تحتاج المرشحة الديمقراطية للبيت الأبيض هيلاري كلينتون إلى مشاركة كثيفة من الأقليات وخصوصا السود من أجل أن تهزم خصمها الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية وتصبح أول امرأة رئيسة للولايات المتحدة. فهل تنجح في تعبئتهم للمشاركة والادلاء بأصواتهم في 8 نونبر في الولايات التي تشهد منافسة محتدمة مثل كارولاينا الشمالية وبنسيلفانيا وفلوريدا؟ يجيب سانتي جونز (37 عاما)، رجل الأعمال الأسود، متحدثا لوكالة فرانس برس أمام ملعب في كارولاينا الشمالية قبل بدء مباراة لكرة القدم، أن "بوسعها تحقيق ذلك، لكن عليها أن تبذل جهودا أكبر بقليل". شهدت الولاياتالمتحدة منذ العام الماضي سلسلة من الحوادث قتل فيها سود برصاص الشرطة، ما أجج التوترات العرقية في هذا البلد. واتهم البعض رجل الأعمال الثري دونالد ترامب بالمساهمة في تعميق الشقاق من خلال الخطاب الاستفزازي الذي بنى حملته الانتخابية عليه، والسنوات التي قضاها يروج لفكرة أن باراك أوباما، أول رئيس أسود للولايات المتحدة، لم يولد على الأراضي الأمريكية، وتقربه من أنصار نظرية تفوق العرق الأبيض. وحين سئل ترامب خلال مناظرته الأولى مع هيلاري كلينتون، عما إذا كان من الضروري معالجة الانقسام العرقي في الولاياتالمتحدة، في أعقاب اضطرابات دامية هزت مدينة شارلوت، رد مؤكدا "إننا بحاجة إلى فرض القانون والنظام في بلادنا". وتعتبر كارولاينا الشمالية محورية في جهود كلينتون لحشد التاييد التاريخي الذي قدمه السود لباراك أوباما، وتكرار التجربة لصالحها هذه المرة في الولايات المتأرجحة التي ستحسم نتيجة الانتخابات. وفاز أوباما بفارق ضئيل في كارولاينا الشمالية عام 2008، لكنه عاد وخسر الولاية بعد اربع سنوات. وتكثف كلينتون حملتها حاليا لتحويل مسار الولاية لتصب لصالح الحزب الديموقراطي من جديد. يشكل السود 12% من الناخبين الامريكيين، وهم يؤيدون هيلاري كلينتون بنسبة تقارب 90%، بحسب مختلف استطلاعات الرأي. ورغم ذلك، لا يزال العديد منهم يبدون حماسة ضعيفة لها. وفي مؤشر إلى حجم التحدي الذي تواجهه كلينتون، قال جونز نفسه إنه رغم تاييده لوزيرة الخارجية السابقة، ليس متاكدا من أنه سيدلي بصوته. وفي أحد مكاتب حملة كلينتون في الشارع التجاري من مدينة شارلوت، كان متطوعون بينهم أرنيتا ستريكلاند (56 عاما) يجرون اتصالات هاتفية لتحفيز الديموقراطيين والناخبين المترددين وحضهم على المشاركة في التصويت. حين سئلت ستريكلاند التي تعمل سكرتيرة طبية، عما اذا كان بوسع ترامب أن يفعل او يقول اي شيء لحملها هي أو سواها من السود على تبديل رايهم والتصويت له، هزت رأسها نافية. وقالت "إن السود ديمقراطيون بمعظمهم. ومهما قال، هم لن يصوتوا له. إننا معتادون على التكاثف في ما بيننا". ورغم ذلك، فإن ستريكلاند التي تطوعت لأوباما، ابدت شكوكا حول ما اذا كانت المشاركة لصالح كلينتون "ستوازي المشاركة لصالح أوباما". ولفت الرئيس الشهر الماضي انتباه الامريكيين السود إلى الامر، فقال خلال حفل عشاء لمنظمة "مؤتمر السود في الكونغرس" "ليس هناك ما يمكن اعتباره صوتا لا يحدث فرقا". وقال مستنهضا تأييد السود لكلينتون "بعد أن حققنا مشاركة تاريخية في 2008 و2012، وخصوصا من مجتمع السود، سوف أعتبر الأمر إهانة شخصية، إهانة لإرثي، إن تهاونت هذه المجموعة وفشلت في تعبئة نفسها في هذه الانتخابات". وتشير استطلاعات الرأي إلى تقدم كلينتون بفارق ضئيل في كارولاينا الشمالية، غير أنها قد تحظى بدفع جديد في الأيام المقبلة بعد الفضيحة المدوية التي اثارها تسجيل نشر