نشرت صحيفة «لوموند» الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن مستقبل حل الدولتين؛ بهدف وضع حد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في مسعى اليمين الإسرائيلي لضم كامل الضفة الغربيةالمحتلة. وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته «عربي21»، إن فكرة «إعلان الدولتين» كثيرا ما برزت على الساحة السياسية العالمية، في محاولة فاشلة لإرضاء الفلسطينيين، بعد تهجيرهم من أراضيهم نتيجة الاحتلال الإسرائيلي منذ ما يقارب نصف قرن. وقد أعقب هذه الفكرة الكثير من الجدل والوعود الزائفة، وتراشق التهم بين الفلسطينيين وحكومة الاحتلال. وأشارت الصحيفة إلى أن ما يقارب 23 سنة مضت على توقيع اتفاقية أوسلو التي سطرت مراحل تكوين دولة فلسطينية، لكن المفاوضات ما زالت جارية؛ لتطبيق ما جاءت به هذه الاتفاقية، حتى لا تكون أكبر خيبة دبلوماسية في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وفي السياق ذاته، تطمح جامعة الدول العربية إلى إيجاد حلول سريعة؛ لتخطي العداوة مع «إسرائيل»؛ من أجل التفرغ لمقاومة «الإرهاب والتطرف». وقالت الصحيفة إن الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، يطمح إلى إيجاد توافق نهائي للأزمة الفلسطينية، لكن سياسيين مقربين من اليمين المتطرف المؤيد ل»إسرائيل» يحيطون به، حيث أعلن نواب من الحزب الجمهوري، في شهر يوليوز الماضي، رفضهم فكرة إعلان دولة فلسطينية. وأضافت الصحيفة أن مشروع الأممالمتحدة لإعلان دولة فلسطينية مستقلة، ومعترف بها من قبل 138 دولة حول العالم، بدأ يتلاشى، رغم تكثيف الجهود الدبلوماسية لإيجاد حلول منطقية، خاصة أن هذا المشروع يتضارب مع ارتفاع نسق حركة الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية. فبعد اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي، إسحاق رابين، على يد أحد المتطرفين اليهود سنة 1995، بلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية قرابة 150 ألف مستوطن. أما الآن، فقد أصبح العدد يفوق 400 ألف مستوطن، دون احتساب حوالي 250 ألف مستوطن آخرين يحتلون مساكن في القدس الشرقية. وأكدت الصحيفة أن اللجنة الرباعية الخاصة بعملية السلام في الشرق الأوسط، المكونة من الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا، أصدرت في يوليوز الماضي بيانا أشارت فيه إلى «إسرائيل» تتصرف في 70 في المئة من مساحة الأراضي الزراعية والموارد الطبيعية للضفة الغربية، وأن المستوطنين يؤسسون مجالس محلية وإدارية داخلها. وأضافت الصحيفة أن العديد من النواب الإسرائيليين قدموا للكنيست مشروعا غير مسبوق لضم المستوطنات في الضفة الغربية رسميا لدولة الاحتلال. وتجدر الإشارة إلى أن عبارة «معسكر سلام» أصبحت غائبة عن الساحة السياسية الصهيونية، لكنها بقيت راسخة في عقول بعض المثقفين اليهود المنتمين لأحزاب اليسار، فقد طالبت أحزاب العمال المعارضة مع بداية حملة الانتخابات التشريعية الإسرائيلية، خلال شهر مارس سنة 2015، بتطبيق سياسة «الفصل» بين الفلسطينيين والمستوطنين؛ نظرا لأن هناك قرابة 100 ألف فلسطيني يعملون داخل الأراضي المحتلة. وذكرت الصحيفة أن قرابة 200 ضابط إسرائيلي متقاعد من الجيش والمخابرات قدموا للحكومة مخططا مفصلا، يهدف إلى تعزيز أمن «إسرائيل». وأبرز ما جاء في هذا المخطط هو رفض فكرة إعلان الدولتين، مع تقديم تدابير أمنية وأخرى اقتصادية؛ لتخفيض حدة التوتر مع الفلسطينيين. ويحتوي هذا المخطط أيضا على حوافز مالية مهمة لدفع المستوطنين الموجودين وراء الجدار العازل في الضفة الغربية، للانتقال إلى المستوطنات الأكبر مساحة. ولكن هذه المحاولة لم تنجح حتى الآن، ولم تلق صدى في الشارع الإسرائيلي. ومن جهة أخرى، ما زال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، يتمسك بفكرة إعلان الدولتين، أي دولة فلسطينية منزوعة السلاح، وأخرى يهودية. لكن يشترط للقيام بذلك أن يعترف الفلسطينيون ب»إسرائيل» كدولة مستقلة لليهود. من وجهة نظر فلسطينية، فإن محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، يتبنى استراتيجية «لا للعنف» خلال اتصالاته الدولية؛ من أجل تضييق الخناق على نتنياهو. ونقلت الصحيفة على لسان محمد اشتية، أحد المقربين من السلطة الفلسطينية، قوله: «يوجد داخل الأراضي المحتلة (الضفة) قرابة 650 ألف مستوطن يهودي، يمثلون حوالي 22 في المئة من مجموع عدد السكان في الضفة الغربية. وفي المقابل، يطمح نتنياهو إلى أن يتجاوز هذا الرقم مليون مستوطن في سنة 2020». وأضاف محمد اشتية قائلا: «في حال إعلان الدولتين، فسيقع تقسيم الضفة الغربية إلى جزأين؛ جزء يخضع للاحتلال الإسرائيلي، وجزء للفلسطينيين، حيث ستكون هذه الفكرة بمثابة الخسارة المطلقة للفلسطينيين. كما يمثل الفلسطينيون 52 في المئة من مجموع سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة في المنطقة الممتدة بين نهر الأردن والبحر المتوسط، ما يؤكد فقدان إسرائيل للهوية اليهودية». وفي الختام، نقلت الصحيفة رأي عمر شعبان، أحد المحللين السياسيين من مدينة غزة، معلقا على حل الدولتين، حيث قال إن «المساحة لا تتسع لدولتين، ولا يمكننا حتى رسم الحدود».