بالنسبة للشكايات المحالة على الإدارة العمومية المختصة فقد بلغت 59% من المجموع المتوصل إليه من طرف ديوان المظالم خلال سنتين 09/2008 وبعد دراستها اتضح أن بعضها أصبح يشكل ظاهرة بنيوية في علاقة المواطنين بالإدارة، لم تستطع هذه الأخيرة إيجاد حلول جذرية لها. وفيما يلي أهم الخلاصات الأساسية المسجلة بخصوص كل صنف من أصناف القضايا المثارة في شكايات المواطنين. أولا: قضايا المعاشات المدنية والعسكرية والإيرادات العمرية على خلاف السنوات الماضية، عرفت سنتا 2009-2008 تزايدا في عدد الشكايات المتعلقة بأنظمة المعاشات المدنية والعسكرية، وتطبيق التشريعات المتعلقة بها، ولاسيما ما يتعلق منها بتصفية راتب المعاش، أو احتساب سنوات الأقدمية في الإدارة، أو استحقاق بعض الإيرادات بسبب العجز الدائم أو المؤقت، أو طلب الزيادة في مبلغها أو طلب تمكين ذوي الحقوق من راتب المعاش بعد وفاة صاحبه، أو طلب تمكين راتب الزمانة. وقد احتلت هذه القضايا المرتبة الأولى ضمن القضايا ذات الطابع الإداري حيث بلغت نسبتها 17,5% من هذه القضايا. ثانيا: التظلم من قرارات الإدارة بلغ عدد الشكايات المتعلقة بالتظلم من قرارات إدارية خلال السنتين الماضيتين 315 شكاية. وهو ما يمثل 16% من مجموع القضايا ذات الطابع الإداي. وقد همت هذه الشكايات مجالات متعددة تتعلق ببعض قرارات هدم مساكن شخصية أو الحرمان من رخص إدارية أو تقييد الاستفادة من بعض الخدمات العمومية بالتوفر على شروط معينة. وقد لوحظ أن بعض الإدارات تضيف إلي قائمة الشروط المطلوبة من أجل الاستفادة من بعض الخدمات شروطا أخرى إضافية دون أي أساس قانوني يبرر ذلك. ويلاحظ هذا السلوك في عدد من الجماعات المحلية، خاصة بالنسبة للقرارات الإدارية التي يتخذها عدد من رؤساء الجماعات فيما يتعلق بالترخيص من أجل البناء الذي يعاني بشأنه عدد المشتكين من بعض السلوكات المنافية للقانون لبعض رؤساء الجماعات، ورخص فتح واستغلال محلات الاستعمال المهني أو التجاري. ثالثا: الشكايات المتعلقة بالوضعيات الإدارية والمالية للموظفين. ويتعلق الأمر ب 260 شكاية تمثل حوالي 13% من مجموع القضايا ذات الطابع الإداري. وقد تبين من خلال دراسة هذه الشكايات أن معظمها يتعلق بمجالات ترقية الموظفين أو إدماجهم في أطر جديدة أو بمجال التأديب أوالاستفادة من بعض التعويضات أو الامتيازات. وهي موضوعات من المفروض أن تعمل الإدارة على النظر فيها وإيجاد الحلول المنصفة لأصحابها مادامت مطالبهم مبررة ومشروعة. وإن مؤسسة ديوان المظالم تود أن تؤكد بإلحاح شديد مرة أخرى على أن ا لحكومة التي بذلت جهدا محمودا في تسوية أوضاع الموظفين في إطار التوافقات مع المركزيات النقابية المعنية، مدعوة بكيفية عاجلةإلى وضع أسس واضحة للسياسة العامة التي تقوم عليها منظومة الأجور، تجنبا للتضارب والتفاوت القائم حاليا بين شرائح مختلفة للموظفين الذين ينتمون لنفس الأصناف والدرجات، ويتوفرون على نفس المؤهلات والكفاءات والتجربة، حيث يختلفون فقط في الانتساب إلى هذه الإدارة أو لتلك. رابعا: القضايا العقارية وتزايد عدد الشكايات المتعلقة لقد بلغ عدد الشكايات المتعلقة بالقضايا العقارية والتي توصلت بها المؤسسة خلال السنتين الماضيتين 789 شكاية تمثل حوالي 23% من مجموع الشكايات، منها 408 شكاية تدخل في اختصاص المؤسسة. ومن خلال