بكلمات مؤثرة.. هكذا ودع زعماء وساسة العالم البابا فرانسيس    نقابات النقل الطرقي تدين صمت الحكومة وتلوح بتصعيد بسبب "احتكار المحروقات"    الفاتيكان.. وفاة البابا فرنسيس عن 88 عاما    الريسوني.. عندما تتحول معاداة الصهيونية إلى معاداة مغلفة للسامية...!    تنفيذا لوصيته.. البابا فرنسيس يختار مكان دفنه بعيدا عن تقاليد الفاتيكان    العثور على أطراف بشرية في دورات مياه مسجد في مدينة بن أحمد    وفاة حارس المرمى الأرجنتيني "المجنون" هوغو غاتي عن عمر ناهز 80 عاما    أنشيلوتي: فينيسيوس لديه عقلية رائعة    نهضة بركان يضع قدما في النهائي بتغلبه على النادي القسنطيني الجزائري برباعية نظيفة    الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس    الذهب يلامس أعلى مستوى له في ظل تراجع الدولار    تراجع أسعار النفط بأكثر من واحد بالمئة في التعاملات الآسيوية المبكرة    الأساتذة المبرزون يضربون للمطالبة بالنظام الأساسي    نهضة بركان يضع قدما في النهائي بتغلبه على النادي القسنطيني الجزائري    الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس غداة ظهوره في عيد الفصح    شاب يُنهي حياته شنقاً داخل منزل أسرته بطنجة    طنجة تفقد أحد رموز الطرب المغربي.. وفاة الفنان محسن جمال    نحو سدس الأراضي الزراعية في العالم ملوثة بمعادن سامة (دراسة)    دراسة: تقنيات الاسترخاء تسمح بخفض ضغط الدم المرتفع    توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين    الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس    الزاهي يفتح أسئلة القراءة في متون السوسيولوجي عبد الكريم الخطيبي    قمع احتجاج أمازيغي يثير سخط الحقوقيين    الأمن يتفاعل بسرعة مع أحداث عنف في القصر الكبير ويوقف ثلاثة مشتبه فيهم    المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بجامعة وجدة تشهد تأسيس أول نادٍ سينمائي    خمس لاعبين مغاربة ضمن التشكيلة المثالية لكأس إفريقيا للفتيان    "نداء القنيطرة" يدعو لإصلاح الإعلام    الخطيبي كما لم نقرأه بعد.. إرث فكري وإبداعي يهدم الحدود بين الحقول المعرفية    تفاصيل حريق المسبح البلدي بالناظور    مغاربة داعمون للقضية الفلسطينية يحتجون أمام ميناء "طنجة المتوسط"    فتح بحث قضائي لتحديد ظروف وفاة طفلين في حضانة غير مرخصة بالدار البيضاء    لقاء إقليمي بالحسيمة يسلط الضوء على آفاق الاستثمار في إطار قانون المالية 2025    مستشار ترامب: الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء لا لبس فيه    "موازين" يواصل جذب نجوم العالم    القوات المسلحة تُكوّن ضباطًا قطريين    مقاولون يقاضون "التيكتوكر" جيراندو بالمغرب وكندا بتهم التشهير والابتزاز    منتدى الصحراء للحوار والثقافات يشارك في فعاليات معرض "جيتكس إفريقيا"    القفطان يجمع السعدي وأزولاي بالصويرة    بعد القرار الأمريكي المفاجئ .. هل يخسر المغرب بوابته إلى السوق العالمية؟    "الكاف" يختار المغربي عبد الله وزان أفضل لاعب في البطولة القارية للناشئين    الأرصاد الجوية تتوقع نزول زخات مطرية متفرقة اليوم الأحد    " هناك بريق أمل".. رواية جديدة للدكتورة نزهة بنسليمان    الآلاف يتظاهرون ضد ترامب في الولايات المتحدة: لا يوجد مَلك في أمريكا.. لنُقاوِم الطغيان    الاتحاد الوطني للشغل يدعو إلى تعبئة شاملة في فاتح ماي    ندوة علمية تناقش الحكامة القضائية    لقاء يناقش دور المجلس الأعلى للحسابات في تتبع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة    الأساتذة المبرزون يحتجون الخميس المقبل    الكشف عن نوع جديد من داء السكري!    برشلونة يضع المدافع المغربي إدريس أيت الشيخ تحت المجهر … !    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    أنور آيت الحاج: "فخور بمغربيتي"    قناة إيرلندية تُبهر جمهورها بسحر طنجة وتراثها المتوسطي (فيديو)    ‪ بكتيريا وراء إغلاق محلات فروع "بلبن" الشهيرة بمصر‬    تزايد حالات السل اللمفاوي يسائل ضعف مراقبة سلاسل توزيع الحليب    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دار المقيم العام بالحسيمة : معلمة في طور الانقراض
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 24 - 06 - 2016

بناية تاريخية مهددة بالزوال، صنفتها وزارة الثقافة كمعلمة وجب الحفاظ عليها. قدمت ضمن مشروع ترميم المآثر التاريخية الذي عرض بين يدي الملك سنة 2008 وخصص له الملايين، لكن هذا لم يشفع لها أمام أطماع لوبيات العقار التي تصر على هدمها بأية طريقة.
