إن قضية الاصلاحات السياسية كانت دائما أولوية في حزبنا، والاصلاح السياسي هو المدخل لكل الاصلاحات الاخرى الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية والثقافية. ولذلك يجب الإقرار بأن قانون الاحزاب السياسية، كآلية لعقلنة وتأطير الحقل الحزبي والسياسي بشكل عام، لم يحقق أهدافه المتمثلة في تأهيل المؤسسة السياسية وحل كل إكراهاتها حتى تكون قوة للتأطير والوساطة والتمثيلية وخلق النخب كما أقر بذلك التقرير التركيبي الذي أعدته اللجنة المكلفة بتقييم انتخابات 7 شتنبر 2007 بخصوص القانون المتعلق بالأحزاب السياسية إن موضوع القانون المتعلق بالاحزاب السياسية يبقى إحدى النتائج الاساسية لإعادة بناء الحقل السياسي. ولا أحد ينكر بأن هذا الحقل في حاجة الى إعادة تنظيم صحيح. إن المغرب أرسى أسس التعددية السياسية غداة الاستقلال، لكن الأحداث التي سبقت هذه المبادرة أدت، تحت ذريعة الظروف، الى تكاثر الاحزاب السياسية دون أن يوازي ذلك تنوع في برامجها. ولهذا كان المأمول هو أن يتمكن قانون الاحزاب السياسية من عقلنة الحقل السياسي، لكن ذلك لم يحصل . الشيء الذي يدفعنا الى إعادة طرح السؤال: أي حقل سياسي نريد لبلادنا؟ فمن غير المقبول اعتماد الاساليب التعسفية لتقليص عدد الاحزاب السياسية ،ويتعين أن يتوفر المغرب على ترسانة قانونية وتنظيمية خاصة بالعمل السياسي تحفز الاحزاب على الانخراط في مسلسل تحالفات أو اندماج في هذا الاتجاه، يتعين أن يساهم في ذلك نمط الاقتراع ونظام العتبة. بموازاة مع الشق المتعلق بالدعم العمومي الذي يجب ملاءمته حسب التمثيلية الحقيقية للاحزاب في الساحة السياسية. والهدف ليس هو إقصاء بعض الاحزاب، ولكن الحرص على أن يكون لكل و احد منها برنامجها الخاص. ومن المستحيل إقناع الناخب بأن عدد الاحزاب السياسية أكبر خمس مرات من عدد البرامج المقترحة. وهذا الغموض هو أحد الاسباب التي تقف وراء عزوف المواطن عن صناديق الاقتراع. وهكذا، اذا كنا نريد حقلا سياسيا معقلنا، علينا أن نعد له الظروف الموضوعية الضرورية، خاصة وأن المغرب على أبواب إقرار مفهوم الجهوية الموسعة الذي يمكن أن يكون المؤطر لإحداث أحزاب سياسية جهوية. وهذا ما يؤكد أهمية طرح نقاش حول جمود وعدم فعالية قانون الاحزاب السياسية حتى تكون في مستوى انتظارات مكونات الحقل السياسي. ويجب التذكير بأن قانون الاحزاب السياسية فشل فشلا ذريعا إزاء إحدى أخطر الظواهر السياسية، ويتعلق الامر »بالترحال.« فبنية مقتضيات الفصل 5 من قانون الاحزاب، بالرغم من أهميتها، تجعله اختياريا خاصة وان العقوبات التي ينص عليها تقتصر على ذعائر رمزية في أبعادها. ولهذا يجب: - إصدار نص صريح يحرم «»الرحالة« « من صفته التمثيلية من أجل وضع حد لهذه الظاهرة. - تعميم هذا النص على جميع الاوضاع التمثيلية الاخرى النيابية والمحلية والمهنية. - إدماج هذا النص في مدونة الانتخابات. - إقصاء كل غموض يشجع «»الترحال»« بإجبار الاحزاب السياسية على اقرار مسطرة داخلية تنسجم مع النصوص السابقة. بخصوص الحقوق والحريات العامة في ما يتعلق بالحقوق والحريات العامة، يعتبر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن