تحت ضغوط اميركية، عرضت اسرائيل تجميداً جزئياً ومؤقتاً للاستيطان في الضفة الغربية لاطلاق عملية السلام في مبادرة ولدت ميتة بسبب رفض الفلسطينيين لهذا العرض الذي اعتبروه غير كاف. "" واستبعاد القدسالشرقية من العرض الاسرائيلي يقضي على اي فرصة باستئناف الحوار مع الفلسطينيين لان هؤلاء يعتبرون ان هذه المسالة غير قابلة للتفاوض. واعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في مؤتمر صحافي "ان الحكومة (الامنية) وافقت على تعليق ورش بناء جديدة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) لمدة عشرة اشهر". واوضح نتانياهو "لقد قلت اننا على استعداد لوقف البناء في يهودا والسامرة لفترة محدودة وهذا ما فعلناه اليوم". الا انه اوضح "اننا سنسمح ل330 الف اسرائيلي في يهودا والسامرة بمتابعة حياة طبيعية، ولهذا السبب سنواصل بناء كنس ومدارس وحدائق للاطفال ومبان عامة" في مستوطنات الضفة الغربية. واضاف من جهة اخرى "لا افرض اي حدود على البناء في القدس، عاصمتنا الابدية". وعارض الفلسطينيون الاقتراح الاسرائيلي كما هو متوقع. واعتبرت السلطة الفلسطينية ان لا جديد في عرض رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو التجميد المؤقت للاستيطان في الضفة الغربية دون ان يشمل القدسالشرقيةالمحتلة. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لوكالة فرانس برس في اتصال من تشيلي حيث يرافق الرئيس محمود عباس، "لا جديد في خطاب نتانياهو ولم يقدم اي صيغة لاستئناف المفاوضات معنا". وأوضح الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينه في اتصال هاتفي "ان القدس بالنسبة للفلسطينيين والعرب خط احمر لا يمكن تجاوزه ولا يمكن القبول باي وضع ما لم تكن القدس جزءا منه". وقال ابو ردينة اثناء وجوده في بوينس ايريس مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في زيارة رسمية "ان العودة للمفاوضات يجب ان تكون على اساس الوقف الشامل للاستيطان بالضفة بما فيها القدس" الشرقيةالمحتلة. من جهتها قالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان قرار الحكومة الامنية الاسرائيلية التعليق المؤقت لبناء المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية سيساعد في احراز تقدم في السلام بين اسرائيل والفلسطينيين. وصرحت في بيان ان "اعلان الحكومة الاسرائيلية اليوم يساعد في التحرك قدما باتجاه حل النزاع الاسرائيلي لفلسطيني". ومن ناحيته، اعلن الموفد الاميركي الى الشرق الاوسط جورج ميتشل خلال مؤتمر صحافي ان القرار الاسرائيلي قد يفتح الطريق امام استئناف حوار السلام. وقال "هو ليس تجميد شامل للمستوطنات ولكنه اكثر ما قامت به اية حكومة اسرائيلية من قبل ويمكن ان يحقق هذا الامر تقدما نحو اتفاق بين الطرفين". وتحاشى استعمال صيغة "لا سابق لها" التي اثارت الفلسطينيين عندما استعملتها كلينتون نهاية تشرين الاول/اكتوبر لوصف الاقتراح الاسرائيلي بتجميد جزئي للمستوطنات اليهودية. واعتبر ميتشل مع ذلك ان عرض اسرائيل "مهم" وسيكون له "تأثير على الارض". وقال ايضا "للمرة الاولى، ستوقف حكومة اسرائيلية الموافقة على بناء مستوطنات ووحدات سكنية جديدة وبنى تحتية كما هو حاصل في الضفة الغربية". واشار الى ان بعض الابنية العامة مثل الكنس والمدارس لن يشملها القرار وكذلك الابنية التي هي قيد الانشاء ولم تنجز بعد. على اي حال، فان عملية السلام في طريق مسدود منذ قرابة العام رغم الجهود التي تبذلها الولاياتالمتحدة لاعادة احيائها. ويتعثر استئناف المفاوضات امام مسالة الاستيطان بما فيها في القدسالشرقية حيث الغالبية من العرب والتي ضمتها اسرائيل في حزيران/يونيو 1967 ويطالب بها الفلسطينيون لتصبح عاصمة دولتهم المستقبلية. ويعيش نحو 270 الف فلسطيني في القدسالشرقية اضافة الى 200 الف اسرائيلي يقيمون في 12 حيا استيطانيا جديدا. ويقول الفلسطينيون ان القدسالشرقية تحوي اكثر من ثلث (37%) المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة. وتعتبر اسرائيل القدس بكاملها عاصمة "موحدة وابدية" لها وذلك يشمل القطاع الشرقي الذي لم يعترف المجتمع الدولي بضمه من قبل الدولة العبرية. وبعد تبنيه من قبل الحكومة الامنية المصغرة التي تضم ابرز الوزراء، ينبغي ان يوافق مجلس الوزراء الاسرائيلي الاحد على هذا القرار بالوقف الجزئي للاستيطان. واوضح نتانياهو نفسه "انها ليست بادرة بسيطة او سهلة لكن مميزاتها اكثر من عيوبها" مضيفاً انها "ستتيح لنا ان نظهر للعالم حقيقة بسيطة وهي ان الحكومة الاسرائيلية تريد فتح مفاوضات مع الفلسطينيين (...) وان رغبتها في التوصل الى السلام رغبة جادة". وفي الجانب الاسرائيلي اعرب المستوطنون ورجال الدين واليمين المتطرف عن الاسف لاقتراح نتانياهو الذي يعتبر في نظرهم "نهاية للمستوطنات". وقال داني دايان زعيم مجلس "يشع"، المنظمة الرئيسية للمستوطنين، "ان حكومة بنيامين نتانياهو انتخبت لتحفيز الاستيطان، لكنها في المقابل ومنذ تشكيلها جمدته والان تنتقل الى مرحلة الاضطهاد والتصفية". من جانبه اكد زعيم حزب شاس المتشدد ايلي يشائي، وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء، انه لا يمكنه "قبول تجميد البناء (في المستوطنات) ولو ليوم واحد". وقال المتحدث باسمه "بعد هذا الاجراء سنبدو كضعفاء". كما اثار هذا التجميد غضب العديد من نواب الجناح اليميني لليكود حزب نتانياهو حيث وصفه النائب ياريف ليفن بانه اجراء "معاد لليهودية ولاسرائيل". وقال هذا البرلماني "نشعر بان اسرائيل تعيش حاليا في ظل نظام رئاسي يحدد فيه باراك اوباما سياسة الحكومة". وطلب النائب الاخر داني دانون ان يعرض القرار على المجموعة البرلمانية لليكود "اذا لم يحدث ذلك سادعو الى اجتماع للجنة المركزية لليكود لمنع هذه الخيانة لتعهداتنا للناخبين". في المقابل اشادت منظمة "السلام الان" اليسارية المعارضة للاستيطان بهذا العرض معتبرة في بيان انه "قرار تاريخي يصب في الاتجاه الصحيح".