دراسة هذه الشكايات وتحليلها يتبين أن أهم المشاكل التي يعاني منها المواطنون المشتكون معضلة التعويض عن نزع ملكية العقارات المملوكة لهم، رحالات الاعتداء المادي على ملكية عقاراتهم من قبل الادارة ومشكلة عدم الاستجابة من قبل بعض الادارات لطلبات رفع اليد عن عقاراتهم التي تم الاعتداء عليها دون سلوك مسطرة نزع الملكية، أو بعد انقضاء الاجال القانونية لمفعول تصاميم التهيئة الحضرية ومع ذلك لا تستجيب الادارات المعنية لطلباتهم تصاميم التهيئة أو تعليل لاحتفاظ الادارة بالعقار التي اعتدت عليه بحجة استعماله لاقامة منشأة عمومية أو استغلاله لإنجاز برنامج أو مشروع يكتسي صبغة المصلحة العامة. وعلى الرغم من تدخل المؤسسة وقيامها بجميع التحريات اللازمة والتأكد من الوقائع ومطالبة الادارة برفع اليد عن العقار لفائدة أصحابها، فإن عددا من هذه الادارات تأبى الخضوع للقانون، وتتماطل في تطبيقه وتتمادى في خرقه وتستمر بهذا السلوك في خرق قاعدة دستورية نص عليها دستور البلاد، تتمثل في حماية حق الملكية الذي لا يجوز أن يحد من مداه إلا القانون. وفي كثير من الأحيان تتساءل المؤسسة عن السر في تعنت عدد من المسؤولين الاداريين في الاستمرار في نهج السلوك لا سيما في القطاعات التي تحتاج الادارة فيها إلى إلى أوعية عقارية داخل المدار الحضري، كالقطاعات الاجتماعية وقطاعات البنيات التحتية ولم تجد لذلك أي مبرر يعطي الحق للإدارة في الاستمرار في نهج هذا السلوك. خامسا: الشكايات المتعلقة بالنزاعات المالية والحاجة الماسة إلى الشفافية واحترام القانون بلغت الشكايات المتعلقة بالنزاعات المالية التي توصلت بها المؤسسة وأحالتها إلى الادارات المعنية دراستها وتحليلها 12% من مجموع الشكايات وهي نسبة لها دلالتها. ومن خلال تحليل دقيق لهذا النوع من الشكايات نجد أن أغلبها يتعلق بتشكي عدد المواطنين من عدم التزام بعض المؤسسات العمومية ذات الطابع المالي أو الاقتصادي بأداء مستحقات مالية لبعض المواطنين. أو عدم إعطائهم حقوقهم المالية بأداء أو عدم الالتزام بدفع ما تبقى في ذمة هذه المؤسسات لفائدة مقاولين تعاقدوا معها. إلا أن الحصة الغالبة من الشكايات تهم قضايا النزاع مع إدارة الضرائب والتي تتعلق إما بنزاعات تخص الوعاء الضريبي والأساس القانوني الذي تم اعتماده في فرض الضريبة المستحقة حسب القرارات الصادرة عن إدارة الضرائب أو غير المستحقة حسب ادعاءات الملزم بأداء الضريبة. ويلاحظ أن أغلب فئات الملزمين الذين قدموا شكاياتهم بشأن نزاعات مالية مع إدارة الضرائب هم من أشخاص القطاع الخاص وأصحاب الأنشطة أو بمبالغ المستحقات الضريبية الواجب أداؤها أو بالمبالغ التي فرضت خطأ ويجب إلغاؤها أو تتعلق بطلب الإلغاء إما الكلي أو الجزئي لمبلغ الضريبة، أو بالغرامات المضافة الواجب أداؤها وغيرها... وجدير بالذكر أن الشكايات المتعلقة بالمنازعات المالية قد تضمن عدد منها قضايا النزاعات المتعلقة ببعض الصفقات العمومية، أما من خلال مطالبة المشتكين بمستحقاتهم المالية بعد إنجاز تعهداتهم في إطار ما أبرموه من صفقات مع الادارة وإما من خلال المطالبة بالتعويض عما لحقهم من أضرار نتيجة فسخ الادارة للصفقة أو الصفقات المبرمة معهم دون سند قانوني وجيه رغم توفرهم على ملفات إدارية وتقنية تامة، ومؤهلات تقنية مستوفية للشروط المطلوبة.