في إطار استعداد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لوضع برنامجه الانتخابي لاستحقاقات سابع أكتوبر، واستكمالا لأشغال اللجنة الاجتماعية المتفرعة عن اللجنة الوطنية للبرنامج الانتخابي، التأمت هذه الأخيرة يوم السبت المنصرم (28 ماي 2016 المنصرم) بالمقر الوطني للحزب، حول محور «المجتمع المدني والتنمية» ترأس أشغالها د/ محمد درويش عضو المكتب السياسي وقد تميز هذا اليوم الدراسي بمشاركة فعاليات جمعوية وأساتذة باحثين بمداخلات استعرضوا من خلالها ، انطلاقا من مواقعهم تصوراتهم لأدوار المجتمع المدني في تحقيق التنمية بمختلف تجلياتها. وقد قدم الأستاذ محمد درويش عضو المكتب السياسي بكلمة تطرق فيها لتوجهات حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بعد مؤتمره التاسع في المجال الاجتماعي و الثقافي والحقوقي والتربوي والتنموي ، وركز فيها على وجه الخصوص على علاقة الاتحاد الاشتراكي بالمجتمع المدني انطلاقا من مقتضيات دستور 2011. ومما أكده في كلمته الافتتاحية للندوة ، أنه «تفعيلا لمقتضيات وجود حزب الاتحاد الاشتراكي في موقع المعارضة، تم خلال سنوات ما بعد المؤتمر الأخير، الشروع في بناء جبهة اجتماعية قوية وحقيقية وذلك عبر عقد اجتماعات وتنسيقات مع مجموعة من الإطارات الحزبية النقابية ومكونات المجتمع المدني الثقافية والحقوقية والتربوية والتنموية وغيرها، التزم خلالها الاتحاد بدعم كل المبادرات الجادة والمسؤولة دفاعا عن الوحدة الترابية للمغرب وعن الحياة الكريمة لمواطنيه والعدالة الاجتماعية وعن المجتمع الدمقراطي الحداثي المتطور. « وأضاف عضو المكتب السياسي محمد الدرويش أنه «إيمانا من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بأهمية انخراط الشباب في العمل الجمعوي وأدواره التاريخية في النهوض بالمجتمع وتطويره وكذا في تعبئة كل الطاقات في المدن والقرى من أجل مجتمع دمقراطي حداثي متطور تضمن مؤسساته لكل المواطنين كرامتهم والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والحق في التعليم والتثقيف والصحة والسكن اللائق والشغل، أولى الحزب دائما أهمية خاصة لشبابه مما جعل الأجهزة الحزبية التقريرية بعد المؤتمر الوطني الأخير تُكون لجنة مكلفة بالمنظمات الجماهيرية والعلاقات غير الحكومية ، عُهد إليها بتتبع - بمسافة بينة- عمل كل التنظيمات التربوية والثقافية والنسائية والرياضية والخيرية والدينية والتنموية والصحية والشبابية والتعليمية وغيرها والتي ينخرط فيها الاتحاديون والاتحاديات أو التي لها تقارُب مع توجيهات واختيارات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.» ولم يفت عضو المكتب السياسي الأستاذ محمد الدرويش التنويه بنضالات حركات المجتمع المدني الذي يستهدف التربية على الدمقراطية والحداثة والروح التطوعية دفاعا عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية لأبناء الشعب المغربي» . د/ عبد الرحيم العطري : المجتمع المدني والسلطة الرقمية تحدث الدكتور عبد الرحيم العطري الأستاذ الباحث بجامعة محمد بن عبد الله بفاس حول موضوع المجتمع المدني والشباب الرقمي. وفي البداية قدم تصنيفا جديدا للسلط، محددا عددها في سبعة سلط هي الثلاث التقليدية (التشريعية والقضائية والتنفيذية) والسلطة الرابعة (الإعلام) والسلطة الخامسة وهي سلطة المجتمع المدني والسلطة السادسة وهي السلطة اللامرئية أو سلطة الدولة العميقة والسلطة السابعة أي السلطة الرقمية أو العوالم الرقمية. ثم عرج الدكتور العطري على علاقة السلطتين الخامسة بالسابعة (المجتمع المدني والسلطة الرقمية) موضحا بالأرقام أن الشباب المغربي