اليوم تحتضن القاعة المغطاة بتيط مليل، لقاءً تواصليا، لمناقشة القانون 15/77، ودراسة الأخطار الاقتصادية والتبعات الاجتماعية الخطيرة المترتبة عن دخوله حيز التنفيذ ابتداءً من فاتح يوليوز المقبل. وهو اليوم الذي يذكرني بكل ذلك الخوف النابع من عيون نساء ورجال، حجوا بالمئات إلى المقر المركزي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من كافة الأقاليم والجهات، لحضور لقاء نظمته التنسيقية الوطنية لمهنيي قطاع البلاستيك بحضور الكاتب الأول للحزب الأخ إدريس لشكر، والمكتب السياسي. وهو الخوف الذي يخفي غضب شعب من مختلف الفئات، ولسانهم يقول «خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد». حينها كاد الطابق الرابع أن يضيق ، رغم كل التحايل على الممرات التي اختفت جوانبها، عندما ظل المعنيون بالسؤال الحارق، في قلب المجتمع، واقفين، كالذي ينتظر نبراس الأمل في التشارك الذي ينبغي أن يكون، خصوصا مع حكومة رفعت سقف الحديث باسم الشعب، حد الإحساس، أن رئيس الحكومة «من خلال كلامه» مستعد لأن يجعل كرسيه مقرونا بحماية المطالب الشعبية، والحال أن الرجل ، عندما أحس أنه أثقل كاهل هذا الشعب، قال إن حقيبته في يديه، وهو مستعد للرحيل، دون نية في ذلك مطبقا المثل الشعبي» شدوني لنطيح». لم تكترث حكومتنا الموقرة لوقوف هؤلاء على باب الله، مهددين بالتشرد، في ملف اجتماعي يحمل في طياته أكثر من 50 ألف أسرة على حافة الهاوية، بمعنى ستعمل حكومتنا الموقرة على تفريخ الأفواه الجائعة، بإدخال الآباء للسجون ، وإخراج الأبناء للشارع، بما في الشارع من انحرافات وتطرف في كافة الواجهات. حكومة فكرت في البهاء، بالشكل الأفقي، بمعدل «التزواق» ،ولم تفكر في عمق البهاء الذي ينبغي أن يكون. حكومة لا يسعنا هنا إلا أن نذكرها أنه:» قبل أن تضع حاوية أزبال، قم بتربية الإنسان، لكي لا تضطر لجمع الأزبال المحيطة بالحاوية كل صباح» . وهي الحكومة التي استيقظت ، وكعادتها في مجمل قراراتها، ذات صباح لتقرر تمرير قانون لم تحسب عواقبه، بدون تشارك مع المهنيين وبدون أخذ الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المترتبة عن هذا التسريع، في الحسبان، ممارسة العنف، بأحادية تمرير القوانين التي غالبا ما تكون على المقاس ، وهذا ليس بجديد عليها ، فسلسلة القوانين التي سرعت بتمريرها في الزمن الضائع من عمرها، لخير دليل على أن الحكومة في الاعمال بأغلبيتها، تغتال الوثيقة الدستورية، بيد توظف الإرادة الشعبية التي بوأتها مراكز القرار الحساسة في بلادنا، ويد تستعمل فيها أغلبيتها بهيمنة الحزب الأغلبي على باقي الأحزاب التي تشاركه التدبير، وكأن الشعب الذي اعتقد أنه نجح في ثورته الهادئة، هو الشعب الذي يعلق اليوم من أمعائه عندما يوزع الرئيس صكوك الغفران على وزرائه – بمعزل عن الذين يقرأون نواياه ويتحفظون عن نهجه- مع التأكيد على أن يظل زمام الأمور في يده، ضد أي مصلحة لشعب دفع ضريبة مقتطعة من قوته اليومي، جراء اختيارات لم تكن نتائجها في الحسبان. من حق الحكومة أن تقول أن «لا مجال لأي تأجيل للقانون رقم 77.15، المتعلق بمنع صنع واستعمال الأكياس البلاستيكية لتسويقها في السوق الداخلي، والتي تمنح بالمقابل وبالمجان للمستهلكين في نقط بيع السلع أو المواد أو تقديم الخدمات بغرض التلفيف». ومن حقها أن ترفض كل المساعي التي يقودها شرفاء الوطن، وفي مقدمتهم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ،في تطبيق القانون ضمن مراحل انتقالية تمتد على خمس سنوات من أجل منح مهنيي صناعة البلاستيك، الذين يبلغ عددهم 1000 مقاول، فرصة لإعداد حلول بديلة بعد تثمين استثماراتهم التي قاموا بضخها في وحداتهم الصناعية. ومن حقها أن لا تكترث ب 350 من اليد العاملة، تشتغل بشكل مباشر أو غير مباشر في القطاع، وأن ترمي بهؤلاء إلى أحضان البطالة. لكن من حقنا أن نمنع هذا التوجه الخطير في الدفع بالمجتمع إلى وضع اللا استقرار، وأن نرفع الصوت –عاليا- بنفس حرقة السؤال الاجتماعي، الذي نتساءل فيه اليوم ، من يريد «أن يضع عود الثقاب في نادر التبن»؟ ومن مصلحته أن يؤسس لفوارق طبقية تقسم المغرب بالفعل إلى «أهل الفوق، وأهل التحت» ؟ وهل وضعنا اليوم بالحمولة الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية ، يحتمل مثل هذه الأخطاء الفادحة ؟ والسؤال هو : ما الذي يمنع أن تجعل الحكومة من هذا القانون محطة للتشاور والتشارك من أجل بيئة بمنطق شمولي في حمايتها؟ وما مصلحة المسرعين بتمرير القانون؟ وهل الأمر مرتبط «بمصالح كبرى»، أم بفهم «على قد الحال».. مجرد تساؤلات للرأي العام. أما حكومتنا، فهي سائرة في نهجها ب»ودنين فور ميكا»..