... حمل قميصه الوطني، وبلله بعرق الوطنية الحقة، والروح الحماسية كما تعود أن يشاهده زملاؤه. لعب التسعين دقيقة كاملة، منح فيها للقميص كل شيء واستحق بشهادة عناصر المنتخب الوطني يتقدمهم الحارس حميد الهزاز والمدافع العربي أحرضان،أن يكون نجم المباراة بدون منازع. وبروحه تلك، ورغبته في خدمة القميص الوطني وبالرغم من مرضه، أصر أحمد فرس على المشاركة في كل مباريات تلك الدورة إلى أن تحقق الفوز باللقب، مانحا أصدقاءه وزملاءه في الفريق الوطني، القدوة في الروح الوطنية وفي عشق القميص الوطني. تلك الروح التي جعلت من دورة كأس إفريقيا 1976 بإثيوبيا ، أنجح دورة للمنتخب المغربي على المستوى القاري حيث نجح بالفوز باللقب لأول مرة في تاريخه والوحيد إلى حد الآن. وبالرجوع إلى تفاصيل مشاركة المنتخب الوطني في تلك الدورة، فقد بدأها المنتخب المغربي بمواجهة المنتخب السوداني حيث تعادل معه (2-2) سجل هدفي المغرب كل من أبو علي والشريف. وفي ثاني المباريات ، انتصر المغرب على منتخب الزايير ب 1-0 من توقيع اللاعب الزهراوي. وفي المباراة الثالثة والأخيرة عن الدور الأول، تفوق المغرب على منتخب نيجيريا ب 3-1 من توقيع كل من أحمد فرس ،التازي والعربي أحرضان ، ليتصدر الأسود المجموعة ب 5 نقاط. أما الدور الثاني وهو الدور النهائي فأقيم على شكل مجموعة مكونة من أربع منتخبات والمتصدر يحرز اللقب. أول مقابلة كانت ضد منتخب مصر وانتهت بفوز المغرب 2-1 من توقيع أحمد فرس والزهراوي، والثانية كانت ضد منتخب نيجيريا الذي تأهل كثاني للمجموعة التي تصدرها أسود الأطلس وانتهت بفوز المغرب 2-1 من توقيع أحمد فرس والكزاز. وكانت آخر مباراة ضد منتخب غينيا الذي كان يملك 3 نقاط بينما كان رصيد المغرب 4 نقاط ، ما كان يعني أن المغرب كان يكفيه التعادل لإحراز اللقب ،أما منتخب غينيا فكان عليها الفوز. انطلقت المباراة وبعد مرور 55 دقائق فقط تلقى المغرب صفعة قوية بعدما طرد حكم المباراة اللاعب السماط. وقبل نهاية الشوط الأول بدقائق قليلة سجل النجم الغيني شريف سليمان هدف التقدم لمنتخب غينيا. وفي الأنفاس الأخيرة من المواجهة وعندما بدأ الغينيون بالاحتفال، وبتمريرة ذكية من أحمد فرس، أرسل اللاعب أحمد مكروح الملقب ب»بابا» قذيفة صاروخية عجز عن صدها الحارس الغيني، وبعدها أعلن الحكم عن نهاية المباراة بفوز المغرب بأول كأس إفريقية في تاريخه الرياضي.