هو شباب «متصل» أو «فائق الاتصال» بشبكات التواصل الاجتماعي لكنه في نفس الوقت «شباب منفصل» عن الواقع، مذكرا بالأرقام أن هذا الشباب عازف عن السياسة في معظمه فنحن إذن، يقول الدكتور العطري، أمام جيل جديد يحاول البحث عن موقع له ، أمام جيل لم يلق حظه من الاندماج الاجتماعي، فهو شاب منفصل عن الثروات الرمزية للبلاد لكنه أكثر اتصالا بالعتاد التكنولوجي فالمجتمع المغربي –يقول العطري- يعيش على إيقاع التحول، بحيث أصبح ، على سبيل المزاح، يُدعى بالجالية المغربية المقيمة في الفيسبوك أو «شعب الفيسبوك» وهو ما جعل منه سلطة جديدة تزاحم السلط الأخرى وأشار الدكتور عبد الرحيم العطري إلى مصدر قوة هذه السلطة قائلا أنها تستمد قوتها وشرعيتها من المجهولية (يمكن لأي شاب أن ينشئ حسابا ينشر فيه ما يشاء) والسرعة والتفاعلية والولوجية والانتشارية. وختم الدكتور العطري عرضه بالقول أننا أمام جيل جديد (9 ملايين منخرط في الفيسبوك بالمغرب 80 بالمائة منهم شباب) علينا أن نصيخ السمع لهم ولاهتماماتهم محذرا من صمتهم قائلا أن صمتهم ضجيج من الكلمات، فالشباب يبحث عن اعتراف اجتماعي، لأن الدمقراطية تكمن في قوة المجتمع لا في قوة الدولة، والسلطتان الخامسة (المجتمع المدني) والسابعة (العوالم الرقمية) هما قوة المجتمع الحقيقية ذ/جمال محافظ : دور العمل الجمعوي في التنمية ومن جهته استهل الأستاذ جمال محافظ الصحفي وعضو الجمعية المغربية لتربية الشبيبة موضوع عرضه حول «دور العمل الجمعوي في التنمية» بالاعتراف ب»أننا لم نعد نمتلك الفعل الجمعوي بمفردنا، فالتحولات المتسارعة التي يعرفها المجتمع، أصبحت تطرح قضايا جديدة لا عهد لنا بها سابقا، مما يتطلب منا التجاوب معها وإدراجها ضمن اهتماماتنا وفي مقدمة انشغالاتنا. مشيرا إلى أن «الشرعية التاريخية» ذلك الرصيد الغني والمتنوع الذي راكمناه في مسارنا لن يكون ذا قيمة إلا إذا تحول إلى قوة مؤثرة وفاعلة في الحاضر والمستقبل» وبعد أن عرج على تاريخ مفهوم «المجتمع المدني» في العالم منذ القرن التاسع عشر أشار إلى هذا المفهوم حديث العهد بالمغرب. وأصبح الجيل الجديد من الجمعيات الحقوقية والثقافية والتربوية والشبيبية والبيئية ينافس المنظمات التاريخية ، موضحا أن المجتمع المدني يظل مرتبطا بالحقل السياسي بشتى توجهاته يسارية كانت أم يمينية. كما تحدث الأستاذ جمال محافظ عن المبادرة الوطنية للتنمية التي انطلقت في ماي 2005 وعن علاقتها بالمشاريع التنموية الكبرى التي تمت في بداية الاستقلال مثل إنجاز طريق الوحدة «الذي سنحتفل السنة المقبلة بذكرى مرور 60 سنة على ميلاده» ومثل أوراش التشجير بمخيمات الشباب وبرامج محو الأمية... قبل أن يطرح سؤالا في الختام وهو «ما هو المشروع الذي يمكن أن يتوحد الشباب في مغرب اليوم حول إنجازه تطوعيا كما توحدوا سنة 1957 لبناء طريق الوحدة الذي قال عنه الشهيد المهدي بنبركة – وكان المرحوم محمد الحيحي رفيق المهدي يرددها دائما- «إننا نبني الطريق والطريق تبنينا». ذ /عبد العالي خلاد: دور المجتمع المدني في حلحلة أزمات التنمية السياسية بالمغرب في مستهل عرضه في اليوم الدراسي حول المجتمع المدني و التنمية السياسية بالمغرب قال الأستاذ عبد العالي خلاد إن المجتمع المدني يرى النور بتوفر الحرية، أما نموه وتحقيقه لأهدافه فيبقى مرتبطا بطبيعة المحيط الذي يوجد فيه، بأبعاده السياسية والاجتماعية والثقافية، فكلما كانت العلاقات التي تسود المجتمع مرتكزة على القواعد الديمقراطية المؤسساتية، ومتشبعة بقيم التعدد والاختلاف، وروح المواطنة، والتنافس في خدمة المصلحة العامة، وحرية الاجتهاد، والمراقبة والمساءلة