يزخر التراث العربي بقصص وأخبار الأولين التي تم تدوينها، في كتب ومجلدات عديدة، متناولة حيوات أو أحداثا وقعت لهذا الشاعر أو هذا الأديب أو لذاك الوالي أو ذاك الحكيم أو هذا المجنون، أو هذا الطماع وذاك المحتال إلخ.. وهي قصص وأخبار انتمت في غالبها إلى الأدب العربي، الفصيح العالم منه، أو الشعبي، مما ظل الحكاة والرواة يرددونه في مجالس أنسهم، أويطالعه المهتمون بالأدب لإغناء قاموسهم اللغوي، لما تنطوي عليه بعض هذه القصص من مفردات مُفعمة بنداوتها الأولى وطراوتها البدئية، أو لما تشمله من عبر وحكم وأمثال أو لمجرد متعة القراءة والترفيه عن النفس. لذلك، اخترنا منتخبات من هذا التراث ليصاحبها القارئ الكريم، عله يجد فيها من البلاغة والفصاحة وحسن القول وسرعة البديهة، وخفة الظل والدم ومن مهارات الخطابة وأساليب المكر والحيل لبلوغ الغاية ومن الامتاع والمؤانسة، ما يملأ به وقته استفادة ومتعة. روح التضحية في إحدى الغابات الكثيفة، عاش طائر سوية مع باقي الحيوانات والطيور، وفي أحد الأيام، نشبت النار في الغابة بسبب احتكاك الخيزران، ومع الريح القوية تحولت النار إلى حريق هائل، وأصيبت الحيوانات والطيور بالرعب والخوف. شعر الطائر بالأسى لمصير الغابة، ورغب في رد الجميل عن الخلوة التي عاشها فيها، فقرر أن يبذل ما في وسعه لإنقاذها، وتوجه إلى أقرب نقطة ماء، وراح يملأ منقاره بالماء ليرميه على النار، وقام بتكرار ذلك عدة مرات ودون توقف. وكان الإله يراقب تلك التضحية وذلك التكرس فنزل على الأرض وسأل الطائر:لديك ذهن نبيل،أي نتيجة تنتظر أن تحققها من خلال بضع قطرات من الماء أمام كل هذه النيران الهائلة؟ أجاب الطائر:لا يوجد شيء لا يمكن تحقيقه مع روح التضحية، سأحاول جاهدا أن أنجز عملي وأكمله في حياة أخرى«. تأثر الإله بذلك الرد، وقاما سوية بإطفاء النيران. *عن كتاب «»تعاليم بوذا»« لبوكيو ديندوكيوكا. ترجمة رعد عبد الجليل.