وصفت صحيفة «واشنطن بوست» نتائج الانتخابات الأمريكية بالمثيرة للصدمة، ومن أن ارتداداتها ستستمر لأشهر بل لسنوات . واعتبرت الصحيفة فوز ترامب (70 عاما)، بأنه « نتيجة لحملة انتخابية مثيرة ومليئة بالجراح، انتهت نهاية صادمة «. وقال مراسل الصحيفة دان بلاز، إن «حملة المرشح الجمهوري لم تكن يوما جيدة، وكانت غير واضحة دائما، على الأقل بالنسبة للمراقبين، إلا أن ترامب كان يعتقد العكس، ففي انتصار مثير للإعجاب أثبت خطأ تحليلات المحللين، إلا أن انتصاره على هيلاري كلينتون ترك سؤالا كبيرا مطروحا أمام الجميع، : ما هي طبيعة الرئيس الذي سيكونه؟ وما هي البلد التي سيحكمها؟». وترى الصحيفة أنه «من غير الممكن التقليل من طبيعة الطريق المجهول الذي ينتظر الأمريكيين، وكيف سيحكم ترامب، وهل سيكون رئيسا فاعلا، رغم أن الموضوعات التي دعا إليها طوال الحملة الانتخابية وجذب من خلالها الناخبين، هي الهجرة والتجارة والنظام والقانون. وينقل المقال عن ترامب قوله دائما إنه يشم رائحة «بريكست» أمريكية في طور التنفيذ، في إشارة إلى النصر غير المتوقع لدعاة الخروج من أوروبا في شهر حزيران/ يونيو هذا العام، حيث أدهش انتصار دعاة الخروج المؤسسة والنخبة، وغافلوها على حين غرة. ويجد بلاز أن «انتصار ترامب يظل أكثر صدمة؛ لأنه كان خارج التوقعات، و(لن يحدث هنا) في أمريكا، وسيظل حدثا يعبر عن أكبر الخيبات في التاريخ السياسي، وما حدث يوم الثلاثاء هو نصر تحقق بسبب تدفق الناخبين البيض في الأعم الأغلب، وممن لا يحملون شهادات جامعية، ويشعرون بالإهمال الاقتصادي، ولم تهتم بهم واشنطن، ومن نظرت إليهم النخبة الثقافية والسياسية والاقتصادية بازدراء، وكان هذا كافيا للإطاحة بكلينتون وحلمها، بأن تصبح أول رئيسة في تاريخ الولاياتالمتحدة». وتقول الصحيفة إن أثر هزة فوز ترامب سيظل لأشهر، وربما لسنوات، مشيرة إلى أن ترامب تهجم على المرأة وأهانها، وأحد المحاربين القدماء، وأحد الصحافيين من أصحاب الاحتياجات الخاصة، ودعا إلى منع المسلمين من دخول البلاد، مع أنه خفف من المنع لاحقا وعدل كلامه. ويتساءل الكاتب قائلا: «هل يمكنه الآن إفساح المجال لهذه الجماعات كلها، التي عارضها بشدة أثناء حملته الرئاسية؟ وقد أشار ترامب إلى أنه لن يقبل نتائج الانتخابات إن لم يفز، وما هو شعور من عارضوه الآن وقد فاز؟». ويلفت المقال إلى أن «كلينتون قد تحدثت في مرحلة من حملتها الانتخابية عن جيش ترامب الداعم له بأنهم مثل (سلة من الناس الذين يشجبون)، لكنها اعترفت بأن ما يدعم حملته، على الأقل في جزء منها، هو الشعور بالتهميش والقلق الاقتصادي، ووصف أحد مستشاري كلينتون هذا الشعور بأنه (غضب هادئ) يعبر عنه في غرف المعيشة وحول طاولة الطعام في المطبخ، حيث يتم الحديث عن الإحباط من غياب النتائج الملموسة لأفعال الحكومة تجاه الأمريكيين الذين يعملون بجد». وتبين الصحيفة أن «وصف كلينتون لهذه الجماعة أصبح صرخة تعبئة في الأشهر الأخيرة من الحملة، واجتذب ترامب جيشا من الأتباع، الذين رأوا فيه أداة لتحطيم من هم في السلطة، وهز المؤسسة السياسية في واشنطن، وفي الوقت ذاته كرهوا كلينتون، حيث أدت كراهيتهم دورا كبيرا في خسارتها، وكان هذان العاملان والقوة التي ظهرت، لكن تم التقليل منها، هي العوامل التي جعلت الأسواق المالية العالمية تنخفض في لحظات إعلان النتائج». ويعتقد بلاز أن «ترامب نجح لعدة أسباب من السهل شرحها بطريقة استعادية، فأخطاؤه كانت تطغى على صفاته، وما لم يستطع الخبراء فهمه هو أن الكثير من الناس كانوا مستعدين لتجاوزها ومغفرة ذنوبه، وعدم الاهتمام بأهم ما قيل عنه أثناء ترشيحه، ولم يتم قياس هذه الأخطاء بطبيعة الرسالة التي كان يدعو لها وصدقها الكثيرون». وتخلص «واشنطن بوست» إلى القول إن «هناك أسئلة كثيرة حول طبيعة حكم ترامب: كيف سيحكم؟ هل سيقوم بعقد علاقة قوية مع النواب الجمهوريين وقادتهم، الذين قلل من قيمتهم؟ بالإضافة إلى أن سياسته الخارجية افتقدت الانسجام والتماسك .