والنقد، فإن توفر هذه القواعد والقيم يفتح الفضاء الطبيعي لنمو المجتمع المدني وتطوره. « ولذلك يقول الأستاذ، إنه قبل تلمس أوجه فعل المجتمع المدني في مسار التنمية السياسية بالمغرب والمساهمة في حلحلة أزماتها، يجب الوقوف عند بعض مزاياه باعتباره مكونا أساسيا في كل مجتمع ديمقراطي حداثي»، متطرقا إلى المقومات التي تدعم قيم الحرية والتنظيم والحوار التي يستند إليها المجتمع المدني، على غرار التطوع والتنظيم والاستقلالية عن الدولة وعدم اللجوء إلى العنف وخدمة الصالح العام... وبعد ذلك تطرق إلى مفهوم التنمية السياسية و إشكالاته، مشيرا إلى تاريخ هذا المفهوم كي يعرج على أزمة التنمية السياسية الناتجة عن «الفصام» بين النموذج الغربي الدمقراطي بحمولته السياسية والاقتصادية بين القيم والبنيات الثقافية والسياسية المتجذرة محليا... وهي أزمة على مستوى الهوية والشرعية والمشاركة والتعبئة ثم التوزيع... ذ/عبد المجيد المكني : جمعيات المعاقين والمجتمع المدني أثار الأستاذ عبد المجيد المكني مشاكل وقضايا المعاقين بالمغرب موضحا أن هناك حوالي مليونين ونصف المليون من المعاقين بالمغرب، يوجد خلفهم أسرهم التي يعد أفرادها بحوالي سبعة ملايين فرد، وهو ما يشكل وعاء انتخابيا مهما ولا يُستهان به. وأشار الأستاذ إلى أنه من بين مائة ألف جمعية من جمعيات المجتمع المدني بالمغرب ليس هناك سوى 1400 جمعية مهتمة بالإعاقة، يتواجد أغلبها في محور ما بين القنيطرة والدار البيضاء فقط. ومن بين هذه الجمعيات هناك عدد كبير من جمعيات أو أصدقاء أسر المعاقين، وهي تهتم بتكوين الأسر لتأهيل ومواكبة وإدماج المعاقين. وأغلب هذه الجمعيات هي جمعيات خدماتية تهتم يتعليم المعاقين أو تأهيلهم، وهنا تكمن الصعوبة، فالدولة –مثلا في مجال التعليم- تكتفي بإعطاء المدرسة وفي بعض الأحيان تكلف المعلم وتترك ما تبقى لجمعيات المجتمع المدني وتحمله مسؤولية الباقي، وهذا يشكل خطورة لأن هذا الأخير أصبح يحمل على عاتقه عملية بناء وتأهيل وتثقيف المواطن المعاق، متناسين أن هذه مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى. ولهذا يرى ان فئة المعاقين –بمختلف إعاقاتهم - تعاني من انعدام العدالة الحقوقية وبذلك فهي تعتبر فئة لا ترقى إلى درجة المواطنة. وإذا لاحظنا أن معظم الجمعيات في المغرب تعيش بميزانية لا تفوق 5000 درهم للسنة وفقا لتقرير المفوضية العليا للتخطيط ، فإن هذا في حد ذاته حيف كبير لأننا نكلفهم بمهمة جسيمة ولا نمنحهم إمكانيات إنجاز هذه المهمة ودعا الأستاذ مكني في ختام عرضه إلى إدماج موضوع الإعاقة في برامج السياسات العمةمية لأن من شأن التغاضي عن هذا الموضوع تغاضيا عن مليونين ونصف مليون مواطن مغربي وعن 7 ملايين من أقاربهم وأسرهم. د /عبد الإلاه حسنين : أدوار المجتمع المدني في تحقيق التنمية ومن جهته، في محور المجتمع المدني والتنمية، تطرق الدكتور عبد الإلاه حسنين الكاتب العام لحركة الطفولة الشعبية في مداخلته، التي تلاها نيابة عنه الأستاذ ابراهيم الباعمراني، إلى موضوع» أدوار المجتمع المدني الذي اعتبره»العمود الفقري لنجاح أي سياسة عمومية والشريك الرئيسي في بلورة مختلف المخططات كيفما كانت مستوياتها ومنطلقاتها وأهدافها» لذلك –يضيف الأستاذ عبد الإلاه حسنين – فإن المجتمع المدني اليوم هو «نتيجة لسيرورة تاريخية بدأت مع الحركة الوطنية واستقلال المغرب وتكون الأحزاب الوطنية والنقابات العمالية والجمعيات المتنوعة الاهتمامات والمختلفة المجالات ::وساهم في تطوير مختلف أساليب وأدوات التعبير الحر والنزيه وفاوض على الانفتاح والتناوب والتوافق...» وأوضح الدكتور حسنين أن «مجالات