تقف عبر السنين شامخة، تحيي كل وافد إلى قلب المدينة، أو عابر إلى الضفة المؤدية إلى سد «الجمعة» الذي يخترق مدينة تارجيست، تأبى الرضوخ لعوامل الطبيعة التي أفقدتها الكثير من جمالها أو الانحناء أمام أياد البشر التي تتربص بها في كل غفلة علها تحولها إلى حطام. تئن في صمت ململمة جدرانها المتداعية التي تحكي حجم الإهمال الذي تتعرض له رغم ما تحمله من أهمية تاريخية تنكر لها الكثيرون اليوم، بالإضافة إلى العبث في واجهتها الحضارية التي لم يُبق منها الزمان من شيء سوى ما يمكن أن يصفه العابر بأنه طيف باهت من الماضي.
تهديد
تم إحداثها أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي وتمتد على مساحة تصل إلى 3360 مترا مربعا، كانت مقرا إداريا للحاكم العسكري الإسباني بالمدينة، الذي كان يمتد نفوذه إلى دائرتي تاركيست وكتامة، ومنه كانت توجه عمليات الوجود الاستعماري الإسباني بالمنطقة، البناية تتميز بسحر الفن المعماري الأندلسي، مكونة من ثلاثة أجنحة، الجناح الأوسط مشيد على طابقين أرضي وعلوي، وهذا الأخير توجد به شرفة مطلة على ساحة كانت تقام بها الاستعراضات العسكرية، وبعد الاستقلال تم استغلال تلك الساحة كملعب لكرة القدم، والآن تحولت بقدرة قادر إلى تجزئة سكنية. أما الجناحان الشرقي والغربي فقد كانا مخصصين كسكن راق للمسؤولين العسكريين بتارجيست. الطابق العلوي شيد على أساس أن يكون مقرا إداريا للحاكم العسكري. هذه المعلمة التي توجه إليها أطماع لوبيات العقار اليوم، كانت شاهدة كذلك على حدث تاريخي بالمدينة خلال الزيارة التاريخية التي قام بها المغفور له محمد الخامس رفقة ولي عهده الأمير مولاي الحسن لتاركيست سنة 1957، وهي أول زيارة ملكية للمنطقة.
هي اليوم مهددة بالزوال رغم تصنيفها من قبل وزارة الثقافة كمعلمة تاريخية، حيث كانت البناية موضوع طلب تصنيف توجه به رئيس المجلس الإقليمي لإقليم الحسيمة سنة 2009 لوزير الثقافة، وهو الطلب الذي تبنته ودعمته المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، حيث راسلت وزير الثقافة في الموضوع، كما أن والي جهة تازة الحسيمة تاونات كرسيف وعامل إقليم الحسيمة تدخل في الموضوع وطالب المجلس البلدي لتارجيست بإدراج نقطة متعلقة بالحفاظ على البناية والقيام بالإجراءات المتعلقة بتصنيفها في جدول أعمال دورة المجلس البلدي. وبتاريخ 20 أكتوبر 2012 عقد المجلس البلدي لتارجيست دورته الاستثنائية، وتم إدراج النقطة المتعلقة بالموافقة على الحفاظ على البناية وإبقائها كمعلمة تاريخية. وقد أسفرت هذه الجهود عن إصدار قرار رقم13. 1986 بتاريخ 2 غشت 2013 يقضي بتقييد هذه المعلمة في عداد الآثار. كما سبق في سنة 2008 تقديم البناية ضمن مشروع ترميم المآثر التاريخية الذي عرض بين يدي الملك، والذي رصد لها غلاف مالي بلغ مليوني درهم.
ولكن بتاريخ 17 يناير ،2013 حسب ما صرح به فاعلون جمعويون بالمنطقة، أنه «في سابقة خطيرة وتعارض سافر مع التزامات المجلس البلدي بموجب مقرر الدورة الاستثنائية، أتت جرافة «المجلس البلدي» على الجناح الشرقي للبناية التي كانت سكنا للمسؤول العسكري الأول وقد شملت عملية الهدم جوانب أخرى من البناية». ومنذ ذلك الحين لم تتوقف أياد التخريب عن ممارسة الهدم الممنهج لعدة أجزاء أخرى منها.
