الخطب الرسمية التي تدعو الى ضرورة تنظيم الباعة المتجولين، من خلال تخصيص أماكن لاشتغالهم بشكل يصون كرامتهم، بمختلف أقاليم وعمالات المملكة، دفع سلطات مدينة الجديدة الى تهيئة مشروعا قرب أسوار الحي البرتغالي، قبل أن يتفاجأ المشرفون على المشروع بظهور احتجاجات مطالبة باحترام المعلمة التاريخية، وعدم الاستمرار في انتهاك حرمتها، بعدما كانت ذات السلطات قد أنشئت بجوارها ملاعب للقرب، تقبّلها المتتبعون، على مضض.خاصة وأن البعض طمأنهم أنها ملاعب مؤقتة مركز الدراسات والأبحاث للترات المغربي البرتغالي يتبنى مركز دراسات وأبحاث التراث المغربي البرتغالي الذي يعتبر من بين رافضي إنشاء السوق الجديد تحت أسوار الحي البرتغالي أوضح مديره، أبوالقاسم الشبري، أن «المركز مع حق الباعة المتجولين في ممارسة تجارتهم في ظروف إنسانية لائقة، ووسط جو يسوده الأمن والأمان، ويحفظ كرامة الإنسان، لكنه يرفض، في الوقت ذاته، كل استغلال سياسي أو شخصاني لقضيتهم، والكيفية التي ستتم بها إعادة إيوائهم»، مطالبا بضرورة احترام مناطق الحماية والارتفاق الملحقة بالحي البرتغالي في تصنيفه العالمي. وأوضح الشبري أن قرارات ومواثيق منظمة اليونسكو تنص على احترام منطقة الارتفاق التي تشمل الفضاء المعني، والمقبرة اليهودية، وأجزاء من أحياء سيدي الضاوي، ودرب العرصة، والسوق القديم، والقلعة، وساحة الحنصالي، وساحة محمد الخامس وبنايات الفترة الاستعمارية المحيطة بها، ثم كل مجال ميناء الجديدة، محذرّا من ما أسماها «العواقب الوخيمة التي ستترتب على نقل الباعة المتجولين، أو العشوائيين، إلى سور الحي البرتغالي، وما سيتولد عن العملية من أزبال وقمامة وأوساخ وتعفن». وفي الوقت الذي ثمّن الشبري المبادرة الملكية لإيجاد حلول للقطاع غير المهيكل، بما يضمن كرامة الإنسان ويحفظ للفضاء العام رونقه ونظامه وأمنه، عبّر الشبري في لقاء مع الاتحاد الاشتراكي عن رفضه «كل مبادرة كيفما كان شكلها أو مصدرها، قد تلحق ضررا ماديا أو معنويا بالمعالم التاريخية والتراثية»، مضيفا إلى أن «تنظيم الباعة الجائلين يحتاج إلى مقاربات سوسيولوجية، وسوسيو- سياسية، وسوسيو- اقتصادية، وأمنية، وتراثية، وفنية، بعيدا عن الاستعجال، حتى لا يُعالج مشكل واحد بإنتاج إشكالات متعددة وعويصة». وعن ما تم تشييده وسط السوق الجديد، طالب الشبري بضرورة اقتلاع كل ما تم تثبيته أو بناؤه بساحة أحفير خلال الشهر الجاري، مبديا اعتراضه على طريقة إيواء الباعة الجائلين، والكيفية التي تتم بها تهيئة الفضاء المزمع إحداثه على طول السور الشمالي- الغربي للحي البرتغالي المصنف تراثا وطنيا وعالميا، مشيرا إلى أن «الفضاء المعني هو تماما مجال الخندق المائي الذي كان يحيط بالقلعة البرتغالية، والذي ورد بشكل واضح وصريح في صياغة قرار اليونسكو لتسجيل الحي البرتغالي تراثا عالميا». وحذّر رئيس مركز دراسات وأبحاث التراث المغربي البرتغالي السلطات المغربية من انعكاسات المشروع على موقف منظمة اليونسكو تجاه التزامات الدولة المغربية، «ما قد يجر على البلد ويلات ومتاعب هو في غنى عنها»، مؤكّدا على أن المركز يحتفظ لنفسه بحق إشعار اليونسكو، ما لم يتم إيجاد حل عاجل لهذا الإشكال، ومذكّرا بالقيمة الكبيرة التي يحظى بها المغرب لدى اليونسكو بفعل احترامه لالتزاماته، وبفضل مساهماته في إشاعة فلسفتها في باب الثقافة والتربية والسلام». وختم مدير المركز تصريحه الصحافي أن «كل التطمينات والتبريرات التي قد يتم التحجج بها اليوم، سوف لن تجدي نفعا بعد مرور بضعة أشهر فقط»، مشيرا إلى أن متتبعي هذا الملف واعون بالمعطيات السوسيولوجية التي تغيب عن أذهان الكثيرين، مسجّلا بكلّ أسف الانعكاسات السلبية للمشروع على الصورة العامة للمغرب عالميا، وللتراجع الذي سيعرفه إقليمالجديدة على مستوى منسوب السياحة الخارجية والداخلية على حد سواء الجماعة الحضرية بالجديدة تتحفظ على مشروع زنقة أحفير مكتب التواصل الجماعي أكد المسؤول عنه على أن المجلس البلدي نبّه، خلال أول اجتماع له مع الجمعيات المعنية والمصالح المشرفة على المشروع، إلى ضرورة الانتباه للمعلمة التاريخية المراد إنشاء سوقٍ بالقرب منها، خاصة وأن المصالح البلدية اتّخذت، في وقت سابق، مجموعة من التدابير من أجل الرفع من قيمة الحي البرتغالي، مشيرا إلى أن «المشرفين على المشروع يؤكّدون حصولهم على موافقة وزارة الثقافة، بحجة أن البنايات هي التي يُمنع تشييدها بالقرب من المعالم التاريخية». وأضاف أن الجماعة أبدت تحفّظها حول نقطة إنشاء سوق قرب الحي البرتغالي، سواء خلال اجتماع مسؤوليها مع الجهات المعنية بالمشروع، أو خلال مناقشة النقطة في إطار اللجنة المختصة بالبلدية، أو خلال إحدى دورات المجلس، دون أن تتمكن الجماعة من رفض المشروع الذي يحتوي على مجموعة من النقط، ويدخل في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي رصدت غلافا ماليا كبيرا، من أجل رفع التهميش على الباعة المتجولين» وفي انتظار ما ستسفر عليه جولات الحوار ما بين الباعة المتجولين الذين دخلوا في تنظيم نقابي بشكل مثير للجدل وبين جمعية أنشأت داخل عمالة الإقليم تضم بعض مسؤولي الإدارة الترابية المتقاعدين من أجل تقريب وجهة نظر مسؤولي العمالة والباعة الذين يرفضون استيطان المكان الذين أنشأته السلطات الإقليمية في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تبقى جميع الاحتمالات قائمة خاصة وأن البعض يلوح اليوم بالورقة الأخيرة وهي اليونسكو التي صنفت جدران الحي البرتغالي تراثا عالميا