لن أقول لك تواضع أيها الدجاج الأبيض، ولك جلابيب الفقهاء الناصعة، نفَّع الله ببركاتك الفقراء، يوم كنت صديق الفقراء. ولن أقول لك انزل من برجك العاجي أو بُرج الجوزاء، وتدلى نحو برج الدلو أو برج بويا عمر، حيث دانيات القصدير والبيوت الواطئة تتدلى داليات للفقر والهشاشة، يا هش العظام وإن تَعَظَّمْتَ أو تَضَخَّمْتَ، فلن يَشْتَدَّ لك عُودٌ، يا صديق الرخويات المرتخي تحت دفء ونور الكهرباء. لن أقول لك، كن أصيلاً، وأنت الدخيلُ، سليلُ زمن السرعة، نَسِيلُ الكهرباء، ومن مُسوخهما مثل سندويش عابر، في يد ابن سبيل عابر. لن أقول لك يا أبيض من سنوات حكومتنا البيضاء، لأن سواد الزيادة فيك، ومعها، أتى على سوادنا الأعظم، حتى وصل نصله إلى العظم، فما عدنا نفرق بين بصل أو تفاح، ولا بين خيط أبيض وخيط أسود. أيها الدجاج الأبيض، يا رمقًا أخيرًا في جيوب الفقراء، وفي جوع الفقراء، لست ديكًا بلديًا ولست ديكًا روميًا أو حبشيًا، حتى تتقوى علينا اليوم، وتُفرعن إزاء هشاشتنا، لتكتم أنفاس الفقراء الضعفاء. أيها الدجاج الأبيض، إن كنت ابن عصر السرعة، فسر في سعرك كما تمشي على الأرض، لا كما تصعد الصواريخ مخلفة الحرائق خلفها، ففي السرعة الندامة وفي التأني السلامة، أو سر كما تسير السلحفاة، أو الحكومة عند مطالبتها بالزيادة في الأجور أو بالسرعة في محاربة الفساد، أو بإخراج البلاد من كل هذا الكساد. حيث تمشي الحكومة أو تقف في الواقع مشي ووقوف الضعفاء، وتندفع في الكلام اندفاع الأقوياء. لا شيء يميزك أيها الدجاج الأبيض، كي تتعالى علينا، أو تترفع على الفقراء، فَكُلُّكَ متشابه، وكل دجاجة فيك تشبه الأخرى، لونًا وشكلاً وطعمًا ورائحة (حاشي السامعين)، ولكل متشابه شُبُهات. اسمع جيدًا أيها الدجاج الأبيض، فإن أَسْمَاكَ الفقراء منا بطير الدجاج، فإننا جميعًَا نعلم أنك أبدًا لن تستطيع أن تطير لوحدك، مهما نبت لك من ريش، ومهما استطال لك جناح، وإذ تقفز الآن نحو الأعالي كل هذه القفزات المتصاعدة، فقط بفضل حكومة حط الطير على رأسها، وهي تقف اليوم مشدوهة دائخة تالفة، لا تعرف ما تقدم ولا ما تؤخر، لأنها منذ عامها الأول وهي لا تَقْدِمُ إلاّ على الزيادات، ولا تؤخر إلاّ الإصلاحات، ولا تزيد الفقراء إلا تفقيرًا. لذلك تأكد أيها الدجاج الأبيض، أنك مهما تعاليت لن تطير.. أما الحكومة فمن المؤكد الأكيد أنها قريبًا ستطير يا طير الدجاج.