الجمعة، يسمع فيه ترامب يتبجح بكلام فاضح وبذيء بمضايقة النساء والتحرش بهن. وروى الحلاق بريندان واتسون في محل "اندرتون" للحلاقة في شارلوت أنه سجل مع زملائه ألفي ناخب جديد في انتخابات 2008 و2012. وقال "أتوقع أن نفعل الأمر نفسه هذه المرة. المس حسا بالضرورة الملحة داخل مجموعة السود، سوف تظهر على ارض الواقع". غير أنه أقر رغم ذلك بأن كارولاينا الشمالية ستكون معركة "صعبة". ويطرح هذا التحدي في ظل تصاعد للتوترات العرقية في الولاياتالمتحدة، تؤججها حوادث قتل سود بايدي شرطيين. وبين مؤيدي كلينتون المشاركين في حملة جمع الأصوات لها، أمهات شباب سود قتلوا برصاص الشرطة أو أثناء اعتقالهم في مراكز الشرطة، وقد شكلن مجموعة تعرف ب"أمهات الحركة". ومن بينهن جينيفا ريد-فيل، والدة ساندرا بلاند التي اثار مقتلها أثناء توقيفها في سجن بولاية تكساس حركة احتجاجات. وقالت ريد-فيل لوكالة فرانس برس ان كلينتون ربما لا تلهم السود بقدر أوباما، لكنها تأمل أن يترجم ولاؤهم للديمقراطيين أصواتا انتخابية. وترى ريد-فيل أن الصعوبات التي تواجهها كلينتون في الفوز بأصوات السود ناجمة عن قانون جنائي مثير للجدل وقعه زوجها بيل كلينتون حين كان رئيسا. وقالت هيلاري كلينتون في خطاب ألقته عام 1996 ان القانون يستهدف "المجرمين الكواسر"، في تعبير اعتبر العديدون أنه يستهدف الشباب السود. واعتذرت لاحقا عن كلامها، غير ان مشاعر الاستياء بقيت قائمة حيال هذا التصريح. غير أن ترامب لا يزال رغم ذلك عاجزا عن اجتذاب ناخبين من الاقليات. وخلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري الذي عين المرشح رسميا في يوليو، حصل على أدنى عدد من المندوبين السود منذ قرن. ومن بين هؤلاء المندوبين الذين صوتوا لترامب آدا فيشر، وهي طبيبة متقاعدة في سالسبوري، ومن أعضاء اللجنة الوطنية الجمهورية في كارولاينا الشمالية، وقد أعربت عن ثقتها بفوز المرشح بحوإلى 10% من أصوات السود تأييدا لرؤيته الاقتصادية للبلاد. وقالت إنه سيكون ضربا من "الجنون" أن يؤيد السود كلينتون، معتبرة أن الليبراليين يتحملون مسؤولية ظروف الفقر التي تعم مناطق السود. وقالت فيشر (68 عاما) "الديمقراطيون هم الذين يديرون هذه المناطق، وليس الجمهوريين". وقالت أن التربية واصلاح نظام السجون لطالما كانا من طروحات الجمهوريين سعيا لكسب تأييد السود، اكثر من الإدارات الديموقراطية التي تعمد إلى توزيع المساعدات. وأضافت "سأسأل السود: قولوا لي ما الذي فعله أوباما من أجلنا، عدا عن ان بشرته سوداء؟" موسكو تتدخل من خلال القرصنة ! اتهمت واشنطن الجمعة موسكو صراحة بأنها تحاول التدخل في العملية الانتخابية الامريكية من خلال قرصنة أنظمة معلوماتية، في تصعيد جديد ولافت للتوتر بين البلدين حول العديد من القضايا وعلى رأسها سوريا. وقبل شهر من الانتخابات الرئاسية التي ستحدد خلف باراك أوباما، سمت السلطات الأميركية للمرة الأولى روسيا بالاسم باعتبارها مسؤولة عن سلسلة عمليات قرصنة استهدفت خصوصا خوادم الحزب الديمقراطي. واعلن مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الاميركية في بيان حازم اللهجة ان "عمليات السرقة والقرصنة هذه تهدف إلى التدخل في العملية الانتخابية الاميركية"، مضيفا "نعتقد على ضوء مدى هذه المبادرات وحساسيتها، أن مسؤولين روسا هم وحدهم قادرون على السماح بهذه الانشطة ". وسارع الكرملين إلى اعتبار أن هذه الاتهامات "هراء". وعبرت المرشحة الديمقراطية للبيت الأبيض هيلاري كلينتون مرارا وبشكل صريح عن مخاوفها حول هذا الموضوع. وقال مدير حملتها الانتخابية جون بودستا ليل الجمعة "يجب أن يشعر جميع الاميركيين بالقلق حيال حقيقة أن روسيا مستعدة للقيام بأعمال معادية لمساعدة دونالد ترامب على ان يصبح رئيسا للولايات المتحدة"، مضيفا "لكن الأسوأ في هذه المسألة هو موقف ترامب الذي يدعو إلى الاعتقاد بأنه مؤيد لذلك". وردا على سؤال حول طبيعة الرد الذي سيصدر عن البيت الابيض، قال مسؤول اميركي كبير لوكالة فرانس برس ان الولاياتالمتحدة ستختار "المكان والزمان" للرد على روسيا. