سلطنا الضوء خلال العدد السابق، ضمن الجزء الأول لموضوع مرض متلازمة «شوغرين»، على تعريف الداء وأسبابه، ونسب المصابين به، وخلال هذا الأسبوع نتكلم في الجزء الثاني والأخير عن أنواعه، بالنظر إلى أنه يمكن تمييز شكلين أساسيين لمتلازمة «شوغرين»، الشكل الأولي الذي يظهر كمرض بحد ذاته ونطلق عليه اسم مرض «شوغرين»، والشكل الثانوي المسمى بمتلازمة «شوغرين»، حيث يصاحب الجفاف أحد أمراض المناعة الذاتية الأخرى، مثل الروماتويد، والذئبية الحمراء، ومشاكل الغدة الدرقية والكبد، والدم، التي لها علاقة بالمناعة الذاتية، والتي تعدّ من أهم خصائص المرض. وجدير بالذكر أن هناك تباينا كبيرا بين المرضى في حدة الجفاف، فعلى صعيد العيون يعطي النقص في كمية الدموع الناتج عن التهاب الغدد الدمعية، احمرارا وإزعاجا كبيرا مع إمكانية انتفاخ الغدة الدمعية٬ وفي الحالات المفرطة يصعب على المريض فتح عينه تلقائيا عند الاستيقاظ ولا بد أن يستعين لتحقيق هذا الغرض بيديه. ويمكن لجفاف العين أن يسبب أيضا تقرحا للقرنية، أما نقص اللعاب فيؤدي إلى صعوبة في المضغ والبلع، وتغير في الإحساس بمذاق الأطعمة، مع مضاعفة أكبر تتمثل في إصابة الفم بالفطريات وتسوس الأسنان، إلى جانب إمكانية تضخم في الغدة النكفية، والغدة اللعابية تحت الفك السفلي، وإذا كانت كمية اللعاب جد ضئيلة تلتصق آنذاك الأطعمة باللسان، معيقة عملية المضغ خصوصا بالنسبة للأطعمة الجافة، مع آلام في الفم تزعج المريض في نومه مع إمكانية إيقاظه منه. تصاحب المتلازمة الجفافية أثناء متلازمة «شوغرين» أعراضا أخرى، من أكثرها شيوعا، الإعياء المفرط، وعلامات مثل ظاهرة برودة الأطراف المعروفة بظاهرة «رينود»، إلى جانب خلل في عمل الغدة الدرقية، وخلل في خلايا الدم مع ظهور قلة الصفيحات، وتضخم الطحال، والغدد اللمفاوية، وآلام والتهاب في المفاصل و العضلات .ويمكن أن يخلف المرض عدة مضاعفات على مختلف أجهزة الجسم التي يمكن أن تظهر على شكل خلل كلوي، رئوي، خلل في الجهاز العصبي المركزي، أو المحيطي مع إمكانية حدوث سرطانات الغدد اللمفاوية لدى حوالي 8% من مصابي متلازمة «شوغرن» الأولية. وتتمثل الصعوبة في تشخيص هاته الحالات إذا كان المريض لا يشكو من جفاف العيون والفم، العلامتين المهمتين لتشخيص المرض، التي تفتقد في بعض الحالات مما يعسر عملية التشخيص، التي تتطلب إجراء اختبارات لتقييم إفراز الدموع، واختبارات للدم، للبحث عن أجسام مضادة متخصصة توجد عند المصابين بهذا المرض. وقد يتم التشخيص بأخذ عينة دقيقة من الغدة اللعابية من الشفة لفحصها حيث يمكن إيجاد تجمعات خلايا لمفاوية المصحوبة بتدمير مبنى الغدة السليم، وهذه الخلايا مميزة لهذه المتلازمة. لا يوجد علاج راديكالي للمرض لكن يمكن السيطرة على الأعراض التي يشكو منها المريض، حيث تستعمل بدائل الدموع ضد جفاف العيون ولحمايتها من التقرح، كما توجد كذلك مراهم للعين للاستخدام الليلي.، ومن المهم تجنب تيارات الهواء القوية، والدخان، وأجهزة تكييف الهواء، والهواء الجاف داخل المنزل باستخدام مرطب للجو، وفي حالة جفاف الفم، يمكن رش بدائل اللعاب داخله. كما أنه من الضروري المحافظة على صحة الفم، نظرا لأن البكتيريا تتكاثر فيه عندما يقل اللعاب، مع تجنب معجون الأسنان المبيض الذي يزيد من حدة جفاف الفم، علما أنه مع في حالة التهاب بعض الأعضاء يجب اللجوء إلى «الكورتيزون» أو مثبطات المناعة. ويجب الانتباه أثناء الحمل إلى مشكل من نوع خاص، إذ يمكن للأجسام المضادة الخاصة بالمرض أن تخترق المشيمة مخلفة أضرارا في قلب الجنين، لهذا يجب مراقبة قلب الجنين طوال مدة الحمل، لأن هذا الطارئ يستوجب أخد تدابير معينة يمكن أن تصل إلى حد زرع جهاز تنظيم ضربات القلب عند الولادة.