استعدادا "للديربي".. الرجاء يدخل في معسكر تدريبي    حرمان جماهير اتحاد طنجة من حضور "ديربي الشمال" أمام المغرب التطواني    المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان تطلق برنامج "نقلة" لتكوين المكونين في مجال الحق في بيئة سليمة    تأكيد الولايات المتحدة لمغربية الصحراء يثير تفاعلا واسعا في الإعلام الدولي    ابتهال أبو السعد تدعو لمقاطعة منتجات مايكروسوفت تضامنا مع الشعب الفلسطيني    تسريب معطيات المغاربة لدى صندوق الضمان الاجتماعي يصل للبرلمان ومطالب للسكوري بالتوضيح    اكتشاف حصري لبقايا مستعر أعظم جديد ي عرف باسم "سكايلا" بأكايمدن    السعودية توقف آلاف المخالفين وتشدد إجراءات الدخول تمهيدا للحج    الاتحاد الأوروبي يقر رسوما انتقامية    "البام" يطالب باحترام مطلب تشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق في ملف "دعم استراد المواشي" بعيداً عن "التوظيف السياسي"    الدولار يتراجع 1,14 بالمائة أمام اليورو    عين على اللقب.. "أشبال الأطلس" يسعون لتجاوز عقبة جنوب إفريقيا في ربع نهائي "الكان"    أخبار الساحة    تعيين بدر القادوري مديرا رياضيا جديدا لفريق المغرب الرياضي الفاسي    أمن مراكش يوقف المعتدية على الفتاة سلمى    الحرارة في بعض مناطق المغرب تتجاوز المعدلات الموسمية ب 10 درجات    أحزاب المعارضة تطالب بجلسة برلمانية للتضامن مع فلسطين    بووانو يسائل وزير التشغيل والكفاءات عن حيثيات وأضرار الهجوم السيبراني على وزارته    مبابي يتوعد آرسنال ب"ريمونتادا" في إياب دوري أبطال أوروبا    عضو بالكونغرس الأمريكي: تجديد اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء يعكس ثبات الموقف الأمريكي    مجلس النواب يستعد لافتتاح الدورة الثانية من السنة التشريعية 2024 – 2025    اتهامات ب "الإهمال" في مستشفى الحسيمة بعد وفاة سيدة أثناء عملية جراحية    بعد 30 سنة من العطاء.. الدوزي يشارك تجربته الفنية بجامعة هارفارد    أجواء سيئة تغلق الميناء في بوجدور    أكادير تحتضن المنتدى الدولي الأول للصناعة والخدمات    الجديدة جريمة قتل إثر شجار بين بائعين متجولين    الشارقة تحتضن أول اجتماع لمجلس الأعمال المغربي-الإماراتي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    المنتخب الوطني المغربي سيدات ينهزم أمام نظيره الكاميروني    فنانون مغاربة يطلقون نداء للتبرع بالكبد لإنقاذ حياة محمد الشوبي    هل فشل المبعوث الأممي دي ميستورا في مهمته؟    حين تحدّث الملك فاهتزت الإمبراطورية    الترويج لوجهة المغرب: المكتب الوطني المغربي للسياحة يطلق جولة ترويجية كبرى بتورنتو وبوسطن وشيكاغو    الطرق السيارة بالمغرب تتعزز بخط جديد يربط مراكش بآسفي    كيوسك الأربعاء | تخفيض جديد في أسعار بعض الأدوية منها المسخدمة لعلاج السرطان    من بنجرير وبغلاف مالي بلغ مليار الدرهم.. إطلاق البرنامج الوطني لدعم البحث والابتكار    الهزيمة القاسية تغضب أنشيلوتي    السعدي يفتتح جناح "دار الصانع" في معرض "صالون ديل موبايل ميلانو 2025"    عوامل الركود وموانع الانعتاق بين الماضي والحاضر    من قال: أزمة السياسة "ليست مغربية"؟    الصين تتوعد باتخاذ "تدابير حازمة وشديدة" ردا على رسوم ترامب الجمركية    لحسن السعدي يفتتح جناح "دار الصانع" في معرض "صالون ديل موبايل ميلانو 2025"    تيرازاس: الأزياء في المشاهد السينمائية ليست ترفا.. وعمل المصممين معقد    معرض الطاهر بنجلون بالرباط.. عالمٌ جميلٌ "مسكّن" لآلام الواقع    حادث اصطدام عنيف بين ثلاث سيارات يُخلف مصابين باكزناية    دينامية شبابية متجددة.. شبيبة الأحرار بأكادير تطلق برنامج أنشطتها بروح المبادرة والتغيير    «طيف» لبصيرو «مائدة» العوادي يتألقان في جائزة الشيخ زايد للكتاب    في افتتاح الدورة 25 لفعاليات عيد الكتاب بتطوان: الدورة تحتفي بالأديب مالك بنونة أحد رواد القصيدة الزجلية والشعرية بتطوان    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    دراسة: السكري أثناء الحمل يزيد خطر إصابة الأطفال بالتوحد واضطرابات عصبية    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    إشادة واسعة بخالد آيت الطالب خلال الأيام الإفريقية وتكريمه تقديراً لإسهاماته في القطاع الصحي (صور)    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بأصوات متعددة : درويش سيّد الشِّعر وشاعر الشُّعراء (*)