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته أن "الرئيس أشار بوضوح إلى أنه سيتخذ القرارات اللازمة لحماية مصالحنا، خصوصا في الفضاء الإلكتروني"، موضحا أن الأمر سيتم سرا. وتابع "على الجمهور ألا يفترض أنه سيكون بالضرورة على علم بالخطوات التي اتخذناها أو سنتخذها". وتتهم الإدارة الأمريكية الحكومة الروسية خصوصا بأنها "دبرت" عمليات القرصنة الأخيرة لرسائل البريد الإلكتروني العائدة لاشخاص ومؤسسات اميركية والتي تم نشرها على مواقع "دي سي ليكس" و"ويكيليكس" و"غوسيفر 2.0". أما في ما يتعلق بالهجمات على الأنظمة الانتخابية في ولايات أمريكية مختلفة، فترى واشنطن أنها ليست قادرة على إثبات أن الحكومة الروسية تقف وراءها، لكنها شددت على أن الهجمات نفذت "في معظم الحالات" من خوادم روسية. واشارت ادارة أوباما إلى أن محاولة كهذه للتدخل في الانتخابات ليست جديدة من جانب موسكو، قائلة ان "الروس قد استخدموا بالفعل تكتيكات مماثلة في جميع أنحاء أوروبا وأوراسيا". لكنه قلل من مخاطر هجمات الكترونية قد تهدف إلى تعطيل عمليات فرز الأصوات يوم الانتخابات، نظرا إلى الطبيعة اللامركزية للنظام الانتخابي الاميركي الذي تتولى ادارته الاف الهيئات الفدرالية والمحلية. وبعد ستة عشر عاما على المأزق التاريخي في فلوريدا خلال عمليات فرز الأصوات بين آل غور وجورج دبليو بوش، يبقى هذا الموضوع حساسا للغاية في الولاياتالمتحدة. ودخلت واشنطن في مواجهة مع موسكو بشأن النزاع السوري بعد فشل محادثاتهما الأخيرة الهادفة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في هذا البلد. وطالب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الجمعة بإجراء تحقيق يستهدف النظام السوري وحليفته روسيا بتهمة ارتكاب "جرائم حرب" في حلب، بعد قصف جديد طاول بحسبه مستشفى في هذه المدينة التي تواجه هجوما من الجيش السوري مدعوما بغارات جوية روسية. الساحة السورية خالية لروسيا يرى مسؤولون امريكيون أن روسيا تتخذ خطوات حثيثة لترسيخ مكاسبها في سوريا مع اقتراب نهاية ولاية باراك أوباما وقبل تولي إدارة أمريكية قد تكون أكثر تشددا الحكم، لا سيما مع دخول السياسة الامريكية في سوريا في طريق مسدود. وتكثف روسيا جهودها لتعزيز موقع حليفها بشار الاسد، في ظل غياب أي مؤشر إلى تغيير محتمل في سياسة واشنطن في سوريا. وعبر المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس مايك بنس عن موقف مخالف لموقف دونالد ترامب من خلال الدعوة إلى شن غارات على القوات السورية. وقال بنس إن "زعيم روسيا الصغير والمستقوي يملي اليوم شروطا على الولاياتالمتحدة (...) أريد أن أقول لكم انه يجب استخدام القوة الاميركية للرد على استفزازات روسيا". وأضاف "اذا واصلت روسيا دعم هذا الهجوم الوحشي على المدنيين في حلب، على الولاياتالمتحدة الاميركية ان تكون مستعدة لاستخدام القوة وضرب اهداف عسكرية لنظام الاسد". ودعت المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون كذلك إلى تحرك أقوى واقترحت فرض