يساهم القضاء الاداري من خلال الأوامر الاستعجالية، او الأحكام الابتدائية او القرارات الاستئنافية، او تلك الصادرة عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى في اطار النقض، يساهم بشكل ملحوظ في دعم التنمية بمفهومها الواسع، وتقوية مجال الثقة في القضاء اولا، ثم في غيره من مؤسسات الدولة التي يعتبرها والمواطن في نفس المستوى عند النظر في نزاع بينهما. الأمر رقم 15 الصادر عن رئيس المحكمة الادارية بالرباط في الملف عدد 64 - 08 بتاريخ 8 يناير 2009 قضى لصالح متقاضين بحقوقهم ضد الخازن العام شخصيا وباسمه ومن ماله الخاص بغرامة تهديدية حددها في مبلغ الفي (2000) درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ ندرجه دعما للقضاء واحتراما له: حيث يختص رئيس المحكمة الادارية بوصفه قاضيا للتنفيذ بتحديد الغرامة التهديدية بصفته هاته وليس بصفته قاضيا للمستعجلات مما يبقى الدفع بعدم اختصاصه لتحديد الغرامة التهديدية بصفته قاضيا للمستعجلات بناء على شرطي توافر عنصر الاستعجال وعدم المساس بجوهر الحق غير مؤسس. وحيث ان الالتزام بالشيء المقضي به هو مبدأ قانوني مقدس يستهدف سيادة القانون والمشروعية وليعلو في القيمة على كل قرار او اجراء إداري وانه لا قيام للدولة القانونية الا باعلاء مبدأ خضوع الدولة ورجالاتها للقانون وسيادة المشروعية وانه لا قيمة لهذا المبدأ ما لم يقترن مبدأ تقديس واحترام أحكام القضاء ووجوب تنفيذها من طرف المسؤولين عن التنفيذ فإنه لا حماية قضائية ولا قيمة للقانون بغير تنفيذ. وحيث ان المرجع القانوني في تحديد الغرامة التهديدية كوسيلة لاجبار الادارة ورجالاتها على التنفيذ هو مقتضيات الفصل 448 من ق.م.م بناء على الا حالة الواردة في فصل 7 من القانون 90 - 41 على قواعد المسطرة المدنية، وان صيغة المنفذ عليه الواردة بالمادة 448 من ق..م. جاءت عامة وبذلك تشمل كلا من اشخاص القانون العام و الخاص، خصوصا ان التنفيذ في نهاية الأمرلايجري ضد الادارة كشخص معنوي وآلية ادارية بقدر ما يجري ضد المسؤولين في الادارة عن التنفيذ وان امتناعهم عن التنفيذ بدون مبرر بصفتهم هاته يبرر تحديد الغرامة التهديدية في حقهم. وحيث ان المناط في تحديد الغرامة التهديدية على مقتضى الفصل 448 من ق.م.م هو ان يتعلق الحكم او الأمر المعني بالتنفيذ بالقيام بعمل او بالامتناع عنه ويشمل ذلك حتى الاداءات المالية، وان يكون العمل المقصود بالتنفيذ مما يدخل في صلاحيات المعني بالتنفيذ ويتطلب تدخله الشخصي لانجازه وان يكون الامتناع عن التنفيذ غير مبرر ويكتسي طابع التعنت. وحيث يؤخذ من اوراق الملف التنفيذي امتناع الخزينة في شخص الخازن الرئيسي لها باعتباره محجوزا بين يديه عن تنفيذ قوة الشيء المقضي به بدون مبرر، ذلك ان الاحكام القابلة للتنفيذ تعتبر بمثابة وثيقة محاسبية تلزم المحاسب العمومي بالتنفيذ باعتبارها تسمو على القاعدة القانونية ومن ثم فلا مجال للتمسك بخرق قواعد المحاسبة العمومية، مما يرتب مسؤولية المطلوب ضده وبالتالي يبقى طلب تحديد الغرامة التهديدية في حقه مؤسسا. وحيث وبما لنا من سلطة تقديرية في تحديد الغرامة التهديدية اخذا بعين الاعتبار طبيعة المحكوم به ومدى تعنت المنفذ عليه نرى تحديدها في ضوء الطلب وسلطتنا التقديرية في مبلغ 2000,00 درهم يوميا عن كل يوم تأخير عن التنفيذ.