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 11 - 08 - 2016

لم يكن درويش شاعرا كأيّ شاعر، فقد كان شاعرا متنوِّعا ومتعدّدا ليس في موسيقاه الشِّعرية الثَّريّة وحسب، بل في صوره وألفاظه وموضوعاته، فقد كتب الحياة بتفاصيلها من اليوميّ العاديّ إلى الفلسفيّ والفكريّ، وكتب عن طفولته وصباه وكهولته وشيخوخته، وعن فرحه وحزنه ويأسه وخوفه وأمله وتطلّعاته، وعن مرضه وحصاره وموته المرتقب، وكتب عن أمّه وجدّه وأصدقائه، وعن الشّهداء والمعتقلين والثوار، وعن الأعداء الحقيقيين والمحتملين، ومنح الآخرين أصواتهم ليقولوا بحريّة آراءهم ورؤاهم، وحاورهم، فكما كتب عن الفلسطيني المعذب، كتب عن الآخر الإسرائيليّ واليهوديّ والرّجل الأبيض، ووثّق معاناة البشريّة بكلّ ما تحمل من شجن وألم، كما أنّه كتب الحبّ أبدع القصائد وأجملها، فكأنّه عاشق ولَّهه الحبّ، وأشقاه!
لقد حمل شعر درويش ثيماتٍ متنوّعة ثقافيّة وفكريّة، ووظّف كلّ مصادر الثّقافة العالميّة والعربيّة والمحليّة، فتجد في قصائده العبارات القرآنيّة والإنجليّة والتوارتيّة، وتجد الحكايات والأساطير، والموروثات الشعبيّة، وكلّها جاءت في صياغة درويشيّة خاصّة، تحمل طابعه المميَّز، لم يكرِّر أحدا، ولم يكرّر نفسه، فكان كلُّ عمل من أعماله إضافة حقيقيّة للشّعر، يربط سابقه بلاحقه ويضيف عليه، فتتناسل الأفكار وتتطوَّر كالكائن الحيّ الّذي ينمو ويشتدّ ويزداد خبرة وتجربة كلّما تقدّم في مراحل عمره المتتابعة، مستفيدا من إنجازات القصيدة الحديثة، ومضيفا عليها من إبداعه، فجاءت القصائد متعدّدة في أشكالها التّعبيرية بين القصيدة القصيرة (قصيدة الومضة) والقصيدة المطولة الّتي تستغرق ديوانا كاملا، ووجِدت في شعره القصائد الدراميّة الملحميّة كما تساوقت مع القصيدة البسيطة في بنيتها التركيبيّة، لتبنيَ عالم درويش الشِّعريّ المكتمل في تجربته ورؤاه الإبداعيّة.
لقد اعتنى درويش بشعره عناية فاقت عناية أيّ شاعر آخر بشعره، فألهم النُّقاد والدارسين، وألزمهم السّير في ركابه ومتابعته، وكان حريصا على أن يمثّل مدرسة «الصّنعة»في الشّعر الحديث، ليواصل هذه الطّريق مع من سبقه من الشُّعراء، كأوس بن حجر والمتنبي وأبي تمام، وبعث الألفاظ من مراقدها المعجميّة وجعلها حيّة في صور نابضة بالحيويّة، تختال في النّصّ كأنّها المولود الجديد المتفتِّح صوته في قصيدته.
وكما كان درويش شاعرا، فقد كان مفكرا وناثرا وناقدا أيضا، فقد بثّ في كتبه النثرية، لا سيما رسائله مع سميح القاسم كثيرا من أفكاره النّقدية المتقدّمة حول الشّعر وطبيعته وتلقّيه، وكان يدرك تمام الإدراك طبيعة الشّعر وصنعته، ويلحظ ذلك كلّ من قرأ حواراته الزاخرة بالآراء النّقدية والتّحليلية. وبذلك يكون هذا الشاعر الفذّ قد ترك مكتبة ضخمة من الأعمال الإبداعية، التي توالدت على ضفافها الكثير من الدراسات النّقدية والمقالات والحوارات، ولم يستطع أيّ شاعر أو ناقد أو دارس أو متذوق للشّعر إلا أن يكون له نصيب من شعر درويش شاء ذلك أم أبى، وسواء أأحبّ الشّاعر أم كرهه، آتفق معه أم اختلف، محقّقا تلك المقولة بحق «مالئ الدنيا وشاغل النّاس»، فحضوره في الوعيّ الثقافيّ والجمعيّ لا يُختلف فيه ولا عليه، مؤثّرا في الحركة الشّعرية، لذلك فهو سيّد الشِّعر وشاعر الشُّعراء.
* من كتاب «في ذكرى محمود درويش»، الصادر عن جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل، 2016


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.