منطقة حظر للطيران، لكنها لم توضح كيف يكون ذلك عمليا. اما دونالد ترامب فأرسل اشارات متناقضة، معتبرا مرة ان بوتين يمكن ان يكون صديقا للولايات المتحدة واخرى ان اوباما ضعيف لمواجهته. وقال ترامب لمؤيديه الأربعاء في نيفادا "أنا لا أحب بوتين، ولا اكرهه. سنرى كيف تسير الأمور. سنرى (...). ربما تكون بيننا علاقة جيدة. ربما تكون علاقة رهيبة. ربما تكون علاقتنا في الوسط". واندلع النزاع السوري قبل خمس سنوات ونصف بعد ان قمعت قوات الامن السورية حركة احتجاج ما لبثت أن تطورت إلى حرب أهلية برزت خلالها تنظيمات جهادية تجاهر بنواياها تنفيذ اعتداءات على الغرب. وركز اوباما على بناء تحالف دولي لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية، متوقعا سقوط الاسد امام قوات المعارضة. لكن الاسد صمد. وأرسل بوتين السنة الماضية طائرات وقوات لمساندة حليفه ما أدى إلى استمرار النزاع الذي أودى بحياة 300 ألف شخص. وهدد تدفق اللاجئين الهاربين من الحرب بزعزعة الوضع في الدول المجاورة وتسببت موجة الهجرة إلى أوروبا بصعود التيارات الشعبوية فيها. لكن اوباما الذي وعد بعدم شن "حرب غبية" كتلك التي بدأها جورج بوش في العراق، تردد في الانخراط في النزاع وتردد في توجيه ضربة عسكرية إلى نظام الاسد بعد اتهامه بشن هجوم كيميائي في 2013. ولجأ إلى الدبلوماسية التي انتهت بموافقة دمشق على التخلص من ترسانتها من الاسلحة الكيميائية. كما عمل وزير الخارجية الاميركي جون كيري مع موسكو على إقناع الاسد والمعارضة التي تصنفها واشنطن معتدلة، باعلان هدنة واجراء مفاوضات. لكن الهدنة التي اعلنت الشهر الماضي بالكاد صمدت اسبوعا وتبادلت واشنطنوموسكو اللوم بعد انهيارها، في حين بدأت القوات السورية هجوما كثيفا على الاحياء التي تسيطر عليها المعارضة في شرق حلب. وتؤكد موسكو انها ترغب في مواصلة التفاوض، لكن المسؤولين الاميركيين يقولون ان موسكو تريد ان يسيطر الاسد على حلب لكي تكون في موقع قوة قبل بدء اي مفاوضات مع الادارة الاميركية الجديدة. اذا، ما سيكون الموقف بعد أربعة اشهر مع الرئيسة كلينتون او الرئيس ترامب؟ ويتوقع معظم المراقبين ان تكون هيلاري كلينتون اكثر تشددا من اوباما بعد ان فشلت في إعادة بناء العلاقات مع موسكو خلال توليها وزارة الخارجية. وفي تصريح لم يكن يتوقع بثه، قال كيري الشهر الماضي انه فشل في اقناع ادارة اوباما بتوجيه ضربة للاسد. ويتخذ دونالد ترامب موقفا أقل وضوحا. فرغم اعلانه أنه يؤيد إرسال 30 الف جندي للقضاء على تنظيم الدولة الاسلامية في العراقوسوريا، يبدو موقفه مبهما من الاسد. كما انه اكد رغبته في العمل مع بوتين وبأن تنأى الولاياتالمتحدة بنفسها عن حلفائها وان تتوقف عن لعب دور شرطي العالم. وقال ترامب لصحيفة "نيويورك تايمز" فييوليو "اعتقد ان علينا التخلص من داعش قبل التخلص من الاسد (...) انظر، الاسد يكره داعش وداعش يكره الاسد. انهما يتقاتلان. فهل علينا ان نذهب ونقاتلهما معا؟". وقال ترامب خلال إحدى حملاته "أليس من المستحسن ان نتفق مع روسيا؟ ألن يكون جميلا اذا ما اتفقنا مع روسيا وقضينا معا على داعش؟". وتقول دانيال بلتكا من معهد "امريكان انتربرايز انستيتيوت" ان ايا من المرشحين لم يعبر عن استراتيجية منسجمة، وكل من روسيا والصين مستعدتان للاستفادة من ذلك". وتضيف "لا اعتقد انه يمكننا الوثوق بأي منهما (...) بعد ان اصبح بوتين وبكين في موقع أقوى على مر السنوات الثماني الماضية، لا اعتقد ان هناك اي شك في انهما سيزدادان قوة مع ما نشهد من عدم الاستقرار والتقلب والتردد".