صباحًا، يجلس الحزنُ بالمقهى وحيدًا.. يشربُ سوادَ مرارته.. يطالع وجههُ المسطورَ في مِرآة الجريدة.. الجريدةُ مدادُها من دمعٍ ودمٍ.. أسطرُها من أنين. الأحرفُ أشلاءٌ وأنقاضْ.. الصوَّرُ تتوزع عبر الصفحات.. أو تتحرك من أقصى الجنائز حتى "اللُّوك" الجديد للمطربة الرخيصة.. رشفَ الحزنُ آخر جرعةٍ من مرارتِهِ وقرر أن يَنشطَ: اشترى فرشاة أسنانٍ لقبعته (في رواية شعبية واسعة الانتشار: اشترى مشطًا لصلعته). وخاتمًا كي يدثر عريه. اقتنى حذاءً جديدًا لقدميه القديمتين.. اشترى أمراضًا وأعراضًا جانبية كثيرة من الصيدلية وبخورًا وأعشاب عطار لحرق ما تبقي منه.. كان مضروبًا.. ومقسومًا.. فابتاع عكازة كي يُسْنِدَ رَأْسَهُ، كُلَّما هَدَّهُ الْهَمُّ أو التَّعَبُ.. ... لم ينس مهنتَه أن يكون أَعزَبَ دائمًا.. فاستأجر زوجةً لليلة واحدة.. وأكمل نصف دينه.. أكمل نصف عقله بالكأس.