الانجازات التي حققها المغرب تتطلب مزيدا من التثبيت لتفادي أي رجوع الى نقطة البداية. ولذلك من الاولوية مراجعة القوانين المتعلقة بالحريات العامة في الميادين الثلاثة الاساسية: النشر والاعلام، التجمعات العمومية وتأسيس الجمعيات، وبالموازاة مع ذلك يجب مراجعة محتوى المساطر الجنائية المتعلقة بالحريات العمومية. ومن الاساسي أيضا طي صفحة سنوات الرصاص نهائيا، ومن أجل ذلك يجب تنفيذ توصيات هيئة الانصاف والمصالحة التي ظلت معلقة، والكشف عن كل الحقيقة في ملف اختطاف واغتيال الشهيد المهدي بن بركة. في ما يخص قطاع الاعلام السمعي - البصري، يتعين إصلاح القطب العمومي ومراجعة السياسة الإعلامية العمومية، وهو ما سيؤدي الى مصالحة المواطن المغربي مع وسائل الاعلام العمومية، ويعطيها المصداقية على المستوى الدولي. بموازاة مع ذلك، يجب فتح القطاع في وجه المستثمرين الخواص من أجل خلق نوع من التنافسية على الصعيد الوطني بهدف دفع وسائل الاعلام الى عصرنة أدوات اشتغالها، واكتساب مزيد من الاحترافية مثل باقي الدول. وفي الختام فإن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يدعو الى تسريع إصلاح القضاء وهو ما سيكون له أثر ايجابي على علاقة المواطن بالمحاكم. وبالتالي تجسيد دولة القانون ، والقضاء على كل مظاهر الرشوة التي تمس بصورة المغرب. بخصوص الادارة الترابية للبلاد يعتبر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن سياسة الادارة الترابية الوطنية تتطلب تعزيزأ أكبر رغم ما تتميز به من جوانب ايجابية متعددة، فالمغرب الذي اقترح مشروع الحكم الذاتي للصحراء وأطلق مشروع الجهوية الموسعة، يجب أن يقر سياسة مصاحبة متقدمة جدا على مستويين: في ما يتعلق باللامركزية: تتطلب عدة قطاعات إدخال تكنولوجيا جديدة لمواكبة التطورات الحاصلة في هذا الاتجاه. على مستوى الهيئات الترابية اللامركزية: يتطلب نظام الجماعات القروية والحضرية ونظام المجالس الاقليمية ومجالس العمالات والأقاليم، مزيدا من الاستقلالية اللوجستيكية والمالية من أجل إنجاز البرامج التكميلية لسياسة الدولة من جهة ،وتجسيد سياسة القرب من جهة أخرى. بخصوص الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوربي بفضل الأوراش الكبرى التي أطلقها منذ سنوات، أتيحت للمغرب فرصة تاريخية للاندماج في برنامج التنمية بالتعاون مع دول الاتحاد الاوربي، وبهذا الخصوص يعتبر الاتحاد الاشتراكي أن هذا الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوربي يجب أن يحفز المغرب على بلوغ الحد الأدنى من المبادرات والقوانين والآليات، والقواعد التي أقرتها دول الاتحاد الاوربي. وهذا الرهان هو مسؤولية مشتركة لكل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين. خاتمة إن تصور الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية واضح في ما يتعلق بالاصلاحات الدستورية، فالتراكمات المسجلة بالموازاة مع الأوراش الكبرى بالبلاد تفرض بالضرورة اصلاحات دستورية، من ضمنها القضايا المرتبطة بالحكم الذاتي في الصحراء والجهوية الموسعة، واللغة وعقلنة العمل البرلماني وكلها قضايا تتطلب إصلاحات دستورية.