سجلت جمهورية مصر العربية سابقة في استفزاز المغرب، عبر قبول استقبال وفد من البوليساريو يمثل ما يسمى «البرلمان»، مع أنه لم يسمع العالم يوما ولو على المستوى الشكلي بانتخابات لهذا المسمى «برلمان»، بل إن الاستفزاز المصري، بلغ مداه على هامش اجتماع جرى بين برلمان عموم إفريقيا والبرلمان العربي في مدينة شرم الشيخ مؤخرا، والذي انطلقت أشغاله الاثنين الماضي، بمشاركة وفود برلمانية تمثل 47 دولة عربية وإفريقية. وحظي وفد البوليساريو باستقبال رسمي من السلطات المصرية، التي نظمت المؤتمر في شرم الشيخ بعد أن منحت أعضاء الجبهة الانفصالية تأشيرات لدخول أراضيها بمناسبة مرور 150 عاما على انطلاق البرلمان المصري. وعلى هامش الاجتماع، استقبل رئيس البرلمان المصري وفد البوليساريو. الخبير المغربي في شؤون الصحراء العجلاوي الموساوي ، اعتبر الأمر غير مفاجئ، بسبب التحول في السياسات الخارجية المصرية، التي أضحت تميل للمعسكر الروسي، تحت ضغط أزمة داخلية خانقة، وشح المساعدات الخليجية، خاصة السعودية لمصر بسبب انخفاض أسعار البترول. وشدد العجلاوي في تصريح، خص به جريدة الاتحاد الاشتراكي، على أن مصر تسعى لاستفزاز السعودية بسب علاقات المغرب الوطيدة معها، وتسعى بالتالي إلى إيجاد موقع متميز في القارة الإفريقية ومنطقة الشرق الأوسط وخاصة في النزاعات المشتعلة هناك في كل من سوريا والعراق واليمن. وكشف الموساوي العجلاوي عن أن مصر لا تنظر بعين الرضى للزيارات الملكية للقارة السمراء، والتي تلقى تجاوبا افريقيا كبيرا في غرب وشرق القارة، مثيرا كيف أن أغلب دول القارة السمراء رحبت بعودة المغرب إلى أحضان القارة، وكيف رفضت مصر طرد البوليساريو من الاتحاد الإفريقي بعد أن تحفظت على التصويت. ولكشف أوجه الأزمة المفتعلة، بيّن العجلاوي أن المغرب مطالب بمراجعة الاتفاقات التجارية والثقافية والفنية، التي تعطي الأفضلية للجانب المصري، من أجل فرض توازن بين البلدين، وعدم ترك الأزمة المصرية لصالح أطراف إقليمية تسعى لضرب العلاقات المغربية المصرية، خاصة وأن الجزائر، بادرت إلى إرسال 30 ألف طن من المحروقات مجانا للقاهرة، التي تعيش وضعا اقتصاديا هشا، جعلها تلجأ إلى صندوق النقد الدولي لطلب المساعدات ومزيد من تسهيلات الديون. ومن جانبنا، حاولنا أمس الاتصال مرارا وتكرارا بالسفير المصري عبر هاتفه الخاص كي يكشف حقيقة الموقف المصري ودوافعه، ولكنه لم يرد عن المكالمة. في السياق ذاته، أكدت مصادر مطلعة أن المغرب أجرى اتصالات بالجانب المصري ووزارة الخارجية تنتظر جوابا، كي تبني عليه موقفها من الحركة المستفزة، خاصة وأن مصر ظلت تردد دائما، متانة وعمق العلاقات بين القطرين الشقيقين. وكان إيهاب جمال الدين، سبق له في ظل استياء المغرب من عدم توقيع القاهرة على الطلب الذي وقعته 28 دولة، أن أكد أن مصر «تأمل في رؤية المغرب مستعيدا دوره ضمن الأسرة الإفريقية في أقرب الآجال»، مشيرا إلى «وجود تنسيق دائم بين المغرب ومصر حول هذا الموضوع وغيره من الأمور التي تهم البلدين والشعبين الشقيقين «.كما عبر السفير المصري في تصريحه لوكالة الأنباء المغربية الرسمية، عن ترحيب بلاده وتأييدها الكامل لرغبة المغرب في العودة إلى منظمة الاتحاد الإفريقي. وكشف بعض الخبراء المصريين في خرجات إعلامية عن أن «مصر لا يمكنها منع وفد البوليساريو من الحضور والمشاركة في المؤتمر، على اعتبار أن» البوليساريو عضو في الاتحاد الإفريقي، وهذا الاتحاد له أجهزة متعددة، من بينها البرلمان الإفريقي «، وأنها أي مصر» لا تملك اختصاصا ، ولا تنعقد لها الولاية، من أجل رفض مكون من مكونات البرلمان الإفريقي للحضور الذي تعتبر الجبهة عضوا به «.حسب قولها وتبقى الأزمة الجديدة أولى الأوراق الساخنة التي سيتولى السفير المغربي الجديد مواجهتها في أروقة وكواليس القرار المصري.