تدخل المجتمع المدني قد تعددت وامتدت من التربية والترفيه والتثقيف إلى الطفولة والمرأة والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة إلى تخليق الحياة العامة وملاحظة تدبير الشأن المحلي والعمومي... وهكذا عمل المجتمع المدني على تكملة أدوار الدولة بطريقة مباشرة أو عبر طرق التنبيه والشراكة والتعاون والاقتراح وتقديم البدائل...» كما أبرز «دور المجتمع المدني في المساهمة في اتخاذ القرار من خلال الضغط المباشر على الحكومة أو عندما تنظم السلطات العمومية ملتقيات وفضاءات ومنتديات للتشاور والحوار، وبذلك انتقلت الجمعيات إلى مرحلة الجمعيات المتخصصة التي توسعت شراكاتها وعلاقاتها وانخرطت في العمل الدولي...» وعرج الأستاذ حسنين على الجانب التاريخي قائلا «أن الجمعيات عملت خلال الستين سنة الماضية على تربية الشباب وتثقيفهم وتكوينهم كمواطنين قادرين على بلورة أفكار جديدة على صعيد المجتمع وكفاعلين في الميدان السياسي والاجتماعي» و أضاف المتدخل أن من بين الأهداف التي رسخها المجتمع المدني مبدأ التطوع التلقائي الذي يتربى عليه الفرد ويقبل به ويعمل على تمريره للآخرين ... وهو المبدأ الذي يمكن اعتباره دعامة أساسية لاستمرار العمل المجتمعي المدني وقيمة حضارية لا زال لها نفس الأثر رغم التحولات السوسيوثقافية التي عرفها ويعرفها مجتمعنا» وبعد أن أكد الأستاذ حسنين على دور العنصر البشري باعتباره الثروة الحقيقية للأمم، تقدم بعدة مقترحات سجلتها اللجنة لنضمينها في البرنامج الانتخابي للاتحاد الاشتراكي. ذ /مصطفى بنرهو : المجتمع المدني والدمقراطية التشاركية تطرق عرض الأستاذ مصطفى بنرهو عضو حركة الطفولة الشعبية والخبير في مجال الطفولة والشباب، الذي ألقاه نيابة عنه الأستاذ أحمد العاقد، لموقع وأدوار جمعيات المجتمع المدني في الدمقراطية التشاركية ، مبرزا بأن جمعيات ومنظمات المجتمع المدني لها أدوار ووظائف في تنمية المجتمع من خلال ما تقدمه من خدمات للمواطنين ومن خلال التعبير عن مشاغل الناس وتمكينهم من الدفاع عن مصالحهم والقيام بأدوار الوساطة لإيصال صوتهم للدولة...من هنا نلاحظ تزايد الرغبة العارمة من طرف المنظمات والجمعيات للتأهيل وممارسة المواطنة الدمقراطية وتفعيل العمل التشاركي خصوصا في هذه الفترة من تاريخ المغرب التي تعيش على مقتضيات دستورية تنص على الوظيفة الدمقراطية والتنموية للمجتمع المدني... وذلك في إطار الدمقراطية التشاركية» كما أشار إلى أن جمعيات ومنظمات المجتمع المدني أصبحت أمام نظام يمكن من مشاركة المواطنين في صنع القرارات السياسية عن طريق التفاعل المباشر مع السلطات القائمة» وأثار المتدخل-بناء على ذلك- مجموعة من التساؤلات من قبيل: كيف تتم هذه المشاركة؟ هل تكفي الاستشارات الكبرى؟ هل تؤخذ مطالب السكان بعين الاعتبار؟ ألا يتخوف ممثلو السكان على مواقعهم من هذا النوع من الاستشارات؟ وعرج الأستاذ مصطفى بنرهو على الطريق المؤدي للدمقراطية التشاركية وتطويرها لجعل المواطنين في قلب القرارات التي تعنيهم، مشيرا إلى أن المفهوم الجديد للعمل الدمقراطي أعطى منظمات المجتمع المدني مكانة جديدة مما جعل منظمات المجتمع المدني أداة سياسية لتعزيز الشرعية الدمقراطية للمؤسسات.»ونتيجة لذلك فقد أصبحت المشاركة في السياسات العمومية من جانب جمعيات المجتمع المدني تفرض نفسها في المشهد السياسي، كعلامة من علامات التحديث، وأشار المتدخل إلى أن الدستور الجديد قد أقر العمل على ضبط آليات وميكانزمات التنسيق والمتابعة والتوجيه من أجل إعمال مرتكزات العمل التشاركي مشيرا إلى الفصول التي تتناول هذا الموضوع (الفصل 12 و13 و136 و26 و170 .)