رد معارض
الحديث عن هذه البناية دفع رابطة أبناء قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بتاركيست للخروج ببيان رأى فيه أبناء المنطقة تعارضا تاما مع واقع الحال والقيمة الرمزية لهذه المعلمة التاريخية، مما دفع جمعية أمازيغ صنهاجة الريف للرد على سابقيهم ببيان يستنكرون فيه كل تنقيص من الدور الذي تلعبه البناية في الذاكرة الجماعية للمنطقة، وأعربوا كذلك عن قلقهم واستنكارهم للبيان المذكور الذي اعتبروه «غير موفق وأنه بيان سياسي يفتقر للموضوعية والدقة».
الجمعية وقفت على نقطة أخرى مهمة حول ما إذا كانت البناية آيلة للسقوط موضحين أن هذا الموضوع بالذات يعود إلى اختصاص اللجان التقنية والجهات المختصة، وليس من اختصاص الفعاليات الحمعوية. «كما أن الحديث عن كون البناية استعمارية فالبوادر الأولى للمدينة أصلا كانت من تأسيس المستعمر حيث كانت عبارة عن مركز عسكري إسباني، فهل يمكن تبرير هدم قصر الحمراء بالأندلس والإرث العمراني الذي خلفه المسلمون بإسبانيا فقط بدعوى أنه إرث استعماري؟»
وعادت الجمعية عبر نفس البيان إلى التذكير بالمحطات التاريخية التي شهدتها البناية المذكورة، بحيث تعد جزءا لا يتجزأ من الذاكرة المشتركة المغربية الإسبانية وذلك بسبب الزيارة التاريخية التي قام بها المغفور له محمد الخامس رفقة ولي العهد آنذاك الأمير الحسن سنة 1957 لحاضرة صنهاجة السراير حيث خصص له أبناء المنطقة استقبالا كبيرا، ومن شرفة البناية الوسطى ألقى خطابا أمام الحشود الغفيرة من سكان قبائل المنطقة الذين رحبوا بقدومه.
البناية التي تعود للفترة الاستعمارية هي المعلمة التاريخية الوحيدة التي لا تزال صامدة أمام جشع سماسرة العقار وتواطؤ المسؤولين، يضيف البيان، وهي آخر ما تبقى من الإرث العمراني بحاضرة قبائل صنهاجة السراير «تاركيست» بعد الإجهاز على كل من «إقامة الضباط» الذي كان معروفا لدى الساكنة ب»نادي العورج» نظرا لأنه كان مقرا للخيرية وملاذا لذوي الاحتياجات الخاصة، وتم الإجهاز عليه سنة 2011 من طرف مكتب المجلس البلدي الحالي بدعوى أنه كان آيلا للسقوط. وهو نفس المصير الذي عرفته «الكنيسة « المعروفة في الدوائر الدينية والرسمية الإسبانية ب «Iglesia de Cristo de Rey de TARGUIST «، إضافة طبعا إلى المقبرة المسيحية التي تحولت من طرف القائمين والساهرين على الشأن المحلي إلى مطرح عمومي للنفايات في خرق واضح للتعاليم الدينية السمحة وتحد سافر للمواثيق والقوانين الوطنية والدولية.
هذا الوضع دفع الجمعية بمطالبة الجهات المعنية والمسؤولين بتحمل مسؤوليتهم والعمل على حماية البناية من أياد التخريب التي تتربص بها، ومن جشع سماسرة العقار والحفاظ عليها مع الإسراع في ترميمها وتصنيفها.
سابقة
بعيدا عن النقاش المحتدم بين أبناء المنطقة وموقف كل طرف من هذه البناية، نقف عند نقطة جد مهمة في هذا الملف المثير للجدل، كيف أمكن لشخص شراء معلمة تاريخية وكأنها أرض أو عقار عادي، وهو نفس التساؤل الذي تطرحه العديد من الجهات بالمنطقة، حيث يجهل إلى حدود كتابة هذه الأسطر كيفية تفويت أرض تجزئة النهضة 2 التي تتواجد فوقها المعلمة لآل اليطفتي بن حمادي بعد أن كانت في ملكية مديرية المساكن والتجهيزات العسكرية التابعة للقوات المسلحة الملكية. وهي الصفقة التي يطالب الفاعلون الجمعيون بالمنطقة بفتح تحقيق حول كيفية تمريرها والقيمة التي بيعت بها هذه المعلمة، موضحين أنها اليوم تعتبر غنيمة بالنسبة للوبيات العقار نظرا لمساحتها الشاسعة وموقعها الاستراتيجي بالمدينة. علما أن بعض المصادر يؤكدون أن الصفقة تمت في تسعينيات القرن الماضي بعد تحفيظ الوعاء العقاري الذي تقع به البناية سنة 1996 وتم بيعها بخمسين درهما للمتر المربع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.